روسيا وبيلاروسيا.. تظاهرات وحدة الهدف

00:11 صباحا
قراءة 3 دقائق

داريا موستفاييفا *

شهد، السبت الماضي، احتجاجات في المدن الروسية الكبرى وعاصمة بيلاروسيا، فهل يمكن أن تؤثر هذه الحركات الشعبية كل منها في تطورات الأخرى والنتائج التي تسفر عنها؟

 فقد تصاعدت الاحتجاجات في روسيا على خلفية اعتقال أليكسي نافالني الذي وصل إلى موسكو من ألمانيا. والرجل له تاريخ طويل في انتقاد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع التركيز على الفساد. ولدى نافالني طموحات رئاسية جدية تختلف عن طموحات سفيتلانا تسيخانوسكايا، الناشطة البلاروسية، في الوقت الحالي.

 فقد تزعمت تسيخانوسكايا المعارضة خلال حملة 2020 وخلال ستة أشهر من التظاهرات المؤيدة للديمقراطية. وتعتبر نفسها زعيمة وطنية في الوقت الذي تمر فيه البلاد بمرحلة انتقالية، وتدعو إلى تنظيم انتخابات حرة ونزيهة في أقرب وقت ممكن. ومنذ أن هدد النظام بمقاضاتها، أكدت تسيخانوسكايا مؤخراً، أن عودتها ممكنة بضمان سلامتها.

 ويَتهم الرئيس البيلاروسي، ألكسندر لوكاشينكا، بارتكاب المخالفات المتعلقة بالمحسوبية والفساد، إلا أن الاحتجاجات البيلاروسية لا تركز على تعاملاته المالية. وقد اندلعت الاحتجاجات التاريخية في بيلاروسيا التي دخلت شهرها السابع، بسبب السخط على انتخابات قيل إنها مزورة، وانتهاكات جسيمة غير مسبوقة لحقوق الإنسان.

 ويصور لوكاشينكا الاحتجاجات في بيلاروسيا على أنها المرحلة الأولى من مؤامرة أجنبية تهدف في النهاية إلى تقويض الاستقرار في بلاده، وفي روسيا.

 وكشف تسجيل صوتي مسرب قبل أيام، أن القوات الخاصة البيلاروسية تلقت ذخيرة خاصة بأسلحة الشرطة من روسيا. ويؤكد صوت نائب وزير الداخلية البيلاروسي في التسجيل أن هذه الذخيرة تم استخدامها أثناء الاحتجاجات، وتسببت بمقتل متظاهر واحد على الأقل، وهو ألكسندر تاريكوسكي الذي أصبح أول حالة وفاة نتيجة عنف الشرطة في أغسطس/ آب الماضي. في غضون ذلك، تلقت بيلاروسيا أيضاً قرضاً بقيمة مليار دولار من روسيا.

 وقد قطعت السلطات الروسية خدمات الإنترنت خلال الاحتجاجات التي اعتقلت بعدها أكثر من 3000 متظاهر الأسبوع الماضي. ويعكس تجاهل حقوق الإنسان خلال هذه الاعتقالات النهج البيلاروسي.

 ويستخدم المتظاهرون الروس والبيلاروس شعارات تتمحور حول القيم الأساسية التي يحاولون الدفاع عنها: الحرية والعدالة. فهم يطالبون بصوت واحد بالإفراج عن السجناء السياسيين. وهناك أكثر من 350 سجيناً سياسياً ودينياً في روسيا، ويقترب العدد في بيلاروسيا من 200.

وقد استلهمت المعارضة الروسية مثابرة وشجاعة المتظاهرين البيلاروس. وكان لافتاً خلال التظاهرات في روسيا، سماع شعارات «تحيا بيلاروسيا»، وردد المتظاهرون البيلاروس أغنية «نافالني الحر». وبينما خرج نحو 40 ألفاً من سكان موسكو إلى الشوارع في نهاية الأسبوع، جمعت احتجاجات مينسك في ذروتها ما يصل إلى 200 ألف شخص.

 وفي حال استمرت التظاهرات في روسيا فهل سيجد بوتين الوقت الكافي والموارد اللازمة لدعم جاره البيلاروسي؟

من جانبه، يستمر الاتحاد الأوروبي في معارضة ما يجري، وتوجيه الانتقادات الخجولة للسياسة الروسية وقد فرض عقوبات مخففة على روسيا، وربما يضيف ستة أشخاص إلى قائمة العقوبات بعد تسميم نافالني.

 ومن الواضح أن مايتداول حول انتهاكات حقوق الإنسان في عام 2020 أعطت زعماء الاتحاد الأوروبي بعض المبررات للتفكير في فرض عقوبات جديدة على موسكو تتعلق بتجاوزات حقوق الإنسان. وكان الممثل السامي للشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيف بوريل، أعلن أنه سيزور موسكو ويلتقي وزير الخارجية لافروف في بداية فبراير/ شباط. وتعهد بنقل رسالة واضحة حول حقوق الإنسان وإجراء مناقشة استراتيجية حول العلاقة بين الاتحاد الأوروبي وروسيا.

 وقد أثار أعضاء البرلمان الأوروبي مسألة فرض العقوبات كردّ مناسب. وهي أداة مهمة في صندوق أدوات الاتحاد الأوروبي ترسل رسالة واضحة على الخطوط الحمراء التي لا يمكن تجاوزها. ومع ذلك، يجب ألا يتوقف الاتحاد الأوروبي عند هذا الحد. وينتظر أن يضيف التعاون مع إدارة جو بايدن بعداً ذا مغزى لهذه العقوبات.

 وتفرض الاحتجاجات المستمرة في بيلاروسيا وروسيا، على الاتحاد الأوروبي اتباع السياسة القائمة على القيم، ووضعها في طليعة نهجه السياسي. فهل سيكون الاتحاد الأوروبي قادراً على رسم استراتيجية مدروسة جيداً، ورؤية مدفوعة بالقيم في العلاقات مع بيلاروسيا وروسيا؟ هذا ما لم يظهر للعيان حتى الآن.

* خبيرة المجتمع المدني ودول الجوار في الاتحاد الأوروبي

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

خبيرة المجتمع المدني ودول الجوار في الاتحاد الأوروبي

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"