عادي
المنافسة تحتدم بين عمالقة المصنّعين ومنتجي الكاكاو

حرب الشوكولاتة العالمية.. لمن تكون الغلبة؟

23:48 مساء
قراءة 5 دقائق
Video Url
الشوكولاتة

ترجمة: هشام مدخنة

يعتبر بعض عمالقة تصنيع الشوكولاتة أن الرسوم التي يتقاضاها منتجو الكاكاو في القارة السمراء باهظة للغاية. بينما من وجهة نظر زعماء ساحل العاج وغانا، أكبر منتجتين للكاكاو في العالم، هذه الحجة تعني أمراً آخر تماماً، فهم يعتبرون هذه الرسوم شريان حياة للمزارعين الذين كانوا لولاها سيظلون رهينة لعمالقة استيراد المواد الخام. وبين هذا وذاك اصطدمت وجهات النظر المتنافسة، واختُصرت العولمة على هيئة قطعة شوكولاتة بطريقة مذهلة ونادرة، ما دفع بالاتهامات التي عادة ما تكون سريّة، بين بعض أكبر شركات الشوكولاتة في العالم وتجار الكاكاو، إلى وجهات نظر عامة وحرب كلامية تتلقفها الصحف والوكالات بشغف.
اتهمت حكومتا ساحل العاج وغانا شركة «هيرشي» الأمريكية المصنعة لأنواع مختلفة من الشوكولا، بمحاولة التهرب من دفع العلاوة الثابتة التي تبلغ 400 دولار للطن على سعر العقود الآجلة القياسي والذي فرضته الحكومة على الكاكاو اعتباراً من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بغية زيادة دخل الكاكاو للمزارعين الذين يتعرضون لضغوط شديدة. كما طالت الاتهامات أيضاً شركة «مارس» بحجة أنها غيرت أنماط الشراء لتجنب دفع الرسوم.
كانت «هيرشي» قلبت الأسواق في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي عندما اشترت بشكل غير متوقع كميات كبيرة من الكاكاو من خلال سوق العقود الآجلة.
وقال إيف براهيما كوني، الرئيس التنفيذي لمجلس القهوة والكاكاو في ساحل العاج ونظيره جوزيف بواهن أيدو الغاني في بيان صدر في 30 نوفمبر: «تبنت بعض الشركات المصنعة للشوكولاتة استراتيجيات سرية للتحايل على آلية تحسين دخل المزارعين بهدف انهيارها». وأضافا أنهما سيفعلان كل ما في وسعهما لحماية أكثر من ثلاثة ملايين مزارع من الفقر. وعليه، علقت كل من ساحل العاج وغانا جميع برامج الاستدامة للشركة التي تتخذ من بنسلفانيا مقراً لها، في خطوة قد تضر كثيراً بالمبيعات وبمصالح الشركات الأجنبية.

الصورة
حصاد الكاكاو في أبيدجان عاصمة ساحل العاج


إمدادات كبيرة 

من جهتها ردت شركة «هيرشي» في بيان نشرته بلومبيرج بالقول: «من المؤسف أن ساحل العاج (كوت ديفوار) وغانا اختارتا توزيع بيان مضلل وتعريض مثل هذه البرامج الهامة التي تفيد مزارع الكاكاو بشكل مباشر للخطر»، مضيفة أنها كانت تدفع القسط المعروف ب «تفاضل الدخل المعيشي» أو LID، لمشتريات الكاكاو من موسم 2020 و2021. وأضافت الشركة، «نقوم بشراء إمدادات كبيرة من الكاكاو من دول غرب إفريقيا. حيث يعيش العديد من المزارعين تحت خط الفقر».
اتفق صانعو الشوكولاتة ومعالجو الكاكاو على دفع العلاوة لدول غرب إفريقيا وغيرها من الرسوم على رأس أسعار العقود الآجلة، ولكن بعد أن أدى الوباء إلى خفض الطلب، احتاجت الشركات إلى خفض التكاليف لمواجهة موجة ثانية من الإغلاق من باريس إلى لوس أنجلوس. ومنذ ذلك الحين، توقف بعض المصدرين في ساحل العاج عن شراء الكاكاو، مطالبين بدفع رسوم جودة أقل تُعرف باسم «فارق البلد»، ما يجعل من الصعب على الدولة بيع حوالي 250 ألف طن من الكاكاو التي لا تزال موجودة في الدفاتر. كما كان هناك تردد في دفع الرسوم في غانا.
وقالت جودي جانيس، رئيسة شركة «جيه جانيس للاستشارات»، «ربما ترسل ساحل العاج وغانا تحذيراً صارماً للتجارة، لكنهما بحاجة أيضاً إلى أن يكونا قادرتين على بيع كميات الكاكاو الكثيرة لديهما».
أدى تحرك «هيرشي» غير المتوقع للحصول على الكاكاو من خلال البورصة إلى دفع عقود شهر ديسمبر/كانون الأول الآجلة لشركة «آي سي إي» الأمريكية إلى مستويات قياسية مقارنة بشهر مارس/آذار الماضي.

