عادي
الاستفادة منهم مسؤولية مجتمعية

المتقاعدون.. خبرات متراكمة وطاقات كامنة

00:39 صباحا
قراءة 11 دقيقة
1
1

تحقيق: جيهان شعيب

لكل زمان رجال، ولكل مقام مقال، مقولتان معروفتان، ولكن ليس كل ما يلقى من قول يمكن أن ينطبق في كل الأحوال، أو يشمل الحالات كافة، فالتقاعد - وهنا قصدنا- هو مرحلة استمرارية الحياة بشكل مختلف، وهو بداية جديدة بنضج ووعي كبيرين، وهو التفاعل المجدد مع جوانب المعيشة بخبرة تراكمت بفعل الزمن، وهو عمر الدراية والقدرة على التعامل بأفق متسع ورؤى سديدة، وهكذا التقاعد هو صيغة مستجدة لمواصلة العيش والتعايش بنمط مختلف، لكنه أبداً ليس مواتاً للقدرات، وإهداراً للخبرات، وإطاحة بمكاسب سنوات العمل الأولى وتجارب الأيام.

لأننا في دولة الخير والعطاء، إمارات الأصل والأصالة، فإن متقاعديها من العين هم الأقرب، وفي القلب هم ساكنوه، هم الإباء الذين بذلوا الغالي والنفيس في مواقعهم الوظيفية المختلفة، ليصلوا بالدولة إلى ما أصبحت عليه من تقدم ورقي، وهم الأشقاء الذين لم ترجعهم مصاعب عن الجد والاجتهاد حين عملهم، ليغيروا من تقليدية مجريات الأيام، ويأخذوا بنا ‘إلى مستجدات من التفرد والتميز، وإن كانت ألمت بهم لاحقاً ظروف خاصة اضطرتهم لترك مقاعدهم الوظيفية، لكن لا يزال العطاء رديفاً لهم، وهم الذين نراهم هنا وهناك، فنتمنى ألّا نتركهم لخواء اللحظات والساعات من دون أن نستفيد من خبراتهم، ونوظف طاقاتهم التي لا تزال مشحونة بالإرادة في تقديم المزيد والمزيد من العمل في هذه الجهة أو المؤسسة من تلك، لاسيما و أن الدراسات تؤكد أن انخراط المتقاعد في العمل التطوعي تحديداً يعزز الصحة النفسية والعقلية لديه، ويخفض أعراض الاكتئاب، ويعطيه شحنات إيجابية، لاسيما وأن المتقاعدين أكثر عرضة للمعاناة من ظروف صحية مزمنة عند حدوث تغيرات الحياة، حيث قد يواجه صعوبة في إدارة الوضع.

إحصائيات

اليوم ونحن نتحدث عن وجوب الاستفادة من متقاعدينا وهم رحيق الأيام الطيبة، لا بد أن ننظر في التجارب العالمية التي عملت على تطويع خبرات متقاعديها لخدمة جهاتها، وهنا التجربة الألمانية التي اعتبرتهم «ثروة قومية»، وكان ان أنشئت «هيئة الخبراء المتقاعدين الألمان» واحتوت أكثر من 5 آلاف خبير ألماني من المتقاعدين، وأعادت تعيينهم مستشارين في مؤسسات الحكومة والمجتمع المدني والجمعيات الأهلية، وفي المقابل تشير إحصائيات الهيئة العامة للمعاشات والتأمينات الاجتماعية في الدولة إلى أن عدد المتقاعدين بلغ حتى شهر أكتوبر من عام 2018 (15,828)، مقابل (15302) متقاعد عن الفترة ذاتها من عام 2017، وارتفع عدد المستحقين إلى (6,988) مقارنة ب (6761)، كما تدير «الهيئة» ملفات (1,725) متقاعداً، و(4,553) مستحقاً من المدنيين، وملفات (5,917) متقاعداً و(4,451) مستحقاً من العسكريين الذين تُصرف معاشاتهم من وزارة المالية، فيما ارتفعت الأرقام عن ذلك خلال العامين الماضيين، وفي كل الأحوال فإن مبدأ الاستفادة من المتقاعدين واجب.

