يورجن هابرماس في أبوظبي

01:15 صباحا
قراءة دقيقتين

التفاتة مهمة ومقدّرة لجائزة الشيخ زايد للكتاب في مركز أبوظبي للغة العربية، التابع لدائرة الثقافة والسياحة في أبوظبي اختيارها الفيلسوف الألماني يورجن هابرماس للفوز بجائزة «شخصية العام الثقافية»، تقديراً لعطائه الفلسفي والفكري الممتد لأكثر من نصف قرن.
واختيار شخصية بهذه الأهمية في دنيا الفكر والفلسفة في عالم اليوم، يُعطي جائزة الشيخ زايد بُعداً عالمياً مهماً. منح هابرماس الجائزة يعبر أيضاً عن التفاعل بين ثقافتنا العربية والثقافة الألمانية المعروفة بثرائها الفلسفي والفكري، ولها فضل كبير في تطور التراث الفلسفي في العالم؛ كونها قدمت عدداً من ألمع الأدمغة الفلسفية لا على المستوى الأوروبي والغربي وحده، فتأثيرها شمل دنيا الفلسفة والفكر في الثقافات العالمية، كما يعبر هذا الاختيار عن مواكبة القائمين على جائزة الشيخ زايد، للجديد والمتميز في الثقافة والفكر العالميين.
يعد يورجن هابرماس المولود عام 1929 بألمانيا، من أهم وجوه وورثة المدرسة الشهيرة في التاريخ المعاصر للفلسفة: «مدرسة فرانكفورت»، التي عرفت بهذا الاسم؛ كونها نشأت، أول مرة، في مدينة فرانكفورت، على أيدي مجموعة من الفلاسفة الألمان الشبان، يومها؛ أي في عام 1923، قبل ولادة هابرماس بسنوات، ومن أكثر من ذاع صيتهم من أفرادها عربياً هربرت ماركوز، ومع صعود هتلر والنازية التي استهدفت الأفكار التقدمية وأصحابها بالملاحقة، اضطر أفراد المدرسة للهجرة أولاً إلى جنيف، وتالياً إلى الولايات المتحدة.
يُقدّم هابرماس بصفته أبرز وجوه الجيل الثاني من هذه المدرسة، وهناك من يُنظر إليه كمتمم لأطروحاتها ورؤاها، وإن كانت بعض رؤاه لا تنسجم تماماً مع كل ما دعا إليه مؤسسو المدرسة، فكأننا به امتداد لها وانفصال، ولو في حيز معين، عنها؛ لذا سيكون ضرباً من التعسف تأطير هابرماس في هذه الخانة وحدها، هو الذي عرف بانفتاحه على كافة المدارس والتيارات الفلسفية والفكرية في الغرب خاصة، وهذا ما انعكس على ثراء وعمق فكره وتعدد جوانبه.
من وحي ما كتبه الباحث التونسي نوفل الحاج لطيف عن هابرماس في كتاب لمجموعة من المؤلفين عنوانه «الفلسفة الألمانية والفتوحات النقدية»، يمكن وصف هابرماس بأنه فيلسوف «الآن والهنا»؛ أي فيلسوف الزمن الراهن، والواقع العياني المعيش، انطلاقاً من قناعته بأن الفلسفة هي ابنة زمنها، فهو من دعاة أن «تتورط» الفلسفة في الواقع، أو بعبارة أكثر دقة وتحديداً: أن تنخرط فيه، مُشخّصة وفاعلة في الآن نفسه، وبتعبير نوفل الحاج لطيف، بأن تنكب على «قضايا الواقع الفعلي بحيث تكون قادرة على الإحاطة به»، لكن برؤية غير تقليدية.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتب من البحرين من مواليد 1956 عمل في دائرة الثقافية بالشارقة، وهيئة البحرين للثقافة والتراث الوطني. وشغل منصب مدير تحرير عدد من الدوريات الثقافية بينها "الرافد" و"البحرين الثقافية". وأصدر عدة مؤلفات منها: "ترميم الذاكرة" و"خارج السرب" و"الكتابة بحبر أسود".

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"