تحولات الإحساس بالزمن

01:05 صباحا
قراءة دقيقتين

بماذا تشبّه من يجرّه ذهنه إلى منحدرات التزحلق على محاور الذكاء الاصطناعي؟ هو إن شئت مثل من ينبش سفح جبل من الرمال. كأنك تفتح أفواه قِرَب الغيوم. من العسير اقتناع الناس بأن عشر سنوات في مقدورها اليوم أن تقلب تاريخ البشرية جذريّاً. 
البشر مثقلون بتاريخ كان القرن فيه لا يحرّك ساكناً، بل الألف عام لم تكن تغيّر وجه العالم. لكن بين 1970 و2000 «دنيا ما تطولها ولا حتى بخيالك». في 2050 سيكون حاسوب «الكوانتوم» قد تواضع من قوامه العملاق اليوم، وصارت له أشكال كالحاسوب الشخصي، فكيف سيكون الكمومي العملاق يومئذ؟ المستعجل هو أن المولود اليوم، سيكون في الثلاثين سنة خمسين. 
أليس على واضعي المناهج أن يحسبوا لهذا الجيل حساباً بحالة التأهب القصوى؟ محور التغيير في طبيعة المقرر الدراسي، يجب أن يراعي تحوّلات الإحساس بالزمن، بمعنى إعداد أدمغة الدارسين لتطوّر الإحساس بالزمن. منذ فجر التاريخ كانت اللحظة، طرفة العين، لمح البصر، شيئاً لا قيمة له في حساب الوقت، إلاّ في القرآن، فاللحظة تكفي لإنجاز عمل خارق: «قال الذي عنده علم الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتدّ إليك طرفك» (النمل40). علم الكتاب هنا قوى وقوانين فيزيائية. بلوغ سرعة الضوء ليس غداً، لكن الجيل الذي يولد اليوم، سيفكّر عملياً سنة 50 في أن الثانية يقطع فيها الضوء 300 ألف كيلومتر، يصل فيها إلى القمر.
يقيناً، المشرفون على بحوث تطوير المناهج، يواجهون معضلات قضايا مواكبة العصر، التي أخطرها أن المستقبل صار يبنى في الحاضر. ما يعني إضافة الخيال العلمي والابتكارات الاستشرافية إلى المنهجية الأكاديمية العقلانية الرصينة. مسؤولية عجيبة عليهم حملها لا محالة. مارد التقدم العلمي والتقاني يندفع بسرعة جنونية، من محرّكاته القوى الاقتصادية والأسواق (نموذج تسارع المعالجات وسعة التخزين).
كيف تتعامل المناهج مع تغيّر وجه العالم؟ لكن الوجه الآخر للصورة يستدعي التفكير. بلدان متقدمة عدّة ألغت أو هي في صدد إلغاء الكتب المدرسية الورقية، والبديل الارتباط المباشر بالشبكة عبر الحواسيب النقالة، في سبيل استيعاب كل جديد طارئ، لكن ماذا عن قفزة المارد الجبّار المتوقعة غير بعيد، التي سيحدثها الذكاء الاصطناعي في أنظمة التربية والتعليم؟
لزوم ما يلزم: النتيجة التأجيلية: ما لا يقبل التأجيل، بقي للغد، بإذن الله.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"