مسؤولية مجتمعية

إذا كيف يمكن توظيف الخبرات المتراكمة لمتقاعدينا، بعد حصر عددهم، والوقوف على تخصصاتهم، فهذه مسؤولية مجتمعية واجبة على الجميع، وهذا محور السؤال المطروح، وعليه جاءت آرائهم، علاوة على مقترحات من الفعاليات المجتمعية المختلفة، فحين سؤال بعض المتقاعدين عما يتمنونه، قالوا لايزال لدينا الكثير بإمكاننا تقديمه، يمكننا المشاركة بتقديم استشارات فنية لجهات مختلفة، ويمكننا المشاركة في إعطاء محاضرات، والمشاركة في ورش عمل تخصصية، وأيضاً تقديم خدمات تطوعية متنوعة، وكذا إعداد دراسات وأبحاث، وغيرها، فيما لابد من إعادة تدوير خبراتهم لكون ذلك مسؤولية مجتمعية، وفي ذلك أكدت شذى علاي النقبي عضو المجلس الوطني الاتحادي أن الاستفادة من إمكانات المتقاعدين ضرورة، لاسيما الكوادر الشابة المتقاعدة مبكراً، التي تتمتع بكفاءة عالية وقدرة على البذل والعطاء لدعم التنمية في الدولة في مجالات وقطاعات مختلفة، حيث في تركهم من دون الاستفادة من طاقاتهم وخبراتهم، هو إهدار لقدراتهم، والتي يمكن لها أن تصنع فارقا في مجالات عمل متنوعة، إذا توافرت لهم الرعاية والدعم اللازمين، وقد تختلف أسباب ودوافع الموظفين للتقاعد مبكراً، بين الرغبة في إنشاء عمل خاص، أو للهروب من وظيفة لا تلبي امتيازاتها طموحهم، إضافة إلى أسباب تتعلق بالمتقاعد نفسه مثل المرض وغيره، بينما يمكن تقديم الدعم اللازم لهؤلاء لتنمية جوانب مهارية لديهم تمكنهم من التميز في فنون عملية أخرى.

وقالت: «أقترح أن تتبنى وزارة الموارد البشرية والتوطين بالتعاون مع الجهات المعنية، هؤلاء المتقاعدين بتوفير الوظائف التي تناسب إمكانات وطموحات الشباب الإماراتي القادر على العطاء والإبداع، وإعطاء حوافز تشجيعية للراغبين منهم في إنشاء مشاريع خاصة بهم، بتوفير تسهيلات في الإجراءات والرسوم».

إعادة تأهيل

بالعودة إلى جمعية الإمارات للمتقاعدين، نجد انها كشفت في قول سابق عن رغبة أكثر من 450 متقاعداً من ذوي الخبرات المتراكمة في العودة إلى العمل والمساهمة في خدمة المجتمع، من بين 3 آلاف مواطن متقاعد مسجل لدى الجمعية، موضحة أن من أسباب ضعف اهتمام مؤسسات القطاع الخاص بتوظيف المتقاعدين، تكلفة توظيف المواطنين المتقاعدين مقارنة بالعمالة الأجنبية، ونظام قانون المعاشات والتأمينات الاجتماعية الذي يرفض الجمع بين وظيفتين، إذ يجب أن يكون المتقاعد مسجلاً لدى «الهيئة» باستحقاق معاش واحد فقط، وفي ذلك قال سابقاً فرج إسماعيل رئيس مجلس إدارة جمعية الإمارات للمتقاعدين، إن الجمعية تعمل على إعادة تأهيل المتقاعدين من أصحاب الخبرات لسوق العمل، وتسويقهم على مستويين محلي واتحادي، ومشاركتهم في الأنشطة المجتمعية، ودعم الأفكار والمشاريع بتسويقها من دون العمل على تشغيلها أو توفير فرص عمل لكونها جمعية ذات نفع عام تتبع وزارة تنمية المجتمع، وجمعيات النفع العام من شأنها الاستفادة من أصحاب التخصصات وذوي الخبرة من المتقاعدين.

