عادي

«نستطيع أن نكون أبطالاً» .. خيــال بــلا ملل

22:31 مساء
قراءة 4 دقائق
1
1

مارلين سلوم
في بداية انطلاقتها، اعتمدت منصة «نتفليكس» على عرض أعمال معروفة منها القديم، ومنها الحديث، ثم اتجهت سريعاً نحو الإنتاج السينمائي والتلفزيوني الخاص، لتنافس بقوة في عرض أقوى الأفلام، والمسلسلات. وما زاد من نجاحها كثافة الاعتماد على المشاهدة المنزلية، وإغلاق الصالات، ثم العودة الخجولة للعروض فيها في ظل جائحة «كورونا» المستمرة. ومن الإنتاج الحديث للمنصة فيلم «نستطيع أن نكون أبطالاً»، الذي يأتي من ضمن سلسلة أفلام عائلية نجحت المنصة في إرضاء كل أفراد العائلة بها، وجذبهم للاستمتاع ب«لمّة الأسرة» أثناء مشاهدتها.
ويبدو أن «نتفليكس» لا تغامر جزافاً، بل تجيد اللعب مع الكبار، بتقديم أفلام تستطيع من خلالها مجاراة أقوى شركات الإنتاج السينمائي الأمريكية؛ وها هي تفتح الباب أمام انطلاق سلسلة أفلام لأبطال خارقين جدد، على غرار «مارفل»، و«دي سي»، لكن أبطالها من الجيل الجديد القادر على جذب الأطفال، والمراهقين، وهي المرة الأولى التي نرى فيها أبطالاً من هذه النوعية من أفلام الأساطير الخرافية، والمغامرات، مصنوعة للصغار، والشباب، بأبطال يشبهونهم.
«نستطيع أن نكون أبطالاً» تأليف وإخراج روبرت رودريجيز. وحين تقول روبرت رودريجيز، يتبادر إلى ذهنك «المارياتشي» (1992)، وسلسلة أفلام «الأطفال الجواسيس». هذا المخرج الأمريكي المكسيكي معروف بأنه محترف في صناعة أفلامه ومسلسلاته من ألفها إلى يائها، فهو يكتب، ويعد، ويخرج، وينتج، ويتدخل في كل تفاصيل أعماله. ليس تقليدياً في أفكاره، ولا ينشغل بالميزانيات الضخمة في كل عمل يقدمه، حيث استطاع مثلاً أن يقدم «المارياتشي» بميزانية لم تتجاوز سبعة آلاف دولار ليحصد إيرادات تخطت المليوني دولار، لكنه في المقابل ينشغل بتقديم ممثلين أبطالاً من أصول لاتينية، وفي هذا الفيلم يجعلهم يتحدثون باللاتينية، ما يدل على مدى اعتزازه بها.
 توليفة جميلة
طبعاً لرودريجيز خبرة في أفلام «الأكشن» والمغامرات، ومحاكاة الأطفال بلغة يحبونها. وفي «نستطيع أن نكون أبطالاً»، يقدم توليفة جميلة من خلال نقل مهمة إنقاذ العالم، بل الكون، من الأبطال الخارقين من أجيال الآباء والأمهات إلى أبنائهم. ويبدأ بمشاهد تعريفية ترويها ميسي مورينو (يايا جوسيلين)، تحكي عن يوم سقط الأبطال الخارقون جميعاً، ونهض آخرون. ويجمع رودريجز في فيلمه أبطالاً «لا يُقهرون» (كالعادة)، ماركوس مورينو المدير المسؤول عن فريق الأبطال، الفتى المعجزة، تكنو، الرجل القرش وزوجته «فتاة الحمم»، البرق الخاطف، السيدة فوكس، غضب البرق الأحمر، وزوجها كريمزن ليجند.
 ماركوس مورينو (بيدرو باسكال) يوصل ابنته ميسي إلى المدرسة ويكمل إلى عمله في مركز «الأبطال»، هو المدير المسؤول عن الأبطال والمهام التي يقومون بها، لكنه وعد ابنته منذ وفاة زوجته ألا يخرج في مهمة خارج مكتبه، حيث يدير العمليات، لكن شيئاً ما حصل في ذلك اليوم، جعله يتواصل مع ابنته ويعتذر لها عن اضطراره إلى التراجع عن وعده، وأرسل سيارة تأتي بها من المدرسة إلى المقر الرئيسي لمؤسسة «الأبطال».
