البيتكوين.. وأحلام الشباب

01:08 صباحا
قراءة دقيقتين

رائد برقاوي

«جنيت عشرة آلاف دولار في أسبوع.. ضاعفت أموالي ثلاث مرات خلال شهرين.. طلبت من والدي بضع مئات من الدولارات فأصبح لدي الآن الآلاف.. اقترضت من البنك مبلغاً فجنيت أضعافه في أسابيع..».

هذه القصص وغيرها هي محور أحاديث الشباب في جلساتهم اليوم.. لا بل انتقلت هذه الأخبار إلى الأهل، ليحدثوك عن أبنائهم أو أبناء جيرانهم أو معارفهم، في ظاهرة بدأت تنتشر وتنتشر؛ لتشمل منطقتنا وأنحاء مختلفة من العالم، أما من لا يتحدث ويكون متباهياً، فهو إما الذي فعل ما فعله هؤلاء، لكن خسر أمواله أو جزءاً كبيراً منها، أو أنه يتهيأ لخوض غمار التجربة، بعد أن «سمع ما سمع» من قصص ناجحة، وفرص ضائعة.

إنها تجارة العملات الرقمية والتداول في «البيتكوين وأخواتها» التي باتت على لسان معظم الشباب في مجتمعاتنا المحلية ويتابعها الشباب تحديداً على أجهزة هواتفهم النقالة.. وتدعوك إليها عشرات الاتصالات والرسائل اليومية التي تصلك من كل مكان.

أمر مخيف حقاً، سرعة الانتشار والترويج لهذه الأداة الاستثمارية التي يعدّها البعض تجارة، فيما الآخر مضاربة أو بتوصيف أدق مقامرة، بينما المقتنعون بها يرونها عملة المستقبل التي ستزيح الدولار عن عرشه، وتلغي الذهب عن تغطيته.

لا نريد في هذه العجالة أن نؤثر في خيارات استثمار الشباب أو غيرهم، لكن ما نود قوله لمن أراد دخول عالم الاستثمار، وخصوصاً مجال العملات المشفرة، أن عليه الحرص، وتوخي الحذر، فالأمر ليس بهذه البساطة، والثروات لا تجنى هكذا.

علينا إدراك حقيقة أن النظام المالي العالمي الذي تقوده البنوك المركزية لن يسمح بتشريع العملات الرقمية؛ لأن متعامليها مجهولو الهوية، وهي بالتالي ذات مخاطر أمنية يمكن استخدامها لتهريب الأموال غير القانونية مثل غسل الأموال وتمويل الإرهاب، في حين أنها لا تحظى بأي شكل من أشكال التغطية الفعلية لتحديد قيمتها، كما أنها غير مسيطر عليها؛ بحيث تستخدم في معالجة الدورات الاقتصادية، بينما طبيعة تداولاتها تتسم بالتذبذب الشديد.

وعلينا إدراك أن المتعاملين بهذه العملات مطالبون بأن يكونوا مستعدين لخسارة كل أموالهم؛ لأن المخاطر كبيرة، ولا حماية من السلطات لإنقاذهم أو التعويض عليهم، فيما الشركات التي تروج لاستثمارات العملات المشفرة قد تبالغ في العوائد التي سيحصدها المستثمرون، وتقلل من مخاطر السوق.

صحيح أن هناك الكثير من القصص التي حققت النجاحات والثروات، لكن على شبابنا الحذر، فرغم وجود عشرات القصص الناجحة التي حقق أصحابها مكاسب وثروات، هناك قصص الخسائر أيضاً، وعندما «تقع الفأس في الرأس» فلا ندم ينفع.

أما على مستوى التشريع والرقابة، فإن على الجهات المختصّة بحماية المستثمرين أن تدرك أن حملات الحماية التقليدية - على أهميتها - لم تعد تكفي في زمن العولمة الذي نعيشه، وعليها أن تدرك أن مدخل الحماية يكون أولاً بتوفير أدوات الاستثمار لهؤلاء الشباب الذين يريدون الوصول بسهولة واعتماد أرقى وسائل التقنية، فبدل منصات التداول التي لا تزال تطلب تحرير طلب الشراء أو البيع على الورق، أو عبر الاتصال الهاتفي المسجل، هناك عالم آخر من التداولات التي تنفذ بكبسة زر على تطبيقات فائقة التطور. 

دولة الإمارات الأولى بأن تكون السبّاقة في هذا المجال.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"