الرسوم الإضافية

وسلطت الشركة في ذلك الوقت الضوء على أنها كانت تشتري الكاكاو بغطاء العلاوة، ولكن لا تزال هناك كميات في السوق تم بيعها قبل تطبيق الرسوم الإضافية. وذكرت «هيرشي» أيضاً أنها بحاجة إلى استيراد الكاكاو من مصادر أخرى للحفاظ على الاتساق والذوق الذي يتوقعه عملاؤها.
في السياق ذاته، أضاف إيف كوني وجوزيف أيدو في خطابهما الموجه إلى «هيرشي»: «إن المؤامرة والمكائد من قبلكم للتهرب من دفع مبلغ فارق الدخل المعيشي LID لمشتريات الكاكاو تُظهر التزامكم السلبي بتحسين دخل ثلاثة ملايين من مزارعي الكاكاو في غرب إفريقيا. وأن عدم الامتثال للطلبات يمكن أن يؤدي إلى إلغاء تراخيص عمل الشركة، إضافة إلى الشركات التي تدير برامج الاستدامة نيابة عن هيرشي».

الصورة
حبوب الكاكاو


واستهدف المنظمون أيضاً شركة «مارس» لتصنيع الشوكولا، قائلين إنها حولت الجزء الأكبر من مشترياتها من زبدة الكاكاو إلى المطاحن الآسيوية مثل «جيه بي كاكاو» و«جوان» بدلاً من المصادر التقليدية المعروفة لمجرد التهرب من دفع الرسوم الإضافية. رفضت «مارس» هذه المزاعم بشكل قاطع وأكدت أنها كانت أول شركة تصنيع رئيسية تدعم علاوة الـ LID.
أضرت هذه الاتهامات أكثر بسمعة صانعي الشوكولاتة الذين يواجهون بالأساس ضغوطاً متزايدة واتهامات بإزالة الغابات وعمالة الأطفال والفقر.
ففي وقت سابق من العام 2020، أظهر تقرير مدعوم من الحكومة الأمريكية أن عمالة الأطفال ازدادت سوءاً بعد عقد من الزمان منذ أن تعهدت صناعة الشوكولاتة التي تبلغ قيمتها 100 مليار دولار بالحد منها.

الرمز الأمريكي

و«هيرشي» تعتبر اسماً كبيراً بشكل خاص، ورمزاً أمريكياً أمدّت ألواحه المصنوعة من الشوكولا الجنود الأمريكيين في جميع أنحاء أوروبا بالطاقة خلال الحرب العالمية الثانية.
واعتبر أنتوني فاونتن، العضو المنتدب في شبكة «فويس نتورك»، التي دعت إلى مزيد من التنظيم الصناعي في قطاع الكاكاو، أن هذه الخطوة إضافة إلى إيقاف نشاط شركات برامج الاستدامة تعد أمراً خاطئاً قد يكون لها آثار كبيرة تضر بمزارعي الكاكاو والمجتمعات المحلية.
اتهمت أيضاً ساحل العاج وغانا شركة «بلومر» الأمريكية لتصنيع الشوكولاتة، والتي عادة ما تعالج كميات كبيرة من حبوب الكاكاو لصالح شركة «هيرشي»، بالضلوع أيضاً. وذلك فقاً لرسالة منفصلة تم إرسالها إلى رابطة تجار الكاكاو الأمريكية والتي انسحبت منها الدولتان الإفريقيتان.
وقالت «بلومر» في بيان يوم الثلاثاء الماضي، «نأسف لوجود شك حول دعم صناعة الشوكولاتة لمستويات دخل مزارعي الكاكاو في إفريقيا، وخصوصاً علاوة فارق الدخل المعيشي».

اتهام مجموعة «أولام» 

وبالرغم من تأثير «كوفيد-19» على الطلب على الشوكولاتة، تتوقع «بلومر» شراء متوسط حمولتها السنوية من الكاكاو من ساحل العاج (كوت ديفوار) وغانا وفق تسعيرة ال LID (تفاضل الدخل المعيشي) الكاملة خلال عام 2021، مع شراء معظم الكمية حتى الآن.
وطال الاتهام أيضاً مجموعة «أولام» الدولية، إحدى الشركات الرائدة في مجال الأغذية والزراعة وثالث أكبر مصنّع للكاكاو، بوصفها اتبعت استراتيجية لتقليل كمية الكاكاو القادمة من غانا وساحل العاج إلى مصانعها.
إلا أن المجموعة كررت دعمها القوي للمزارعين الأفارقة لزيادة دخلهم بما يتماشى مع أهداف العلاوة الجديدة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"