كفاءة الحكومات

كفاءة الحكومات لا تمارس بالإعلام والترويج والسوشيال ميديا، ولا بالمبالغة والوعود والأماني وشراء الوقت، كفاءة الحكومات تقاس بالتخطيط والتنفيذ والمتابعة، ومصداقيتها الميدان، أرض الواقع الذي يلمسه ويتعامل معه الجميع.
مهما عقدنا المؤتمرات والندوات ونظمنا الفعاليات والأنشطة، وتحدثنا عن مفاتن ومزايا ما لدينا، واشترينا المساحات الإعلانية في وسائل الإعلام المختلفة في العالم، فإن كل ذلك لا يحرك الاقتصاد، الذي يحركه ليس القرارات الجريئة التي تحاكي الواقع وتتلمس احتياجات المستثمر والمستهلك فقط، وإنما تنفيذ هذه القرارات بحزم ومرونة في آن، للوصول إلى الهدف المنشود.
الإمارات نموذجاً.. لماذا؟ لأنها استطاعت أن تتفوق على نفسها في الأشهر الماضية، وقلبت المعادلات والتوقعات، وتحديداً من الربع الرابع من العام الماضي، فبعد أن استوعبت صدمة الجائحة في الربعين الثاني والثالث، أعدت الخطط لنفض غبار «كورونا» عن اقتصادها.
لماذا هذا الحديث الآن؟ لأن نتائج الشركات والقطاعات بدأت بالظهور، فعجلة الاقتصاد عادت للدوران وإيقاع الحركة في الأسواق يرتفع، فيما مؤشر المشتريات يسجل أعلى مستوياته منذ 20 شهراً، حتى أن صندوق النقد الدولي الذي يتابع المشهد العالمي عدل توقعاته لاقتصاد الإمارات ثلاثة أضعاف ما كانت عليه بنهاية العام الماضي، فبعد أن كان يتوقع أن يكون النمو للناتج المحلي الإجمالي للإمارات في عام 2021 عند 1.3 في المئة، أصبح الآن يتحدث عن نمو بنسبة 3.1 في المئة.
كيف نجحت الإمارات في ذلك؟ نجحت، لأن قياداتها اتخذت قراراً بمواجهة «كورونا» والتغلب عليها، صحياً واقتصادياً واجتماعياً، لا بل تحويلها إلى فرصة لمواصلة مسيرة النجاحات تلو النجاحات، على قاعدة أن المستقبل لا ينتظر المترددين.
لنترك صندوق النقد يحلل كيف نجحت الإمارات؛ حيث يتحدث عن عوامل عدة اتخذتها الحكومة تتضمن مواجهتها الناجحة للجائحة سواء في الفحوص وضخامتها أو في توزيع اللقاح وسرعته، إضافة إلى إجراءات التحفيز وخطط الدعم المالي من المصرف المركزي، إلى جانب تحسن أسعار النفط والاستعداد لاستقبال «إكسبو 2020 دبي»، لنضيف عليها سرعة فتح الأسواق والمنشآت السياحية.
اقتصاد الإمارات بات الآن نموذجا، ومصدر الهام للكثيرين حول العالم في هذه المرحلة، وهو أمر يحسب لقيادته وفرق العمل التي تنفذ الرؤية وللقطاع الخاص الذي استجاب وأثبت قدرته وفعاليته على الصمود في مواجهة مرحلة صعبة تمر بها البشرية.