عادي

سنة صاخبة في الولايات المتحدة على وقع قضية جورج فلويد

20:22 مساء
قراءة 4 دقائق
جورج فلويد

واشنطن - أ ف ب
"إنه يوم الوعي"، هكذا يصف أقارب جورج فلويد يوم 25 أيار/مايو 2020 حين توفي الأمريكي من أصول إفريقية تحت ركبة شرطي أبيض، وحين "فتح العالم عينيه على معاناة الأمريكيين من ذوي البشرة السمراء" بحسب قولهم.
منذ سنة، تم التعبير عن هذه الموجة المناهضة للعنصرية في الشوارع ووسائل الإعلام والساحة السياسية أو القانونية في الولايات المتحدة، رغم أن آثارها الملموسة لا يزال من الصعب تقييمها.

معاناة تم تصويرها

في ذلك المساء من عطلة نهاية أسبوع طويلة، جاء جورج فلويد (46 عاماً) لشراء السجائر من محل "كاب فودز" في مينيابوليس، المدينة الكبرى في شمال البلاد. لكن العملة بدت مزورة، واتصل موظف بالشرطة.
بعدما كانوا غير قادرين على إدخال هذا الرجل الضخم البالغ طوله نحو مترين في سيارتهم، قام عناصر الشرطة بتثبيته على الأرض مكبل اليدين.
ركع الشرطي ديريك شوفين على رقبته، وبقي على هذه الحال لنحو عشر دقائق غير مبال بمعاناة الرجل الذي كرر القول "لا أستطيع التنفس"، قبل أن يفقد وعيه.
حاول المارة بذهول التدخل، لكن بدون جدوى. قامت فتاة في الـ17 من العمر بتصوير كل الأحداث بهاتفها النقال. نشرت الفيديو على الإنترنت وتم التداول به في كل أنحاء العالم.

موجة غضب

خرج الأمريكيون الغاضبون إلى الشوارع للمطالبة بوضع حد للعنصرية وعنف الشرطة بعدما كانوا عالقين في منازلهم منذ أسابيع بسبب الوباء. نزل المتظاهرون في مواكب غير مسبوقة منذ حركة الحقوق المدنية في الستينات.
في المدن الكبرى، انفجر الغضب وتم نهب متاجر وإحراق مركز للشرطة في مينيابوليس، وفي مختلف أنحاء البلاد، تم تخريب تماثيل شخصيات مرتبطة بالعبودية، فيما دخلت الولايات المتحدة في مرحلة مراجعة نقدية للذات حول ماضيها.
وأدى نشر الحرس الوطني وحظر التجول وإصدار لائحة اتهام للشرطة، إلى إعادة الهدوء رغم استمرار التوتر طوال الصيف في بورتلاند.
وفي باريس، لندن، لشبونة، سيدني أو سيؤول، نزلت حشود إلى الشوارع تضامنا مع الأمريكيين من أصل إفريقي أو للتنديد بأعمال العنف التي تقوم بها قوات الأمن.

في صلب الانتخابات الرئاسية

وقف المرشح الديمقراطي للانتخابات الرئاسية الأمريكية جو بايدن الذي يحظى بشعبية في صفوف الأمريكيين من أصول إفريقية منذ أن كان نائباً للرئيس في عهد باراك أوباما، فوراً إلى جانب الضحايا، وشارك عبر الفيديو في مراسم دفن جورج فلويد وتفقد رجلاً أصيب برصاص الشرطة خلال الصيف، ووعد بمعالجة "العنصرية المنهجية" في المجتمع الأمريكي.
في المقابل، قدم الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب الذي يطرح نفسه مرشح "القانون والنظام"، دعماً ثابتاً للشرطة، مندداً بدون توقف بالعنف الذي يقوم به ناشطون من اليسار المتشدد.
وفي 3 تشرين الثاني/نوفمبر، رجح الناخبون السود الكفة لصالح بايدن، وفي خطاب قبوله الفوز، وجه تحية لهم بالقول: "إنهم يدعمونني دوماً، كما أنا أدعمهم"، واعداً "باستعادة روح أمريكا".

إصلاحات غير منجزة

وحتى قبل تنصيبه رئيساً، عيّن بايدن للمرة الأولى أمريكيين من أصل إفريقي في منصبَي نائبة الرئيس والبنتاغون، وبعد ستة أيام من دخوله البيت الأبيض، وقع أول المراسيم لتحسين "العدالة العنصرية".
لكن إجراءاته محدودة الأبعاد، ورغم أنه طالب مجلس الشيوخ بأن يعتمد إصلاحاً واسعاً للشرطة في الذكرى الأولى لوفاة جورج فلويد، فإن الجمهوريين يعرقلون ذلك ويرفضون المساس بالحصانة الكبرى التي تحظى بها قوات الأمن.
إلا أن الولايات والمدن تتقدم بشكل متفاوت بحسب موازين القوى المحلية، وتحاول بعض المدن إجراء تجارب للحد من مخاطر حصول هفوات عبر نزع سلاح العناصر المكلفة بأمن السير على سبيل الماثل.
لكن الإصلاحات في العمق لا تزال بعيدة المنال، ويبقى عدد ضحايا الشرطة على حاله مع حوالي ألف وفاة في الأشهر الـ12 الماضية، وربعهم على الأقل أمريكيون من أصل إفريقي، فيما هم لا يمثلون إلا 13 بالمئة من السكان.
ولكن تجدر الإشارة إلى تغيير لافت، وهو أن وسائل الإعلام تبدي اهتماماً متزايداً بهذه القضايا، وباتت أسماء رايشار بروكس وأندريه هيل وداونت رايت، وجميعهم قتلوا على أيدي ضباط الشرطة، مألوفة لدى الأمريكيين.

محاكمة تاريخية

غرقت أمريكا مجدداً في المأساة بحلول نهاية آذار/مارس مع محاكمة الشرطي ديريك شوفين بتهمة القتل. عرضت أشرطة فيديو صادمة وإفادات مؤثرة. الجلسات التي خرجت عن الإطار المعتاد، حبست أنفاس الولايات المتحدة طوال ثلاثة أسابيع.
وانتهى "هذا الاستفتاء حول الطريق الذي قطعته" الولايات المتحدة بحسب تعبير بن كرامب محامي عائلة فلويد، في 20 نيسان/أبريل بحكم إدانة. تنفست البلاد الصعداء بعدما كانت تخشى موجة عنف جديدة في حال تبرئة الشرطي.
وسواء كان من قبيل الصدفة أم لا، فقد تم اتهام شرطيين اثنين بتهمة القتل، ودين ثالث من هيئة محلفين في ألاباما بتهمة قتل رجل انتحاري، قبل قضية فلويد، فيما كان الشرطيون يفلتون تقريباً من الإدانة.
لكن القضية لم تكتمل، حيث سيتم تحديد عقوبة ديريك شوفين في 25 حزيران/يونيو وثلاثة من زملائه السابقين حوكموا معه بتهمة التواطؤ في آذار/مارس، وهناك محاكمة أخرى أمام القضاء الفيدرالي، تنتظرهم.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"