حكايات تتكرر كل يوم في برامج البث المباشر، عبارة عن اتصالات تشتكي بحثاً عن حقوق المستهلك وحسم خلاف ما بين بائع ومشترٍ أو عميل ومقدم خدمة كان بالإمكان حلها بسهولة، لكن يبدو أن ثمة خلل في الجهة التي من المفترض أن تحسم، وكيفية الوصول إليها، وفي الطريقة التي يتم بها ذلك، والوقت المستغرق لرد الحقوق، في خلاف بسيط معروف من المخطئ أو المقصر فيه، لكن يبدو أن غياب حماية المستهلك بالمفهوم الشامل، ما زال يترك فراغاً كبيراً يجب أن يتم تلافيه.
نعيش اليوم عصر التجارة النشطة المزدهرة وحركة البيع والشراء التي لا تهدأ في كل تلك الأسواق والمراكز التجارية الحديثة التي يقصدها الناس، إضافة إلى التجارة الإلكترونية التي تشهد رواجاً منقطع النظير، كما أن خدمات أخرى كثيرة متنوعة في شتى مناحي الحياة تقدم للناس وتحدث في تعاملاتها خلافات بين طرفين، تحتاج إلى حسم سريع ورد فعل آني بعيداً عن التعقيد والروتين واللجوء إلى جهات قد لا يعنيها الأمر كالشرطة.
ثمة أمور فنية وإجراءات متخصصة يجب أن تضطلع بها جهة واحدة تمتلك الخبرات والأدوات لرد الحقوق إلى أصحابها وحماية المستهلكين وحفظ حقوق البائعين أيضاً؛ لأن الوضع الحالي تتنوع فيه الجهات وتتعقد فيه الإجراءات وتضيع فيه كثير من الحقوق بسبب البطء وعدم وجود آليات أو قوانين واضحة، وجهة تعمل على تمكينها؛ إذ إن بعض الخلافات لا تتطلب اللجوء للمحاكم ويمكن حلها آنياً لو وجدت تلك الآليات، وحسمت الجهة المشرفة بوضوح موضوع الحقوق والالتزامات، وأيقن المستهلك والتاجر أنه لا مجال لأي تلاعب أو تراخٍ أو تقصير في التعامل.
من المهم أيضاً زرع الثقافة الاستهلاكية والعمل على تبصير المستهلك بحقوقه والالتزامات المفروضة عليه، وتنظيم علاقة التعامل وتعريف التاجر بالتزاماته، وأيضاً إمكانية منحه تصنيف النجوم في اهتمامه بالمستهلك، وهو ما سيسهم في زيادة الثقة به كمنفذ بيع يلبي متطلبات المشترين، ويحرص على علاقة مميزة معهم، إضافة إلى ذلك ينبغي رد حقوق المتضررين وحمايتهم من أية ممارسات غير قانونية، وتمكينهم من الوصول إلى هذا المطلب بسرعة مناسبة وبقنوات متاحة بين أيديهم خلال فترة زمنية مناسبة لا تجعلهم يتركون حقوقهم بسبب تعقيد الحصول عليها مجدداً.
نعم، نحتاج إلى جهاز خاص لحماية المستهلك لا يوجه ضد التاجر أو البائع أو مقدم الخدمة، وإنما يحرص على تنظيم العلاقة معهم والوصول بها إلى تعامل مثالي يلتزم بالشروط والأحكام وقواعد البيع والالتزامات الخاصة بالصلاحية، وخدمة ما بعد البيع والضمان، ورد السلع المعيبة والحماية من الغش والتقليد، وغيرها من الأمور التي باتت محل شكوى خلال الفترة الماضية.
عن الكاتب
المزيد من الآراء
مقالات أخرى للكاتب
قد يعجبك ايضا
