حصن الكلمة

23:36 مساء
قراءة 3 دقائق

محمد عبدالله البريكي

للشارقة أنوارها التي تتجلى في كل الأزمنة عبقاً يملاً الكون عن آخره، وجمالاً يغرد في كل واد، فهي واحدة بين البلاد التي قدر الله لها أن تعلو بشرف الكلمة الوضاءة، وأن ترتقي في كل شيء لأنها اتخذت من معين الأدب باباً للمجد، وجعلت للشعر ركناً حصيناً منيعاً ضد كل زيف، وجمعت لواء أهل الإبداع في هذا الزمان، فدانت لها الربوع الألقة، وتحلقت حولها طيور ناشرة في الأرض السلام.

نحن إذاً أمام ظاهرة الشارقة التي لا مثيل لها في زمننا هذا، ظاهرة لأنها أخذت بكل أسباب الجمال لكي يظل للعربية جمالها وعلوها بين الأمم، ليس هذا فحسب وإنما سارت إلى أفق بعيد حين أتاحت للشعراء أن يواصلوا إبداعاتهم، وأن يكون لهم حق في الانتشار، وهو ما تحقق اليوم في ظل المبادرات التي أطلقها ورعاها صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، الذي جعل من الشارقة مركزاً مهماً للثقافة بكل فروعها، فضلاً عن توجيهاته المستمرة التي تضيء الطريق لكل المبدعين، ولا تزال هذه المبادرات تتواصل لتبني الجسور بين الأدباء، وهو ما يجعلنا نشعر بأن ما يحدث على أرض الواقع يتخطى العادي والمألوف، فقد اختصر سموه الزمن بهذه المبادرات، وحقق قيماً عليا للأدب والأدباء، وهو ما سيسجله التاريخ بحروف من ذهب، لكي يعرف الجيل الحالي والأجيال المقبلة فضل سموه على الثقافة العربية وسبل تطورها ومجاراتها العصر.

ومن الملاحظ أن مبادرة بيوت الشعر التي أشرقت في ربوع العالم العربي، كان لها الأثر الأكبر في اكتشاف عدد كبير من المبدعين الصاعدين الذين انتسبوا لهذه البيوت، وسجلوا أنشطتهم وهم على أرض ثابتة، فتحقق للموهوبين منهم الكثير من الأحلام، كما أن هذه المبادرة أيضاً وسعت من دائرة المشاركات وعملت على تحفيز الشعراء وأضافت لهم الكثير، حيث اعترف العديد منهم بأنه لولا هذه البيوت ما عرفهم أحد، وهذا ما يجعل من هذه المبادرة نقطة اتصال بين الشعراء الحقيقيين والجمهور، فعلى امتداد الخريطة الشعرية العربية أصبحنا اليوم على دراية بشعراء عرب في الكثير من البلدان التي تم إنشاء بيوت شعر فيها، كما أن هذه المبادرة دائماً في توسع بعد النجاحات التي تحققت منذ إنشائها بتوجيه من صاحب السمو حاكم الشارقة الذي يرعاها رعاية كاملة في كل الظروف والأحوال.

ومن الأشياء التي تدعو أيضاً للدهشة هو وجود مهرجان كبير يجمع الشعر في كل موسم من كل الأقطار من أجل التعرف إلى إبداعات جديدة، وأيضاً تكريم الرواد الذين أفنوا حياتهم من أجل الكلمة والبحث عن مواطن الجمال، فمهرجان الشارقة للشعر العربي الذي ينظمه بيت الشعر في دائرة الثقافة  له جذور راسخة يعبر عن الشارقة ورسوخها في الساحة الشعرية، كونه من المهرجانات التي تتعامل مع الإبداع  بمصداقية وشفافية، وقد استقطب هذا المهرجان عبر تاريخه عدداً كبيراً من الشعراء والنقاد، وكان له الفضل في إبراز شعراء مغمورين، وأضاء على تجارب نقدية جديرة بالاحترام والتقدير.

وما من شك أن الشارقة لديها اهتمام أصيل بالكتّاب والمؤلفين من خلال معرض الشارقة الدولي للكتاب الذي له سمعته العالمية ودوره في ازدهار حركة النشر، كل هذا ومؤسسات الثقافة في الشارقة تعمل على قدم وساق من أجل تحقيق رؤية الشارقة في مختلف المبادرات والفعاليات ما يجعلنا دائماً ننظر إلى هذه الجهود بالاعتزاز والتقدير.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"