بايدن وبوتين.. حساب مؤجل

00:05 صباحا
قراءة دقيقتين

«توعّد» الرئيس الأمريكي بايدن لنظيره الروسي بوتين، وهو توعّد خرج عن اللياقة والدبلوماسية حين وصفه ب«القاتل»، هو في حقيقته تصفية حساب مؤجل بين الحزب الديمقراطي الأمريكي و«الكرملين»، حين اتهمه الديمقراطيون بالعمل على ترجيح كفة المرشح الجمهوري في انتخابات 2016، دونالد ترامب، للفوز بالرئاسة على حساب مرشحتهم هيلاري كلينتون، وحالت الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ السابق دون نجاح الديمقراطيين في إدانة ترامب، عبر الكونجرس في ذلك.
يريد الرئيس بايدن وحزبه «الثأر» من هزيمتهم في انتخابات 2016، ومن إخفاقهم في إدانة ترامب، بالانتقام من «الكرملين» وبوتين شخصياً، ولكن هذه المرة على الزعم من أن موسكو بذلت جهوداً لتقويض فوز بايدن، والعمل على دعم ترامب للفوز بولاية رئاسية ثانية؛ أي أنها التهمة نفسها، ولكن في نسخة محدثة.
لا يخلو الأمر من جانب شخصي يتصل ببايدن، فغايته لا تنحصر في «الثأر» لحزبه، وإنما لنفسه أيضاً، فالتقرير الصادر في 15 صفحة، بتوقيع مدير المخابرات القومية، لا يكتفي بزعم أن روسيا حاولت  في الانتخابات الأخيرة  الإساءة لبايدن، ومساعدة ترامب على الفوز بولاية رئاسية ثانية، باعتماد «حملة رشاوى» للنيل من صورة المرشح الديمقراطي، وإنما يذهب إلى القول إن الضغوط التي مارسها ترامب عندما كان رئيساً على الرئيس الأوكراني للدفع بمقاضاة ابن بايدن بدعوى تورطه في قضايا فساد مالي في أوكرانيا، إنما تمت بإيحاءات من «الكرملين».
جاء في التقرير الذي يستخدمه بايدن في سجاله الراهن مع موسكو، أنه تم الاعتماد في ذلك على شركات أوكرانية قريبة من «الكرملين» للنيل من نجل بايدن، زاعماً أن ضباطاً من المخابرات الروسية اتصلوا بموظفين من إدارة ترامب، قصد الدفع نحو فتح تحقيق ضد المرشح جو بايدن، على خلفية القول بتورط ابنه في قضايا فساد في أوكرانيا.
ثمة أمر آخر يريد الديمقراطيون والبيت الأبيض تصفية الحساب المؤجل فيه مع «الكرملين» وسيّده، هو العلاقات الدافئة التي جمعت ترامب ببوتين، والتي وجدت واحداً من أبرز تجلياتها في القمة التي جمعتهما في هلسنكي، وأظهرت تناغماً بين الرجلين، كما ظهر ذلك في تصريحاتهما لوسائل الإعلام يومها، وفي هذا الأمر بالذات، فإن الانتقام مزدوج: من ترامب ومن بوتين معاً.
في الخلاصة يمكن القول إننا إزاء «خريف» وشيك بين موسكو وواشنطن، يصادف هوى في نفوس حلفاء الأخيرة الأوروبيين، وستكون له عواقب وخيمة على الوضع الدولي، وقد يستمر طوال السنوات الأربع القادمة، مدة ولاية الرئيس بايدن، وبعدها «يحلّها ألف حلّال».
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتب من البحرين من مواليد 1956 عمل في دائرة الثقافية بالشارقة، وهيئة البحرين للثقافة والتراث الوطني. وشغل منصب مدير تحرير عدد من الدوريات الثقافية بينها "الرافد" و"البحرين الثقافية". وأصدر عدة مؤلفات منها: "ترميم الذاكرة" و"خارج السرب" و"الكتابة بحبر أسود".

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"