أين مسرح العيد؟

00:41 صباحا
الصورة
صحيفة الخليج

أذكر في أواسط ثمانينات القرن العشرين، والتسعينات منه؛ بل وإلى سنوات قليلة ماضية (قبل كورونا بالطبع) أن المسرح في الإمارات، وفي خلال أيام العيدين، الكبير والصغير: عيد الفطر، وعيد الأضحى يشهد حيوية شعبية تتمثل مباشرة في عروض العيد أو ما يمكن أن تسمى مجازاً وواقعاً عروض العيد. وكانت أكثر من مسرحية إماراتية تعرض في أيام العيد وتلاقي إقبالاً ملحوظاً من جانب عشاق المسرح؛ لا بل إن الظاهر في ذلك الجمهور هو جمهور العائلة، إن جاز الوصف، فقد كانت بعض العوائل أو أكثرها تذهب إلى المسرح في عطلة العيد، وكانت العروض تستمر على مدى يومين أو أكثر.
كانت تلك الظاهرة التي يبدو أنها انتهت الآن، تعكس ثقافة مجتمعية محورها المسرح، وتعكس أيضاً قبل ثلاثة عقود وأكثر، حاجة الناس آنذاك إلى المسرح، فلم تكن صالات السينما متوفرة كما هو الحال الآن، ولم يكن التلفزيون يلبي الحاجة إلى المسرح الذي تربى عليه المشاهد المحلي منذ أيام الفرجة المسرحية الشعبية، فأصبح مكوناً من مكونات طبيعته الثقافية قبل سنوات أو عقود لم تكن وسائط أو وسائل التواصل والاتصال والإعلام والترفيه موجودة، كما هو حالنا اليوم، بدءاً من شبكات الإنترنت والمواقع الفنية المتخصصة، مروراً بخريطة الفيديوهات المترامية الأطراف، وليس انتهاء بالخدمات الكمبيوترية الحاملة لكل الصناعات الإبداعية والثقافية من مسرح وموسيقى وغناء وغير ذلك من فنون يبحث عنها الإنسان في أوقات عطلاته وإجازاته، وفي أوقات عمله عندما يعود متعباً منهكاً من يوم عمل طويل، فيجد سلواه وفرجته ورفاهيته في شكل من أشكال الفن المتاحة بكبسة زر.
كل ذلك لم يكن موجوداً في السبعينات والثمانينات وأوائل التسعينات، وكان المسرح فقط هو فرجة الناس وثقافتهم، وقد انتبه المسرحيون إلى الوقت العائلي الحميم الذي يجمع الناس ويقرب بين أمزجتهم وحتى أرواحهم، فكان وقت أيام العيد الثلاثة، حيث المسرح في ذلك الوقت كأنه هدية فرجوية ترفيهية لكل أفراد العائلة.
كان بإمكان مسرح العائلة أن يتطور ويتحدّث على يد مسرحيين انتبهوا عملياً وثقافياً لهذه الظاهرة، لكن ذلك لم يحدث، وها هو ذلك الزمن المسرحي العائلي الجميل يصبح ذاكرة ونوعاً من الحنين إلى عروض شعبية اجتماعية كانت تجمع في الغالب بين ما هو حكائي، وكوميدي، و«تسلوي»، من دون قراءة اجتماعية معمقة لتلك الظاهرة المسرحية.
قد تكون هذه الظاهرة محلية تماماً، وقد تكون ظاهرة مسرحية خليجية موجودة في الكويت والسعودية والبحرين وعمان وقطر خلال الأعياد، ولكنها بالتأكيد ليست موجودة في الأقطار العربية، مثل مصر ولبنان وسوريا والعراق.
هل يعود مسرح العائلة إلى فضاءات العرض في الإمارات في أيام العيد بشكل خاص، والجميل في تلك الفضاءات المسرحية أنها كانت تقام في الهواء الطلق، خارج ما يسمى العلبة الإيطالية.
yabolouz@gmail.com

عن الكاتب: