لنعدهم للعالم الافتراضي

00:17 صباحا
قراءة دقيقتين

دون شك أن شبكة الإنترنت بمجملها غيرت الكثير من مسارات الناس وطباعهم وعاداتهم، والكثير من الروتين المعتاد طوال عقود طويلة من الزمن. شبكة المعلومات العالمية ساهمت في الدفع بالبشرية بأسرها نحو التلاقي والفهم والتواصل وظهرت تبادلات ثقافية والكثير من المعارف الجديدة وغير المعهودة. الزخم الذي أحدثته هذه الشبكة العالمية تواصل واستمر وتطور، حتى عشنا حقبة ثورة الاتصالات الحديثة ومعها التطور التكنولوجي والتقني غير المسبوق، وبدأت تلك المفاهيم التي كنا نقرأ عنها أو نشاهدها في أفلام الخيال العلمي تتحول لواقع نعيشه بمختلف تفاصيله، مثل الذكاء الاصطناعي وما أنتجه من وظائف ومهام جديدة وغير معهودة، بل مساهمته وهو في مراحله الأولى في تطوير الأعمال وتغيير شكل الوظائف ومستقبلها. واحد من أهم منتجات شبكة الإنترنت وثورة الاتصالات يكمن في مواقع التواصل الاجتماعي وتطبيقاتها التي تملأ هواتفنا. هذه المواقع بات لها نصيب الأسد من يومنا، فهي تستنزف أوقات الكثير من الناس بكل ما تعني الكلمة، حتى بات مفهوم إدمان مواقع التواصل الاجتماعي متداولاً ولا يثير الاستغراب أو الدهشة. والغريب بحق أن الكثير من الأمهات والآباء لا يستشعرون خطورة هذه المواقع فعلاً على أطفالهم، حيث يحسبون أن أطفالهم في معزل عن هذا الإدمان أو أنهم رغم معرفتهم بخطورة هذه المواقع غير معنيين بها. لكن الوضع خطير فعلاً، حيث تتسرب من خلال هذه المواقع أفكار هدامة وخاطئة تماماً عن كثير من شؤون الحياة. في الوقت نفسه يشاهد الأطفال مواد لا تتناسب مع المرحلة العمرية التي يعيشونها. ولم يعد التهديد في الإدمان وهدر الوقت بل بتدمير الجوانب التربوية والقيمية لدى الطفل، وأيضاً التسبب بالأمراض النفسية. وتعددت الدراسات التي أعلنت نتائجها، وتتحدث عن ارتباط مواقع التواصل الاجتماعي بالكثير من الأمراض النفسية مثل الشعور بالوحدة وأن المحيط الاجتماعي الذي نعيش وسطه ينبذنا أو كاره لوجودنا، وهذه الأفكار خطيرة وتهدد التماسك الاجتماعي وتقوض أسس البناء الأسرى الذي يجب أن يكون متماسكاً وقوياً، ولا ننسى حالات نفسية مرضية تم رصدها وأجريت حولها الكثير من الدراسات العلمية مثل حالات الاكتئاب الناتج عن تصفح مواقع التواصل الاجتماعي بشكل مرضي، فضلاً عن حالات أخرى من القلق والتوتر، وتلك المشاعر الهدامة من الحزن والألم.
شبكة الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، بل وثورة الاتصالات ليست شراً، بل هي خير للبشرية بأسرها، لكن لنحافظ على براءة أطفالنا ولنعدهم بشكل صحيح للدخول لهذا العالم الرقمي الموازي لعالمنا الحقيقي.

[email protected]
 www.shaimaalmarzooqi.com

 

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتبة وناشرة إماراتية ومؤلفة لقصص الأطفال وروائية. حصلت على بكالوريوس تربية في الطفولة المبكرة ومرحلة ما قبل المدرسة والمرحلة الابتدائية، في عام 2011 من جامعة زايد بدبي. قدمت لمكتبة الطفل أكثر من 37 قصة، ومتخصصة في أدب اليافعين

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"