بداية جديدة

المطالبة بالاستفادة من خبرات المتقاعدين تظل محور حوار دائم لا ينقطع، لذا فقد عمل بعض جهات على إطلاق مبادرات مجتمعية في ذلك منها جمعية المعلمين، التي طرحت مبادرة «بداية جديدة»، وفي ذلك تقول شريفة موسى رئيسة مجلس إدارة جمعية المعلمين، وعضوة المجلس الاستشاري لإمارة الشارقة: «التقاعد هو بداية لمرحلة جديدة، وامتداد للنشاط والعطاء، لذا وجب على الموظف أن يستعد للتقاعد بمجرد بداية حياته الوظيفية، أو العملية، وأن يخطط لمشروعه الخاص بعد التقاعد، إضافة للاهتمام بحياته وعلاقاته الاجتماعية، حتى لا يكون وحيداً، لاسيما و أن المتقاعدين يملكون الكثير من الخبرات والمهارات والقدرات في مجالات مختلفة، وعلى المؤسسات ومراكز الخبرة الاستفادة منهم، ويمكن إنشاء منصة يشارك فيها جميع المتقاعدين، ويتم من خلالها الاستفادة من خبراتهم في جوانب متنوعة، بحيث تكون هذه المنصة بمنزلة بيت خبرة على أن تتبناها هيئة الموارد البشرية أو الوزرات والجهات ذوات الاختصاص، بحيث تمد المؤسسات والهيئات بالاستشارات والخبرات المواطنة المتقاعدة التي تحتاج إليها».

وتضيف شريفة موسى: «نحن في جمعية المعلمين قمنا بإطلاق مبادرة «بداية جديدة» تختص بفتح المجال لجميع المتقاعدين، وخاصة التربويين للمشاركة في أنشطة وفعاليات الجمعية، والمساهمة في خدمة المجتمع في شتى المجالات كمجال التدريب والتأهيل من خلال مبادرة «شاركني معرفتك»، بتقديم برامج وورش تدريبية كل في مجاله، وأيضا في تنفيذ وادارة المبادرات المجتمعية، وتقديم الاستشارات كل وفق خبراته وقدراته، وهذه دعوة للجميع للتواصل مع الجمعية للانضمام الى مبادرة «بداية جديدة»، كما إننا على استعداد لتبني أفكار ومبادرات المتقاعدين، وإتاحة الفرصة لهم لتنفيذها في الجمعية، ونتمنى أن يتم طرح مبادرات مجتمعية لفئة المتقاعدين، لان بعضهم لا يعرفون كيف يقضون أوقاتهم، فيتحولون إلى عبء على اسرهم، وأنفسهم، لذا لابد للمتقاعد أن يخطط لمرحلة التقاعد ومن جميع النواحي قبل مجيئها بفترة جيدة، على أن يشرك في ذلك أفراد أسرته والأشخاص المهمين في حياته، حتى يمكنه الاستمتاع بحياته فيها، فيما هي فترة مهمة وليست نهاية الحياة، بل بداية جديدة لمرحلة مختلفة من الحياة، يجب أن يستغلها المتقاعد بأن يعيشها بأفضل ما يكون، وقد اهتمت الدولة بالمتقاعدين من خلال الكثير من الامتيازات والتسهيلات التي قدمتها لهم، ففي إمارة الشارقة يحظى المتقاعد باهتمام من صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة في الكثير من المجالات، حيث رفع سموه سقف الراتب التقاعدي بحيث لا يقل عن 17 ألف درهم، إضافة إلى شمول المتقاعد بالتأمين الصحي والكثير من الامتيازات الأخرى التي حظى بها، علاوة على ذلك فمن الممكن ألّا تقطع المؤسسات علاقتها بالمتقاعدين منها، وأن تعطيهم الصفة الاستشارية، وبعض العضويات الفخرية في لجانها، للاستفادة من خبراتهم، فيما يبقى القرار بيد المتقاعد، إما أن يستمتع بهذه المرحلة، وإما أن يختار الانزواء والانطواء وأن يعيش وحيداً».

