لن يتوقف عن التساؤل

00:15 صباحا
قراءة دقيقتين

لأن عصب الحياة هو المال، ولا تستقيم كثير من شؤون وأمور حياتنا دون توفره، فبواسطته نسد الحاجة، ونشتري المستلزمات المهمة والضرورية لهذا الوجود، نجد الكثير من الإرث الإنساني حوله. هناك من يتحدث عنه وكأن السعي لجمعه رذيلة، وهناك من يرى أن اللهاث خلفه عمل مهم وحيوي. كثرت كلمات الحكماء والفلاسفة، بين من يعتقد أن المال يمنح الحلول لأصعب المواقف وأكثرها تعقيداً، وبين من يعتبره عاملاً مساعداً لتذليل العقبات والصعاب، وبين من يرفضه ويعتبره يفسد النقاء البشري، وهؤلاء من تفرغ للتأمل والعبادة والزهد. 
لكن لعل أكبر ما تحدث عنه الأدباء والفلاسفة: هل المال يجلب السعادة؟ أو هل هو سبب للسعادة؟ هناك قائمة لا تكاد تنتهي حول هذا الموضوع، من يفصل الثروة المادية والعينية عن السعادة وعمقها ولذتها وطبيعتها، وهناك من يعتبر الرخاء المادي مدعاة وسبباً جوهرياً لا يكتمل مفهوم السعادة إلا به. هناك تباين وهوّة كبيرة في هذا السياق بين مختلف الآراء التي تتحدث عن هذا الجانب، وكل فريق يحمل دلالاته وبراهينه.
من دون شك، فإن الفيلسوف والمؤلف جورج برنارد شو، من الفريق الذي يعتبر أن المال ليس سبباً للسعادة، فهو القائل: «حتى إذا امتلك الإنسان المال وتمتع بالصحة لن يتوقف عن التساؤل إن كان سعيداً أم لا». وكثيراً ما يتم ربط المال بالصحة، وتحدث هذه الثنائية عندما يتمنى أحدهم المال، ويُعلي من قدره على جميع الحاجات الحياتية الأخرى، فيقال له إنه لو مرض وأعياه المرض ولم يجد الدواء، لن تنفعه أموال الدنيا. 
المؤلف والطبيب الراحل أحمد خالد توفيق، الذي يعتبره البعض أول كاتب عربي في مجال أدب الرعب، قال: «أريد أن أجمع قدراً من المال يكفي لعلاج الأمراض التي أصابتني أثناء جمعه»، لكن نحتاج إلى الواقعية في هذا السياق والتجرد من المثالية التي ليس لها صدى فعلي، لنكن منصفين ومنطقيين. المال مهم، لا تسير عجلة الحياة إلا به.
نعم يمكن أن ننتقد من يسعى لجمع الأموال بطرق غير قانونية وملتوية، ولكن المذموم هنا، من يمارس المخالفة وليس المال. عندما تمتلك الأموال، ويكون للضعفاء والفقراء والمعوزين فيها حظ ونصيب، تكون وظفت المال في موقعه الصحيح، عندما تصرفه في مصاريفه الطبيعية لتسهل حياتك ويساعدك على الاستقرار والراحة النفسية، تكون صرفته في مكانه السليم، وتكون استخدمت المال وليس العكس.
[email protected]
 www.shaimaalmarzooqi.com

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتبة وناشرة إماراتية ومؤلفة لقصص الأطفال وروائية. حصلت على بكالوريوس تربية في الطفولة المبكرة ومرحلة ما قبل المدرسة والمرحلة الابتدائية، في عام 2011 من جامعة زايد بدبي. قدمت لمكتبة الطفل أكثر من 37 قصة، ومتخصصة في أدب اليافعين

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"