الأخ.. كأنه علم فـي رأسـه نــار

01:20 صباحا
قراءة دقيقتين

تعتبر الأسرة من أهم أسس البناء الاجتماعي، فعندما تكون قوية ومتماسكة ينعكس ذلك على المجتمع بأسره، لذا نجد الكثير من الدراسات العلمية والبحوث التي تتناولها وتدرس التحديات والمتغيرات التي تمسها وتتعرض لها. كل واحد منا يعرف الأسرة ومما تتكون: الأب، الأم، الإخوة، الأخوات، يكثر عددهم أو يقلون، في نهاية المطاف هذه هي الأسرة. 
وهذه المجموعة يقضي أفرادها جل الوقت مع بعضهم البعض في الحياة أو جزء كبير من حياتهم يتم تحت سقف واحد، فإذا كانت الأسرة محبة وسعيدة ومطمئنة والأجواء داخل المنزل مستقرة ويعمها الهدوء والسعادة، كان أفراد هذه الأسرة في خير ومحبة وتنشئة قويمة وتربية حكيمة.
 الذي يعنيني من تفرعات وأجزاء الأسرة أحد أعمدتها وواحد من أسس استقرارها ونموها وهو الأخ. والأخ داخل الأسرة هو عنصر بهجتها وسعادتها، فهو يشبه الأب في الاهتمام ويتميز عنه بقربه من العمر من شقيقاته وأشقائه، فهو يفهمهم ويذلل العقبات أمامهم، وكثيراً ما نجد الفتاة تلجأ إلى الأخ، وليس إلى الأب، لأنها «تمون» عليه، كما يقال.
 ومن هنا نفهم قوة الرابط الأخوي ووهجه وحضوره في الحياة الاجتماعية. وأستحضر قوة هذا الرابط الأخوي من خلال قصة الصحابية تماضر بنت عمرو بن الحارث السلمية، الشهيرة بالخنساء، مع أخيها صخر، وهي شاعرة معروفة. قبل إسلامها يحكى أن الزمن جار عليها واحتاجت إلى مساعدة لها ولأسرتها، فتوجهت لأخيها صخر، لتطالبه بما يجود به عليها، فقام وقسم ما يملكه من الإبل والدواب إلى قسمين، وخيرها أن تأخذ ما تريد منهما، فاختارت، ثم بعد مضي وقت عادت تطلب المساعدة، فقام وقسم ما يملكه من دواب إلى قسمين وخيّرها أن تأخذ ما تريد منهما، فأخذت أحدهما، وعندما أصيب شقيقها صخر في إحدى معارك الجاهلية، ومات بعدها، بكته حتى كف بصرها، ورثته بمعظم شعرها، وكثير من أبياتها الشعرية يتردد صداه حتى اليوم، منها: 
وإنّ صَخراً لَوالِينا وسيّدُنا
وإنّ صَخْراً إذا نَشْتو لَنَحّارُ
وإنّ صَخْراً لمِقْدامٌ إذا رَكِبوا
وإنّ صَخْراً إذا جاعوا لَعَقّارُ
وإنّ صَخراً لَتَأتَمّ الهُداة ُ بِهِ
كَأنّهُ عَلَمٌ في رأسِهِ نارُ
 هناك مخزون قصصي وافر وعظيم سواء في تراثنا الحضاري أو في واقعنا المعاصر، ما يعبر عن مكانة الأخ في قلب أخته تحديداً، وأن هذه الأخت تستمد من أخيها القوة في الحياة، بل هو مرجعها وعونها. وللحديث بقية.

 [email protected]

www.shaimaalmarzooqi.com

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتبة وناشرة إماراتية ومؤلفة لقصص الأطفال وروائية. حصلت على بكالوريوس تربية في الطفولة المبكرة ومرحلة ما قبل المدرسة والمرحلة الابتدائية، في عام 2011 من جامعة زايد بدبي. قدمت لمكتبة الطفل أكثر من 37 قصة، ومتخصصة في أدب اليافعين

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"