عن علاقة إيران بـ «القاعدة»

00:34 صباحا
قراءة 3 دقائق

بيلين فرنانديز *

بعد عقدين من غزو العراق بسبب صلات مزعومة بالقاعدة، تقول الولايات المتحدة الآن، إن إيران هي «الوطن الجديد» للجماعة المسلحة.

 ففي سبتمبر (أيلول) 2002، بدأ رئيس الولايات المتحدة جورج دبليو بوش خطاباً في ناشفيل لا يخلو من بعض السحر البليغ قائلاً: «هناك قول مأثور قديم في ولاية تينيسي – يقول اخدعني مرة واحدة، لأنك لا يمكن أن تخدعني مرتين».

 كان هذا قبل ستة أشهر بالضبط من بدء الحرب على العراق بكل ما تبعها من مذابح، والتي سعت الولايات المتحدة إلى خداع العالم للاعتقاد بأنها حرب مبررة بسبب أسلحة الدمار الشامل المزعومة لصدام حسين وعلاقاته بالقاعدة. وفي الواقع، لم تكن هناك أسلحة، ولم تزدهر القاعدة في العراق إلا بعد ذلك؟ والنتيجة هي الغزو الأمريكي. العقدان مرا بسرعة كبيرة، وبدت الإدارة الأمريكية السابقة مصممة على فضح مقولة بوش القائلة: «لا يمكنك أن تنخدع مرة أخرى».

 الآن، بالطبع، الهدف هو إيران والحجة هي نفسها بالضبط.

لقد أمضينا بالفعل السنوات الأربع الماضية من رئاسة دونالد ترامب ونحن نسمع عن طموحات إيران النووية الشيطانية، ولذا قرر ترامب و«شركاه»، عشية رحيلهم عن السلطة، أن يقدموا لنا الهلوسة الأخيرة من هلوساتهم والتي يأملون بلا شك أن تكون سريعة وهي تلويث عقل العامة وبالتالي تحويله إلى حقيقة مقبولة.

 وزير الخارجية المنتهية ولايته مايك بومبيو هو الذي عرض هذه الهلوسة الأخيرة في خطاب ألقاه يوم الثلاثاء في نادي الصحافة الوطني في واشنطن العاصمة قائلاً: «القاعدة لديها وطن جديد. إنها جمهورية إيران الإسلامية».

 وبغض النظر عن الخلافات الإيديولوجية الشاسعة بين القاعدة وإيران، كما نعلم، فالحقيقة ليست مهمة في مسائل الأمن القومي، فقد أكد بومبيو أن القاعدة وجدت «ملاذًا أكثر أمانًا» من أفغانستان، وإذا كانت القاعدة مختبئة في جبالها، فاليوم تعمل تحت حماية القوقعة الصلبة للنظام الإيراني.

 وزعم بومبيو أنه بفضل هذا الترتيب المريح، أصبح لدى القاعدة الآن القدرة على الوصول إلى الكثير من الأموال و«الأدوات الجديدة للإرهاب»، وهي قادرة على وضع أقدامها في طهران والتخطيط لهجمات عالمية. وأضاف أن ايران «تسمح للقاعدة بالتواصل بحرية مع دعاة الكراهية في الخارج».

 وبطبيعة الحال، لم يقدم بومبيو أي دليل يدعم رؤيته الكبرى - لكن ذلك لم يمنع وزير الخارجية (السابق) من دعوة «كل دولة إلى الاعتراف بأن هذا التواطؤ غير المقدس يزيد بشكل كبير من مخاطر الهجمات الإرهابية ضد شعوبها». 

 في هذه الأثناء، فإن أي شخص ينسى خطاب «محور الشر القديم» سوف يسعده أن يسمع أن هناك الآن رسمياً «محور إيران والقاعدة» وهو «قوة هائلة للشر في جميع أنحاء العالم».

 وختاماً لخطابه، عاد بنا بومبيو برحلة قصيرة إلى عام 1983، عندما كان في سنته الثانية في الأكاديمية العسكرية الأمريكية في ويست بوينت، وحين التقط صحيفة ذات يوم ليقرأ أن سيارة محملة بالمتفجرات اصطدمت بثكنة مشاة البحرية الأمريكية في بيروت، مما أسفر عن مقتل 241 من «المحاربين الأمريكيين». وشرح بومبيو أن حياته «لم تكن كما كانت بعد ذلك»، ومضى في تذكير جمهوره بأن إرهابيي ثكنة المارينز كانوا جزءاً من «تجسيد مبكر لحزب الله». وقال بومبيو: لقد حظي هؤلاء بدعم جمهورية إيران الإسلامية».

 وقبيل اقتراب نهاية أدائه، تساءل الوزير بوضوح عما إذا كانت المؤامرات الإرهابية التي قال إن «محور إيران والقاعدة يخطط لها» لا تمثل «الشكل التالي من الابتزاز للضغط على الدول للعودة إلى اتفاق نووي».

* مؤلفة كتاب «المنفى.. رفض أمريكا والبحث عن العالم». (كومون دريمز)

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

مؤلفة كتاب «المنفى.. رفض أمريكا والبحث عن العالم»

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"