خطاب الجهلاء

00:18 صباحا
قراءة دقيقتين

منذ مجيء‏ جائحة «كورونا»، وما رافقها من تداعيات وآثار أضرت بالعالم، أفراداً ومؤسسات، بات خطاب التشاؤم والسلبية، الأكثر شيوعاً بين الشعوب، في مختلف المجتمعات، لاسيما مع وجود فئة من العامة يتداولون انتقادات غير مبررة، ويروجون ادعاءات ضالة وكاذبة، حول الفيروس ومستجداته ووسائل التعامل معه.
وعلى الرغم من إيجاد أكثر من لقاح، لحماية المجتمعات ووقاية الشعوب، إلا أن بعض الفئات من المجتمعات، مازالت تكثف جهودها لنشر الأكاذيب، وإثارة القلق والريبة بين الناس، حول فاعلية اللقاحات، والغريب أن ادعاءاتهم لا تستند إلى حقائق علمية، أو وقائع بحثية، وليس لهم أي صلة بالطب أو الأبحاث، ولا علاقة لهم بعلم الفيروسات واللقاحات، وهنا يجب أن ننتبه جيداً، من خطاب هؤلاء، لنتفادى ضغوطاً نفسية لا داعي منها.
القلق أو التوتر والخوف مع وجود الفيروس، يعد ردة فعل طبيعية من أفراد المجتمع، بسبب ما كبده للعالم والحكومات من خسائر فادحة، وأضرار صحية ومادية لا تعد ولا تحصى، ولكن هل فكرت يوماً في أن للفيروس «التاجي» بعض النواحي الإيجابية التي انعكست على المجتمعات والحياة بشكل عام؟
البعض قد تأخذه الدهشة، ويجوب في نفسه الشعور بالاستغراب، لهذا السؤال، والبعض الآخر قد يعتبره حالة من «الهلوسة»، ولكن الواقع يؤكد أن إيجابيات كورونا حقيقة غائبة عن الكثير من أفراد المجتمع، ويكفينا ما تعلمناه من دروس، جعلتنا نتخلص من فوضى بعض العادات الحياتية، التي سيطرت علينا ولم ندرك مخاطرها إلا مع مجيء الجائحة.
تواضع جاهزية المجتمعات في مواجهة الأزمات، كشفها أيضاً الفيروس، فبات لدينا الآن فرق متخصصة، ومؤهلة لإدارة الطوارئ والتعامل مع أية أزمة، وفق منهجيات وخطط مدروسة، ولعل أبرز إيجابيات «كورونا»، ما نشهده حالياً من المحافظة على النظام والالتزام، وحالة الوعي التي يتمتع بها الصغير قبل الكبير، فضلاً عن الثقافة المجتمعية الجديدة التي أعادت هيكلة الفكر البشري في كيفية التعامل مع الأزمات بمسؤولية.
اليقظة تعد أهم مخرجات الجائحة أيضاً، إذ أعانت الشعوب على التخلص من عشوائيات التعامل مع البيئة، التي اتسمت بالقسوة واللامبالاة، وكانت سبباً في الإضرار بالجميع، ولم نعِ مخاطرها حتى جاءتنا «كورونا»، فأصبحنا أكثر مسؤولية مقارنة بأي وقت مضى، وأدركنا المعنى الحقيقي لمقولة: «كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته».
إيجابية النظرة، عامل مهم، لكبح مخاطر الفيروس وهزيمته، وتقصي الحقائق ضرورة ملحة، في زمن تنوعت فيه فوضى الأقاويل، والتغاضي عن خطاب الجهلاء، ثقافة من المفترض أن نكون تعلمناها، ويبقى اللقاح أبرز إيجابيات المرحلة، والالتزام بالتطعيم أهم مظاهر السلوك المتحضر في أيام الجائحة، وإدراك الدروس المستفادة من الأزمة، يشكل مكتسبات تستحق أن تكون أسلوب حياة لا يقبل التغير، لمجتمعات أكثر أماناً وسلاماً.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"