خبرات متنقلة

أكد المستشار علي النابودة ضرورة إعداد قاعدة بيانات عن أعداد المتقاعدين لمعرفة تخصصاتهم ودمجهم مجتمعياً وفقاً لقاعدة البيانات هذه، مع إمكان الاستفادة من خبراتهم في جانب الاستشارات والخبرة كل منهم حسب تخصصه، سواء في مجال الموارد البشرية أو الاستراتيجية أو في مجال المحاضرات، بحيث تكون لدينا خبرات متنقلة على أن تمنح لهم مكافآت مثلهم في ذلك مثل من يتم استدعاؤهم من الخبراء الأجانب، كذلك يمكن الاستفادة من المتقاعدين في إعطاء دورات تدريبية، علاوة على وجوب إعداد دورة عن السعادة بعد التقاعد لأن بعض الأفراد ينظرون بتشاؤم إلى التقاعد ويعتبرونه عائقاً، لذا يجب توضيح الأمر بأن فترة لتقاعد جديرة بالتفاعل مع الحياة بالخبرة المتراكمة والدراية الأكبر والفهم الأعمق لدى المتقاعد».

مؤسسة مختصة

«المتقاعدون محل فخر واعتزاز لأبناء دولة الإمارات لأدوارهم الأساسية في بناء حاضر ومستقبل الدولة، فهم دعامتها الصلبة التي ارتكزت عليها نهضتها وتطورها، بما قدموه من اسهامات وجهود، حتى تتبوأ الإمارات المراكز المرموقة التي وصلت إليها»

 هذا قول جاسم المازمي رئيس مجلس أولياء الأمور في الشارقة، عضو المجلس الاستشاري لإمارة الشارقة، ويضيف: «وفرت دولة الإمارات العربية المتحدة الكثير من المميزات لأبنائها المتقاعدين لرعايتهم وأسرهم من خلال صناديق التقاعد والجمعيات وغيرها، وفي الوقت نفسه أتاحت لهم الفرصة بالعودة إلى العمل والعطاء لتقديم أفضل ما لديهم من خبراتهم المتراكمة، وحبهم لتقديم الغالي والنفيس لهذه الأرض المعطاءة، فنجد فئة كبيرة من العسكريين من المتقاعدين قد عادوا للعمل من جديد في القوات المسلحة، أوالسلك الشرطي، كما شجعت الدولة المتقاعدين على العمل في المهن المختلفة مثل صيد السمك وتربية المواشي وغيرها، ودعمتهم في الجمعيات المختلفة كجمعية الصيادين، لكننا ما نزال في حاجة إلى تنسيق أكبر حتى تتم الاستفادة من المتقاعدين بشكل أفضل، وهذا لا يتحقق إلا بإنشاء مؤسسة مختصة تتبنى عمل برنامج خاص للاستفادة من خبرات المتقاعدين، بحيث يتضمن هذا البرنامج قاعدة بيانات لجميع المتقاعدين بتخصصاتهم وخبراتهم المختلفة والمجالات التي يبدعون فيها، ومن ثم يتم تصنيفهم إلى مجموعات حسب التخصص، وإعداد عمل ملف خاص يحتوي على معلومات دقيقة عن كل متقاعد لدمجهم في سوق العمل حسب الحاجة، كما يمكن الاستفادة من خبرات الدول الأخرى في عملية توظيف تلك الخبرات المتراكمة لدى المتقاعد بأنسب صورة، حيث هنالك متقاعدون يرغبون في تقديم المشورة في مجالات مختلفة كالاستثمار أو الإدارة أوالصناعة أو المجال الأمني وغير ذلك، فيما هناك من يرى أن المتقاعد عديم الفائدة، لكن الواقع يثبت أن هذا المتقاعد هو كنز من المعلومات والخبرات المهنية والحياتية، ويحمل في طياته مختلف تجارب الحياة التي صقلته، وجعلت منه هذا الرجل المتماسك والمحافظ على أسرته ومجتمعه وبلده، لذلك يجب عدم التفريط فيه، ويبقى اقتراحي الاساسي هو إنشاء مؤسسة هدفها تصنيف خبرات المتقاعدين ومن ثم دمجهم في سوق العمل».

