عادي
19 عاماً على الرحيل حملت الكثير من أحلامه وآرائه ورؤاه

تريـم عمـران.. افتتاحيـات لا تنسـى

01:49 صباحا
قراءة 5 دقائق
1

حملت افتتاحيات الراحل تريم عمران الكثير من أحلامه، وآرائه، ورؤاه، وكانت كلماته فيها تؤثر كثيراً في المحيطين المحلي والعربي، ومن ذلك مقال بعنوان «الديمقراطية هي الأمان» قال فيه: الديمقراطية في أسوأ حالاتها أفضل الحلول، حتى لنكرر القول الشائع المأثور: إن علاج نواقص الديمقراطية يكون بالمزيد منها، وقد تعرضت الديمقراطية في وطننا العربي إجمالاً لنكسات من مختلف الأنواع، إلا أن أخطر هذه النكسات في رأينا هو «المفردات» التي استعملها خصوم الديمقراطية للقضاء عليها، مثل «الظروف الدقيقة»، و«المرحلة الانتقالية»، «والمرحلة الحرجة»، و«اللحظات الحاسمة»، و«المنعطف التاريخي»، و«الأوضاع المصيرية»، إلا أن كل هذه الظروف الطارئة، التي كان يفترض أن تكون مؤقتة كما توحي مفرداتها، استمرت أجيالاً، حتى باتت دائمة، بل تكاد تصبح قدراً لا خلاص منه، وإنه لقدر زائف ومرفوض. إن الجماهير العربية تبدو منفية، ومغتربة في أرضها بسبب حرمانها من أبسط حقوق الإنسان في المشاركة، والتعبير بمختلف أشكاله، وهي لن تعود من منفاها إلا من الباب الوحيد، الحرية، ولها مفهوم واحد هو الديمقراطية، والمشاركة، والانتخابات الحرة، والمجالس التمثيلية الصحية والصحيحة.

«هذه الدولة التي نبني» 

وعقب إعلان قيام الاتحاد، وفي مقال بعنوان «هذه الدولة التي نبني» قال: الاتحاد أعلن، وتحولت الشعارات فجأة إلى حقائق، ووضع الناس أمام أمانيهم وجها لوجه، انقلبت الأدوار تماماً، فنحن الذين كنا نصيح ونطالب، أصبح مطلوباً منا، نحن الذين كنا نلوم، سنكون ملومين، فبعد الاتحاد سيكون العمل ليس عمل حكام أو أجهزة، سيكون عمل شعوب، عليها أن تبني، وتنمي هذا الأمل، عليها أن تدافع عنه وتحميه، فإعلان الاتحاد يبدو سهلا، ولكن المحافظة عليه هي الصعبة، بل الصعبة جداً في ظروفنا، فلنتسلح جميعاً بالوعي، والايمان، والإصرار، حتى نحافظ على استمرار هذه البذرة الطيبة، ونؤمن لها المناخ الصالح للنمو، مثل هذه دولة تستحق أن نعمل لها حتى آخر حبة عرق، وندافع عنها حتى آخر قطرة دم، لأنها دولة عروبة المنطقة أمانة في عنقها، وكرامة الإنسان أهم أسسها، دولة تقوم على العلم والتخطيط، وعدالة التوزيع، دولة الرجال العرب الأحرار، التي طالما عشنا نحلم بها خلال مسيرة شاقة مظلمة، وصلت بنا اليوم إلى بداية مسيرة شاقة، لكنها مضيئة. 

1

«نحن أمام تجارب السنوات»

وفي افتتاحية بعنوان «نحن أمام تجارب السنوات»، قال: من تجارب السنوات الماضية بحلوها ومرها، يجب أن نتعلم الكثير من الدروس، نتعلم أن القضايا لا تحل بالدوران حولها، بل بالدخول المباشر في صلبها، فإما أن تكون، فتختصر الوقت، وإما لا تكون فتوفر الجهد، ونتعلم أن في السياسة فناً اسمه «فن الممكنات»، أي أن نبدأ بما هو ممكن وموجود، لنصل إلى ما هو محتمل، أو ما هو مأمول، فمثلاً إذا كانت الوحدة الشاملة لكل العرب هي الهدف السامي، فهذا لا يعني أن نرفض توحداً، قد يكون خطوة على الطريق، فإما الكل أو لا شيء، فهذا يعني طفولة سياسية خطرة، وكذلك بالنسبة لوحدة الخليج، اذ يجب الدفاع عن فكرة أن نشرك الناس فيها، بحيث تبدو نابعة من مصالحهم، وللدفاع عن نظام يجب أن نضعه في خدمة آمال الناس، لا ضد أمانيهم، ففكرة الاتحاد ارتبطت هنا في أذهان الجميع بأنها مولد الاستقرار، والرخاء، والعزة في ظل دولة لها دورها العربي والإنساني.

