عادي

حارب الظاهري: الكثير من المتطفلين يمارسون الكتابة

22:22 مساء
قراءة 4 دقائق
1

الشارقة: علاء الدين محمود

يقدم حارب الظاهري، المسؤول الثقافي في اتحاد كتاب وأدباء الإمارات رئيس الهيئة الإدارية لفرع أبوظبي، الكثير من الإضاءات والإشارات واللفتات الموضوعية حول الحراك الثقافي، وبصورة خاصة في ما يتعلق بواقع السرد، بطريقة تمكن القارئ من الاطلاع على ما يدور فيه في اللحظة الراهنة.

في مستهل حديثه، يرسم الظاهري لوحة حول النشاط الإبداعي الراهن على مستوى السرد، في مجالي الرواية والقصة، وبقية الأجناس السردية، يستخدم فيها بشكل أساسي ألواناً داكنة، لكنها لا تخلو من السطوع والإشراقات الزاهية في بعض مشاهدها، ويشير إلى كثرة من وصفهم بالمتطفلين والمتغولين بطريقة تسيء إلى الإبداع، وتنشر القبح بدلاً عن الجمال، فهم يخرجون الكتابة عن طورها الحقيقي ومراميها المبتغاة، مؤكداً أن أكثر التجارب السائدة اليوم هي غير إبداعية، والأمر الذي يضيف إلى الجرح ملحاً، أن غالبية أصحاب المواهب الحقيقية والقدرة على ممارسة فعل الكتابة قد تواروا وبعضهم غير قادر على مواكبة حالة السرد، وهو ما مهد إلى ظهور حالة من العشوائية.

وذكر الظاهري، أن وزارة الثقافة، تبذل جهوداً كبيرة ومقدرة من أجل العمل الثقافي، غير أنها مطالبة بصورة أكبر بأن تكون معنية بالمبدع والمبدعين، وأن تقترب من الحالة الثقافية، وألا ينحصر دورها بشكل أكبر على الاتفاقيات وتوقيع العقود والمعاهدات الدولية في المجال الأدبي والثقافي والفني، فساحة العمل الحقيقي هي تلك المتمثلة في الوقوف على أحوال المثقفين، وهنالك أدباء ومفكرين لهم الكثير من الأفكار والآراء، والمطلوب من الوزارة أن تستمع إليهم، وأن تناقشهم، لأن حصيلة مثل هذه اللقاء تصب مباشرة في مصلحة تنشيط الحركة الثقافية في الدولة.

أسس وأهداف

وفي معرض توصيفه للعمل في اتحاد كتاب وأدباء الإمارات، أوضح الظاهري أن هذه المؤسسة العريقة تمر بمرحلة صعبة، في ظل وجود مجلس مؤقت يحاول قدر عزمه أن يعيد الأسس والأهداف التي شيد عليها، وهو يسير في هذه المهمة بهمة وروح معنوية عالية، ويشير الظاهري، إلى أن أكثر التحديات التي تواجه الاتحاد هي قضية تضخم العضوية، فهناك سيولة في هذه المسألة، وذلك الأمر يتطلب الكثير من العمل الجاد والمستمر، حتى تتم بلورة الاتحاد من جديد، في مرحلة زمنية قصيرة، ويعاد إليه واقعه الحقيقي، ومن ثم يتم تسليم الراية لقيادة منتخبة.

وأعرب الظاهري، عن أسفه تجاه واقع النقد الأدبي في الإمارات، وذكر أن هناك ندرة في ذلك المجال المهم، واقترح ضرورة أن يكون هناك نقاد من داخل الدولة؛ أي أصوات نقدية من أبناء وبنات الإمارات أنفسهم، باعتبار أن الناقد الحقيقي هو من يفهم طبيعة المجتمع، ويكون معايشاً ومطلعاً على البيئة والثقافة والتاريخ، داعياً أن يكون للمؤسسات الثقافية المختلفة دور في ذلك الجانب المهم، ويقول الظاهري: «النقد عملية شديدة الأهمية للإبداع، فهي المقياس للتطور أو التراجع، وهنالك إشراقات متمثلة في بروز أقلام إماراتية في هذا المجال الحساس، لكن المطلوب هو ناقد يمتلك حساسية الفعل الأدبي ويجاري عملية الكتابة والنشر بصورة مستمرة». 

