وليمة آشور ناصر بال

00:04 صباحا
قراءة دقيقتين

سأعود في وقت آخر إلى مصطلح الأدب المطبخي أو أدب المطبخ الذي أشار إليه الكاتب والناقد العراقي سعيد الغانمي في مقدّمته السريعة لكتاب «الطبخ في الحضارات القديمة» للباحثة والخبيرة الأكاديمية في فن وثقافة الطبخ كاثي كوفمان (إصدارات 2012 مشروع كلمة في أبوظبي). والغانمي يقول إن جميع الأنثروبولوجيين يتفقون على أن كل ما هو مطبوخ ينتمي إلى «الثقافة»، بينما ينتمي كل ما هو نيء إلى «الطبيعة»، ويقول إن الإنسان هو الكائن الحيّ الوحيد الذي ينفرد عن كل الكائنات بكونه الوحيد الذي يطبخ، ويرى أن ما يأكله الإنسان كثيراً ما يكون دليلاً على هويته الثقافية، أما الجيش الانكشاري فهو، يقول الغانمي، أكثر جيش يهتم بالطبخ ويدافع عن قدور الطبخ بل يعتبر الانكشاري أن ضياعها أثناء الحرب أكبر إهانة تلحق به.
أما المؤلفة كاثي كاثرين فتقول إن الإنسان هو الحيوان الطبّاخ، وما من مخلوق آخر سواه يعرّض طعامه للتسخين ليغيّر مذاقه قبل أكله.
سأترك كل ذلك، وأذهب بالقارئ إلى وليمة أقامها الملك الآشوري آشور ناصر بال في العام 879 قبل الميلاد، كما جاء في هذا الكتاب الشهوي تماماً والذي تنفتح فيه كل خزائن الطعام في مطابخ أربع حضارات: بلاد الرافدين، ومصر، واليونان القديمة، وروما. كانت وليمة آشور ناصر بال احتفاءً بتجديد مدينة كلخو المخرّبة واتخاذها عاصمته العسكرية الجديدة، فأقام، كما تقول الباحثة، احتفالاً بالأكل والشراب مدة عشرة أيام، «وَسُجّلت الأطعمة التي استهلكت على مسلّة عثر عليها في التنقيبات الأثرية عام 1951».
كان يأكل على تلك المائدة 69574 نفراً من العمّال وأسرى الحروب ووجهاء من مناطق غزاها الملك ومدعوون من السكان المحليين والموظفون، ولكن ما الطعام الذي تناوله أولئك الضيوف؟
مكتوب على المسلّة أنهم أكلوا 1000 ثور علفه الشعير، و200 ثور و1000 من الأبقار الصغيرة، و100 من الأغنام الصغيرة، و14000 من الأغنام الاعتيادية، و1000 من الأغنام المسمنة، و1000 جمل، 500 من الظباء والغزلان، وصف لا ينتهي من البط والدجاج واليمام والحمام والطيور الصغيرة، وأنواع أخرى لم تفك شفرتها بعد في الكتابة المسمارية، و10000 بيضة، و10000 سمكة دون تحديد النوعية و10000 جرادة مشدودة بسيخ.
ولكن، ماذا كان الصقليّون يأكلون على العشاء؟ يقول الكتاب إنهم كانوا يتناولون خبز البيتا، وعصيدة الشعير بالسمسم، وبيتزا الجبن واللفت المخلل بالخردل والإسقمري المحشو بالجبنة، والتونة المحمّصة.
أما عشاء أهل أثينا فكان يتألف من أكلات عدة منها: الشمندر المخلّل، والهليون المشوي، والروبيان المطلي بالعسل، وذئب البحر المطبوخ بالملح.
وصحتان وعافية.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"