ثروة وطنية

 محمد راشد رشود الحمودي موظف متقاعد ورئيس مجلس أولياء أمور الطلبة والطالبات في مدينة دبا الحصن التابع لمجلس الشارقة للتعليم أكد ثقته في أن الموظفين المتقاعدين كنز وطني وثروة وطنية يجب الاستفادة من خبراتهم في خدمة المجتمع لكونهم ينبوع العطاء والتقدم والتطور وبقول: «لا شك في أن التجارب التي مر فيها المخلصون من المتقاعدين في حياتهم العملية كفيلة في تكوين خبرات متراكمة لديهم في مناحي الحياة، فهم قدموا الكثير من العطاء، وتحملوا كثيراً من العناء والتحديات، لذلك تكونت لهم خبرات كفيلة بصنع أجيال للمستقبل قادرة على خدمة الوطن بكل اقتدار، لذلك حان الوقت للاستفادة من خبرات المتقاعدين سواء في مجال التدريب أو إعداد الدراسات والبحوث والإشراف على الجوائز والمسابقات المختلفة والمتنوعة في جميع المجالات الثقافية والعلمية والصحية والاقتصادية والعسكرية، ويمكن تعيينهم مستشارين متعاونين في مجالات تخصصاتهم، بدلاً من الآخرين، فالأولوية في هذا المجال يجب أن تكون للمواطنين، تثميناً لعطائهم وتفانيهم وإنجازاتهم السابقة، كما نؤكد أن المتقاعد لديه الدافع للعمل من أجل التطوير، ولربما تقاعد هذا الموظف لظرف ما، وهو قادر على العطاء، لذا لابد من الجهات المسؤولة عن التقاعد، معرفة سبب إقدام هذا الموظف أو ذاك على التقاعد والعمل لإثنائه عنه إذا كان قادراً على العمل، وبشكل عام فالحقيقة أن المتقاعد يفتقر إلى المحفزات والامتيازات التي يجب الاهتمام بتوفيرها له، ودراستها لإقرارها من الجهات المعنية».

مشروع دمج

هنا تأكيد من عبدالله سالم بالعبد الكتبي (رجل أعمال) بأن للمتقاعدين دوراً كبيراً في المجتمع بما اكتسبوه من خبرة خلال سنوات العمل بما ينبغي معه البحث عنهم والاستفادة من خبراتهم، وإعادة دمجهم في الوظائف المناسبة لهم لكي يستفيد منهم الشباب الجدد في مختلف المؤسسات الحكومية وشبه الحكومية.

بقول الكتبي: «هناك أمثلة كثيرة لعودة بعض المتقاعدين إلى ترؤس بعض المؤسسات أو الشركات المملوكة للدولة، نظراً لما يتمتعون به من سمعة ومن فكر يجعلهم يستمرون في عطائهم ويبدعون حيثما وجدوا، وبشكل عام يمكن الاستفادة من المتقاعدين بتوفير الوظائف المناسبة لهم في مختلف القطاعات التعليمية والخدمية في المجال العسكري أو المدني، ومن خلال وجودهم سوف ينقلون خبراتهم إلى الجيل الجديد بمختلف أعمارهم، وهذا الاحتكاك مفيد للطرفين، وينبغي أن تتبنى الحكومة مشروع دمج المواطنين المتقاعدين مرة أخرى في المجتمع، وتوفير الاعمال المناسبة لهم.