دور مختلف

وينعطف الظاهري، بالحديث نحو واقع الصحافة الثقافية، فهي تنقل الواقع بصورة محترمة ومهنية، ويرى أن المطلوب منها أن تمارس دوراً أكبر من ذلك، بحيث تغادر مربع نقل الحدث والتعليق عليه نحو صناعته، وأن تسهم بشكل حقيقي في وصول صوت المثقف إلى أبعد حدود، ويجب عليها أن تعبر عن الساحة الثقافية وتطرح الأفكار وتمارس النقد في جراءة، عبر القراءة والتحليل والتفسير والتفكيك، فالمبدع الحقيقي لا يخشى النقد، لأنه المرآة الحقيقية التي من خلالها يرى الكاتب نفسه، ويتعرف على مواضع ضعفه وقوته، وأين يقف؟، فتلك العملية مطلوبة بشدة من أجل أن يرتفع المستوى بصورة تصنع حراكاً حقيقياً.

وفي سياق حديثه عن واقع النشر في الدولة، يلاحظ الظاهري، أن ذات الفوضى التي تعم في مجال الكتابة، تمارس في النشر، فالكثير من دور النشر صارت تطبع لمجرد الطباعة، دون رؤية أو رسالة محددة، وتهضم حقوق الكاتب، وتستفيد من وراء مجهوده الذي ظل يسكبه عبر الأيام والشهور، ويقول الظاهري: «من حق دور النشر أن تسعى وراء الربح، لكن ما يتعرض له الكتاب والمبدعون من التوقيع على عقود مجحفة، هو أمر شديد القسوة، وهذه الدور مدعوة لمراجعة طرق وأساليب علمها وتعاملها مع المؤلفين من حيث حفظ حقوقهم»، ويضيف أن من الأفضل أن يتوجه الأديب نحو المؤسسات الثقافية مثل اتحاد الكتاب من أجل طباعة مؤلفه.

في الظل

وأشار الظاهري، إلى غياب عدد من الكتاب الكبار في مجال السرد في الإمارات، وخلو الساحة من قامات أدبية اعتزلوا وفضلوا البقاء في الظل، مؤكداً بأن الكاتب لا يعتزل، داعياً إياهم لمراجعة قرارهم بتغييب أنفسهم، ويقول: «أود أن أذكرهم بالإبداع والكتابة لكي يعودوا من جديد ليعطروا المشهد بأدبهم الجميل»، ويضيف الظاهري، بأن هناك أسباباً كثيرة لتوقف بعض الأدباء من الروائيين وكتاب القصة، منها أن منهم من لم يجدوا التقدير الكافي، وربما لم يتلمسوا صدى لكتاباتهم، أو لم يُدر نقاش حول تجربتهم الثرة، بالتالي لم تقيّم بشكل ومضمون حقيقيين.

ويرى الظاهري أن بعض الكتاب قد وجدوا أنفسهم في مجال إبداعي غير الذي كانوا يمارسونه، فانتقلوا إلى آخر، فمنهم من ترك الشعر متوجهاً نحو السرد، وهنالك من توارى عن المشهد الإبداعي، لأن لديه هاجساً قد عبر عنه وانتهت مهمته بذلك؛ أي قال كلمته وصمت.

ودعا الظاهري، المؤسسات الثقافية المختلفة، إلى الأخذ بيد الأدباء الشباب من أصحاب المواهب الحقيقية، من أجل مساعدتهم ودعمهم، كما طالب جيل الكتاب الجدد، بأن يشتغلوا على أنفسهم بالقراءة والاطّلاع وتجويد الأدوات، وأن لا يضيعوا الوقت في انتظار مساعدة الجهات والأفراد، ويقول: «عليهم أن يفرضوا أنفسهم بقوة، فهم اللقاح والترياق ضد وجود المتطفلين».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"