دردشة النقد في المنام

00:19 صباحا
قراءة دقيقتين

ما رأيك في ذلك المُشاهد الماكر الذي سمعه القلم في المنام، وهو يتلاعب بقصيدة ابن الرومي شاعر الكاميرا بالكلمات التي مطلعها: «ومسمع لا عدمتُ فُرقته.. فإنها نعمةٌ من النعمِ»؟ تقول: للأسف، فاتك المشهد؟ عجباً، لم تفتك مئات الحلقات من المسلسلات طوال الشهر الفضيل، 20 مسلسلاً في 30 حلقة، فالحد الأدنى ستمئة حلقة، أي 25 يوماً في تواصل بلا انقطاع، من مشرق الشمس إلى شروقها مجدداً، لهذا لم تجد وقتاً لسماع الصياغة التحويرية لرائعة شاعرنا الظريف. من باب إتاحة حرية التعبير، يحق للمشاهد أن يقسو أحيانا، في حدود المعقول، على شركات الإنتاج. ما فعله صاحبنا في الحقيقة ليس إبداعاً، فقد انتقى كلمة منتج بدلاً من مفردة مسمع في الأصل، كما أنه استعاض عن ضمة فرقة بكسر الفاء، فصار البيت: «ومنتج لا عدمتُ فِرقته..فإنها نقمة من النقم». تالله لقد أفرط في الهجاء. لكن، ما الذي تستطيع فعله مع أحد أبناء آدم قال ما طاب له أن يقول في المنام؟ لو رفعت عليه شركات الإنتاج دعوى قضائية لاتهموها باختلال المدارك.
ها قد وصلنا إلى بيت القصيد من حيث لا نحتسب. لقد عاتب القلم ذلك الرجل أشد اللوم والعذل على تحريف كلام ابن الرومي ، فكأنما صار هو الذي هجا شركات الإنتاج التي لا تحترم الذوق العام، وأهم منه الذكاء العام، لكن صاحبنا لم يكن أصم أبكم في رد التهمة، قال: تلك الفئة من الشركات، لا كلها، وربما ليست حتى جلها، لو كانت مداركها سليمة 100%، هل كانت تستهين بالقيم الفنية؟ هل كانت تتنكر لجماهيرها العربية التي تقضي أحد عشر شهرا في تفاؤل باطل بإنتاج منزوع دسم الإبداع؟.
لكن ذلك الماكر لم يكن سلبياً تماماً، فقد اقترح إخضاع المعنيين بالإنتاج فوراً لدورات مكثفة لمدة ستة أشهر صباح مساء، مع الغربلة لانتقاء المواهب الخام غير المصقولة. إعادة التأهيل: ثقافة، أدب، فنون، فلسفة، علم نفس واجتماع، أخلاق الإبداع والإنتاج، آداب دخول البيوت، فالعائلات ليست ساحات مستباحة حتى يستخدم كل من هبّ ودبّ البذاءات السوقية على هواه. أيها المنتج: انتق موضوعاً مهمّا، تناوله بفكر وفن وذوق، أو اجمع بساطك وانصرف. الإنتاج يجب أن يكون قدوة، أو فليحتجب.
لزوم ما يلزم: النتيجة الاستدراكية: لو لم يكن المشهد في المنام، لكان للمرء رأي آخر.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"