فرج إسماعيل: قاعدة بيانات لخبرات ومؤهلات المتقاعدين

تعد جمعية الإمارات للمتقاعدين التي صدر القرار الوزاري رقم ‬453 لسنة 2014 بشأن إشهارها كجمعية ذات نفع عام، المظلة التي تتولى دراسة احتياجات المتقاعدين للارتقاء بمستوى وكفاءة الخدمات المقدمة لهم، وجودتها وتنوعها، وتطوير أوضاعهم المختلفة، وفي ذلك لفت عقيد متقاعد فرج إسماعيل رئيس الجمعية إلى أنه تم إنشاء قاعدة بيانات عن خبرات ومؤهلات المتقاعدين المنتسبين للجمعية وعددهم3400 متقاعد، متنوعي الخبرات العملية، واختير منهم 35 متقاعداً، لإعطاء محاضرات في دورات، وندوات، في القيادة العامة لشرطة الشارقة، إضافة الى اشراكهم لإعطاء محاضرات في دورات ستبدأ خلال الأيام المقبلة في أكاديمية العلوم الشرطية، قائلاً إن الجمعية تسعى للتسويق ضمنيا للمتقاعدين، لدى الدوائر والمؤسسات للاستفادة من خبراتهم، حيث يتم التعريف بهم من خلال عملهم في المحاضرات، وبذلك قد تتم الاستعانة بهم كخبراء، لاسيما المتقاعدين بمنزلة «طابور حميد» داعم للأنشطة والبرامج المختلفة في مرافق الدولة ككل، لخبراتهم المتراكمة. 

وقال: الجمعية تعمل على توثيق العلاقات بين أعضائها، وتعمل على احتضان المتقاعد وأسرته، واتخذت خطوات عدة في سبيل توفير كل ما من شأنه الارتقاء بجوانب حياته الأسرية والمعيشية، ووقعت اتفاقيات عدة مع جهات تعليمية وصحية لتوفير الرعاية الدراسية والطبية وفق بنود محددة للمتقاعدين.

 تيسير سبل الحياة الكريمة الآمنة المريحة لهم

يحظى المتقاعدون في الإمارات على كل ما من شأنه تيسير سبل الحياة الكريمة الآمنة المريحة لهم، حيث وفقا لمجلة «سي إي أو وورلد» الأمريكية حول تصنيف جودة حياة المتقاعدين في 100 بلد في العالم، حظيت الدولة بالمركز الأول إقليمياً، وال15 عالمياً على قائمة أفضل دول العالم للتقاعد 2020، متفوقة في ذلك على كل من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، وألمانيا، وروسيا، وجميع الدول الإسكندنافية وغيرها، فيما يؤكد تصنيف الدولة ضمن أفضل دول العالم للتقاعد، الحقوق التي تكفلها لمتقاعديها من المواطنين، حرصاً على تأمين حياة آمنة ومعيشة كريمة لهم، حيث على المستوى الاتحادي يُطبق قانون المعاشات والتأمينات الاجتماعية رقم (7) لعام 1999 وتعديلاته على كل مواطن ومواطنة، في القطاعين العام والخاص، من خلال إلزام صاحب العمل بإشراك المواطنين العاملين لديه في الهيئة العامة للمعاشات والتأمينات الاجتماعية، وذلك لغير الخاضعين لأي من قوانين المعاشات والتأمينات الاجتماعية الأخرى في الدولة، حيث يسري قانون المعاشات والتأمينات الاجتماعية على الموظفين.

علاوة على ذلك كانت الهيئة العامة للمعاشات والتأمينات الاجتماعية ذكرت في نوفمبر الماضي أن قانون المعاشات الاتحادي يمنح المؤمَّن عليه الذي استمر بالعمل لمدة 35 عاماً، المعاش بالحد الأقصى بنسبة 100% من راتب حساب المعاش، ما يعدّ ميزة لم تحققها أي دولة في العالم على صعيد صناديقها التقاعدية، كما يضمن القانون ارتفاع المعاش التقاعدي، كلما زادت سنوات خدمة المؤمن عليه، بما يضمن للمتقاعد الحصول على الراتب الأساسي، وعلاوة الأبناء وغلاء المعيشة، وبدل السكن والعلاوة الاجتماعية، وفقا لزيادة مدة خدمته، وحتى مدة الحد الأقصى للمعاش، بما يحقق له معيشة مستقرة، ومطمئنة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"