تفاجأ ميسي بوجود كل أبناء الأبطال في هذا المكان، كل يقدم نفسه وقد ورث عن أبويه شيئاً من القوة الخارقة، وايلد كارد (ناتان بلير) العقل المدبر وصاحب القوى الخارقة والمتعددة، نوديلز (ليون دانيالز) صاحب اليدين المطاطيتين، ويلز (أندي والكن) وقوته في رجليه، كابيلا (لوتوس بلوسوم) صوتها خارق، سلومو (ديلان هنري لو) شديد البطء ولكنه قاهر، فايسميكر (أندرو دياز) القادر على تحويل وجهه كيفما يشاء، ريوايند (إيسايا راسل بيلي) وفاست فوروورد (أكيرا أكبر) شقيقان أحدهما يعيد الأحداث إلى الوراء، وشقيقته تسرعها إلى الأمام، وأصغرهم جوبي (فيفيان بلير) تجمع قوتي والديها اللذين صنع رودريجيز عنهما فيلماً عام 2005 «مغامرات فتى القرش وفتاة الحمم ثلاثية الأبعاد»، فهي تصنع من الماء أشكالاً تواجه بها الأعداء، وتملك قوة القرش وشراسته رغم صغرها، وأخيراً أوجو (هالا فينجاي) الصامتة التي يمكنها معرفة ما سيحدث معبرة عنه برسومات تلتقطها وتفهمها سريعاً ميسي التي تبدو شديدة الذكاء.
ميسي لا تملك أية قوة خارقة، لأن والدتها كانت إنسانة عادية، كما تقول لباقي الأطفال، لكنها من هذه اللحظة ستكتشف أين تكمن قوتها الحقيقية؛ فأثناء وجود الأطفال في غرفة معزولة، يشاهدون في «نشرة أخبار المركز» وفي نقل مباشر كيف يتعرض آباؤهم لهجوم من كائنات فضائية غريبة تتمكن من أسْرهم جميعاً، وبفضل رسومات «أوجو» تدرك ميسي أن الكائنات ستأتي لتقبض على الأطفال أيضاً، لذا يضعون خطة للهروب رغم أوامر «الآنسة جرنادا» (النجمة الهندية بريانكا شوبرا) المسؤولة عن المركز.
وتنطلق مغامرات الأطفال الذين يستطيعون الخروج والتحليق عالياً مستخدمين قواهم الخارقة، فيصلون إلى حيث تسكن الجدة مورينو (أدريانا بارّازا)، جدة ميسي، وهي في الأصل مدربة الأبطال الخارقين، أي الآباء، وتساعدهم على الهروب لكنها تقع في فخ الكائنات الفضائية، وتتوالى الأحداث ليصل الأطفال بدورهم إلى المركبة الفضائية ليخلّصوا آباءهم من الأسر.
تشويق
مئة دقيقة من الأحداث المشوقة.. الفيلم محبوك جيداً بحيث لا مجال للملل فيه، خيال لا تبحث فيه عن الواقعية، يحافظ على نفس خط هذه النوعية من الأفلام من حيث اللمسة العاطفية، وتحريك مشاعر المشاهدين للتعاطف مع أبطالهم، والخوف عليهم طوال الوقت، لكنه يتميز بالسخرية من أفلام الأبطال الخارقين الذين قدمتهم لسنوات «مارفل»، و«دي سي»، وإن كان يمشي في طريقهما ويمهد لانطلاق سلسلة جديدة من النوعية نفسها، إنما مع أبطال خارقين من الجيل الجديد. وعلى لسان أبطاله الأطفال، يسخر رودريجيز من ملابس الأبطال الخارقين المعروفين لأنها غير منطقية في معظمها، إضافة إلى ملاحظات مضحكة يبديها الصغار أثناء مشاهدتهم لآبائهم وهم يُهزمون.
«الخارقون الصغار» سيرثون مشاكل الأرض وعليهم حلّها، عبارة يختتم بها رودريجيز فيلمه ليجعل من المشهد الختامي بداية ظهور الأبطال الخارقين الجدد الذين يقدمهم بأزيائهم المميزة، والتي تبدو أكثر تطوراً وأقرب للمنطق من ملابس آبائهم. ولا يخرج المشاهدون الصغار بلا رسالة موجهة بشكل مباشر إليهم، تؤكد أن القوة الحقيقية تكمن في التعاون، والعمل الجماعي، والإيمان بالذات، وهي نفس تيمة الأفلام الأمريكية «الخارقة» ومنذ سنوات.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"