نهاية حقبة نتنياهو

00:29 صباحا
قراءة دقيقتين

يونس السيد

لن نبكي على رحيل نتنياهو كما أننا لن نفرح كثيراً لهذا الرحيل، إن حدث؛ ذلك أن نتنياهو لم يسقط بعد، حتى وإن صادق الكنيست على «حكومة التغيير» التي يتزعمها محور لابيد - بينيت؛ لأن جوهر السياسات الإسرائيلية لن يتغير أو يتأثر كثيراً برحيل الأشخاص، خصوصاً إزاء ما يتعلق بالقضايا الإستراتيجية.

 إنهاء حقبة نتنياهو التي استمرت أكثر من 12 عاماً، أمر ممكن إذا ما حظي ائتلاف «التغيير» بمصادقة الكنيست؛ لكن نتنياهو الذي يدرك هشاشة هذا الائتلاف الذي تشكل من أقصى اليسار إلى أقصى اليمين، لا يجمعه غير شيء واحد؛ هو إطاحته من سدة الحكم، وبالتالي فهو لا يراهن فقط على انفجار التناقضات التي ظهرت منذ الآن بين مكوناته، خصوصاً لجهة الاعتماد في بقائه على أصوات «القائمة العربية الموحدة»، وإنما يعمل على تغذية هذه الخلافات، واستقطاب الرافضين والمتذمرين منهم إلى جانبه، وهو بالتأكيد بارع في هذا المجال؛ نظراً لخبرته السياسية الطويلة. 

 ومن المعروف أن نتنياهو لا يستسلم، ولديه القدرة على عرقلة خصومه السياسيين، سواء داخل الكنيست أو في الشارع؛ عبر حشد كل قوى اليمين خلفه تحت عناوين مثيرة، حتى ولو كانت خادعة، من نوع مواجهة «حكومة اليسار» باعتبارها تشكل خطراً وتهديداً وجودياً للأمن الإسرائيلي، علماً أن مراجعة دقيقة لحكومة «التغيير» تشير إلى أن أغلب أعضائها من اليمين واليمين المتطرف بمن في ذلك مجلس الوزراء الأمني المصغر الذي يتخذ القرارات المصيرية؛ ومن ضمنها قرارات الحرب والسلم. 

ولو عدنا إلى التاريخ، فإن «اليسار» وبالتحديد «حزب العمل» بزعامة بن غوريون، وليس اليمين، هو من أنشأ إسرائيل، وظل يقودها حتى عام 1977 حينما نجح مناحيم بيغن زعيم حزب الليكود آنذاك في الوصول إلى السلطة. وإذا ما نحينا كل ذلك جانباً، فإن ما يحدث، إن تمت مصادقة الكنيست، هو انتقال الحكم من اليمين إلى اليمين الأكثر تطرفاً؛ ما يعني أن السياسات التي انتهجها نتنياهو باقية على حالها؛ بل ربما تصبح أكثر تطرفاً وتعقيداً، فنفتالي بينيت في الأصل هو تلميذ لنتنياهو، ويزيد عليه بأنه ملتزم دينياً، وبالتالي ليس صحيحاً أن إسرائيل أصبحت محكومة بهاجس خطر «اليسار»، وها هو بينيت يقول في أول تصريح له بعد تشكيل الائتلاف، إنه لن يوقف الاستيطان في الأراضي الفلسطينية، ويهدد بشن حرب على غزة أو لبنان، إذا دعت الحاجة.

 وإذا كان هنالك خوف من ترؤس يائير لابيد للحكومة خلال الفترة الثانية، باعتباره محسوباً على «اليسار»، فإن بينيت حسم الأمر من الآن بأنه في حال وقوع خلافات في ذلك الحين، فإن الائتلاف سينتهي، وسيذهب الجميع إلى انتخابات خامسة. وحقيقة الأمر أن نتنياهو لا يريد استيعاب إمكانية إقصائه عن السلطة، التي تمنحه الكثير من الحصانة في ظل المحاكمات التي يخضع لها، والخوف على مصيره الشخصي ومستقبله السياسي. 

 وبالعودة إلى احتمالات رحيل نتنياهو من عدمه، فإن الأمر سيان؛ لأن بديله ليس أفضل منه.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"