يبدو أن برامج التواصل الاجتماعي لعبت بعقول البعض وأغوتهم لبلوغ الهاوية عبر البحث عن الشهرة والمتابعين عبر أي طريقة كانت حتى لو كانت ممنوعة يجرمها القانون ويعرض صاحبها للعقوبة ويزج به في السجن بعد أن مارست عليه تنويماً مغناطيسياً عطل حواسه وشل إدراكه ومنعه من التفكر والتبصر فيما هو مقبل عليه بعد أن رأى من المقاطع ما رأى وتشبع من محتوى لفت الانتباه الخالي من أي مضمون فجادت نفسه بأفكار لم يكتب له التأمل فيها وفي مدلولاتها وتأثيراتها قبل أن يجد نفسه متهماً في جريمة لم تكن في الحسبان.
هذا باختصار ما يحدث الآن في كثير من المواقف طمعاً في شهرة مزيفة أبطالها كبار وصغار للأسف لا يعملون العقل ولا يجدون من بين أيديهم أي محتوى هادف ينشرونه فيتورطون في الإسفاف والتقليد وينجرون فيما بعد إلى ما يحرمه الدين أو تستنكره الأعراف أو يجرمه القانون، ربما عن قصد أو بدون قصد كما يحدث في كثير من الأحيان عبر مقالب نتائجها مأساوية بتعريض حياتهم أو غيرهم للخطر أو عبر الخداع والتدليس والتزييف الذي يعتقدونه عادياً ومباحاً لهم دون غيرهم في استقطاب المتابعين.
من تلك المواقف والقصص ما أقدم عليه نادل آسيوي نشر فيديو مفبركاً على تطبيق «تيك توك» من شأنه المساس بالنظام العام؛ إذ صوّر موقف سيارات لمركز تسوق أو مبنى سكني ودمج به أصوات طلقات نارية وصراخ أشخاص مذعورين بينما أكد تقرير إدارة الأدلة الإلكترونية في الإدارة العامة للأدلة الجنائية في شرطة دبي أن الفيديو نشر على الحساب الشخصي للمتهم على التطبيق، وأن الأصوات المدمجة في المقطع المرئي ليس لها علاقة بالمكان، لكنه تعمد التلاعب بها، بما يعدّ مساساً بالنظام العام.
تلك الأمور قد تبدو بسيطة لمن أقدم عليها لأنه لم يقدر مدى خطورتها وتأثيراتها على المجتمع الذي لم يلتفت إلى التزامه نحوه وهو يفبرك ذلك المقطع بعد أن تعمد التصوير بطريقة تعطي انطباعاً بأن الواقعة حقيقية، إذ كان يهز الكاميرا كأنه يفرّ من إطلاق النار لأنه كان يرى أمام عينيه عدّاد المتابعين فقط وهو يرتفع صعوداً كحال غيره من الذين سلكوا نفس الطريق عبر المخاطرة أحياناً بأرواحهم في حركات بهلوانية أو تعمد الإتيان بتصرفات مخالفة.
ثمة ظواهر يجب اجتثاثها على الفور وملاحقة كل من يتورط فيها ويسعى لانتشارها أو تبريرها ومنها ظاهرة جنون عدّاد المتابعين التي لا تلقي بالاً لأية ضوابط أو قوانين أو أعراف أو التزام إنساني تجاه الآخرين.
عن الكاتب
المزيد من الآراء
مقالات أخرى للكاتب
قد يعجبك ايضا