«عام آخر.. مسؤولية أكبر»

وفي العام الثالث من عمر صحيفة الخليج بعد عودتها، كتب الراحل تريم عمران مقال بعنوان «عام آخر.. مسؤولية أكبر»، جاء فيه: عندما رأت «الخليج» ضرورة العودة.. كانت تعلم مقدماً كم هي عودة شاقة ومكلفة، ليس بحساب المال، ولكن بحساب المسؤولية، ومعادلاتها بالواقع الصعب، الذي يعيشه الإنسان العربي، على امتداد الأمة العربية كلها، وهو واقع يبحث عن حرية الكلمة، ويسعى إلى انتصار الرأي الذي يبني، ويكافح لتكون الحرية سبيلاً للتحرر، كانت عودة «الخليج» شاقة ومريرة، فهي تسعى إلى أن تكون جسراً بين المواطنين والمسؤولين، لا إخفاء لهموم مواطن، ولا تزلّف لمسؤول، ولكن هي جسر تعبر عليه مشكلات الناس، عسى أن تجد حلاً، وجسر تصل من فوقه الصيحة الجدية، عسى أن تجد الصدى، وكان ذلك إيماناً بأن الحوار بين المواطنين، والمسؤولين هو السبيل الأوحد لإرساء الديمقراطية، وغرسها نهجاً يومياً في حياتنا. وشقت «الخليج» طريقها الصعب، يحميها التقاؤها بإرادة شعب عربي واحد، يرفض أخطاء حكومات، أو خلافات قيادات، وحرصت «الخليج» على ألا تكون طرفاً في أي معادلات عربية، وانحازت فقط إلى قضايا أمتنا العربية.

1

إلى قارئ «الخليج»

وإلى قارئ «الخليج» جاء مقال له مع دخول «الخليج» عامها العاشر، قال فيه: في عامنا العاشر نشعر أن علينا مهمة ملحة هي في التمسك أكثر بخياراتنا السياسية، التي تنطلق من ثقتنا بأمتنا وبأصالتها، ومن تيقننا بحتمية نهوضها لوضع مسار حياتها في الاتجاه الصحيح المتسق مع حقائق وجودها، ونشعر أيضاً أن علينا تقديم المزيد مهنياً، ومواكبة تقنيات العمل الإعلامي التي تتغير بسرعة كبيرة، وأن علينا أن نتطور مؤسسياً، وذلك بتوسيع إصدارات دار الخليج، للصحافة والطباعة والنشر، لتشمل إضافة ل«الخليج» اليومية، مطبوعات أخرى متخصصة، يحتاجها مجتمعنا، وتفتقدها منطقتنا، منذ عادت «الخليج» للصدور، قطعت على نفسها عهداً بأن تكون استمراراً ل«الخليج» الأولى، التي حملت راية وحدة الإمارات، ودول المنطقة العربية، والدول العربية كافة، وقطعت عهداً بأن تكون الحقيقة هاجسها الأول والأخير، إن لم تستطع قولها، فلن تقول عكسها، واليوم يتأكد الوفاء بالعهد، ويتجدد في «الخليج» وفي كل المطبوعات الشقيقة التي نعد لإصدارها.

«اتجاه دستوري أم تطويري؟»

بعنوان «اتجاه دستوري أم تطويري؟» التساؤلي كتب تريم عمران: الاتحاد أن يكون على أساس دستوري، أم على أساس مجلس تطويري؟ سؤال ليس بسيطاً كما يبدو، ولكنه قرار جوهري بالنسبة للمستقبل، ونحن اليوم نتعامل مع المستقبل، نحن الآن نوجه هذا المستقبل لنا أو علينا، اتحاد على أساس دستوري، يعني دولة محددة المعالم، قائمة على مؤسسات مخططة الأدوار، وسلطات واضحة المعالم، دولة قائمة على دستور، يعني قائمة على أساس سيادة القانون، فالدستور هو «أبو القوانين»، أي أنه مصدر إلهام المشرع، وركيزته، والدستور يحدد حقوق المواطن وواجباته، وسلطات الحاكم وحدوده، فلا يسلب المواطن حقه، ولا تتصرف السلطات بلا ضوابط ولا رقابة، أي أن الدستور يقدم كل ضمانات الحكم المستنير، والمواطن الحر المشارك، وإيجابية المواطن ومشاركته في العمل والبناء، لا يؤمنهما الا الدستور والقانون، حتى تصبح هذه المشاركة مأمونة وخاضعة لسلطة القوانين، لا للظروف، وربما الاهواء. 

1

«ومر عام»

وعقب عودة «الخليج» إلى الانطلاق، وبعنوان «ومر عام» جاءت كلماته: بعد احتجاب عشر سنوات فقط، تعود «الخليج» مشوارها الأول العاصف الذي لم يستمر لأكثر من عام واحد، كانت فيه العثرات أكثر بكثير من الخطوات السالكات، كانت هذه هي بداية افتتاحية العدد الأول من أعداد العودة، العودة التي بدأت في مثل هذا اليوم من العام الماضي، مر عام لا نقول انه كانت به عثرات، إلا اذا اعتبرنا من قبيل العثرات تلك اللحظات التي لم نستطع فيها أن نقدم لديرتنا، ومواطنينا، وقرائنا من كل الاشقاء العرب كل ما أردنا أن نقدم لاعتبارات لم نكن نملك تغييرها أو تخطيها.
قالوا إن «الخليج» تعود لتكون للشارقة فقط، وانها حطب يلقى على نار، ولو حدث ما قالوه، فلا كانت «الخليج» ولا كنا، وبقينا والحمد لله صوتاً وحدوياً، وكانت قضيتنا مع كل صباح دستوراً اتحادياً دائماً، يلغي فواصل مصطنعة بين مواطن ومواطن، ويضع في أيدينا بندقية واحدة، و«الخليج» ستكون اليوم كما ستكون غداً، وبعد غد، حريصة على كل طوبة في الصرح الذي شاركت في بنائه، ستكشف السلبيات، وسوف تتصدى لكل من يحدث خدشاً باتحادنا، وإنساننا، وأمتنا، وسلامنا، وها نحن نبدأ مشوار عام جديد.. على نفس الطريق.. للحقيقة دون خوف.. وللواقع دون زيف.

1
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"