لبنان.. نفاق وكذب

00:24 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

كشفت مناقشات مجلس النواب اللبناني لرسالة الرئيس ميشال عون التي حمّل فيها الرئيس المكلف سعد الحريري مسؤولية التأخير في تشكيل الحكومة، عمق الأزمة السياسية، وانسداد كل السبل الممكنة للخروج من النفق المظلم الذي يعيشه لبنان على وقع أزمات سياسية ومالية واقتصادية خانقة، وضعت الشعب اللبناني في حالة من اليأس، جراء ممارسات الطبقة السياسية والطائفية التي لم تعد تخجل من أن تجاهر بأن ما يعانيه لبنان لا يعنيها.
السجال الذي دار بين الحريري ورئيس التيار الوطني الحر، جبران باسيل، تحت قبة البرلمان حول مسؤولية تعطيل تشكيل الحكومة، يكشف عن استهتار ولا مبالاة تجاه ما يعانيه اللبنانيون من جوع وفقر بلغا درجات غير مسبوقة، إضافة إلى انهيار قيمة العملة اللبنانية بأكثر من 85%، ما أدى إلى عدم قدرة المواطن على شراء الحاجيات المعيشية الأساسية، مع ضياع الودائع في المصارف، وتعاظم أزمة الكهرباء واحتمال التعتيم الشامل.
يقول الرئيس عون في رسالته: «لا يجوز أسر عملية التأليف الحكومي إلى أفق زمني غير محدد، فتؤبد حالة حكومة تصريف الأعمال»، ثم يمضي قائلاً: «أصبح من الثابت أن رئيس الوزراء المكلف سعد الحريري بات عاجزاً عن تأليف حكومة قادرة على الإنقاذ».
يذكر أن الدستور اللبناني لا يحدد سقفاً زمنياً لرئيس الحكومة المكلف لتشكيل الحكومة، كما لا ينص الدستور على آلية لسحب التكليف النيابي الممنوح للرئيس المكلف.
وقد رد الحريري رافضاً اتهامات رئيس الجمهورية، واتهمه بعرقلة تشكيل الحكومة ورفضه المتكرر الأسماء التي قدمها لحكومة غير سياسية وكفؤة ونظيفة اليد وغير مرتهنة لأي فريق سياسي، تتولى عملية إنقاذ لبنان من أزمته، وفقاً للمبادرة الفرنسية التي اتفق عليها كل الفرقاء السياسيين، وأشار إلى أنه زاره 18 مرة منذ تكليفه بتشكيل الحكومة دون أن يتمكن من إقناعه بالموافقة.
إن تبادل الاتهامات بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف، وما خرج به مجلس النواب من بيان يدعو إلى تأكيد تكليف الحريري، وأي موقف غير ذلك، «يتطلب تعديلاً في الدستور وهذا الأمر غير وارد حالياً»، والتشديد على أن يمضي «الرئيس المكلف قدماً وفق الأصول الدستورية لتشكيل حكومة بالاتفاق مع رئيس الجمهورية»، هو تأكيد لفشل التعاطي مع قضية مصيرية تحتاج إلى قرار يتجاوز الترقيع والتهرب من تحمل المسؤولية، والتخلي عن أسلوب النعامة التي تدفن رأسها في الرمال لتضليل الشعب، اعتقاداً من هذه الطبقة السياسية أن الشعب يصدّقها. 
إنها طبقة لا تخجل من نفسها، فكيف تخجل من شعبها.؟ لا شيء يخفف من مسلكها العجيب المنافق في العزوف عن المواجهة، وإغماض عينيها عن مصائب تتالى وفواجع تضرب اللبنانيين كل يوم، وتمارس أبشع ما في السياسة من نفاق وكذب.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"