عادي

شامشير فاياليل..طبيب زائر يتحول إلى مستثمر في 149 مستشفى ومركزاً طبياً

01:40 صباحا
الصورة
الصورة
الصورة
الصورة

حوار: سلام أبوشهاب

الإمارات وطن النجاح.. جملة بسيطة، تتكون من مبتدأ وخبر، الأول يستقر في الروح والثاني يخاطب العقل، فقصص النجاح التي ولدت على أرض الإمارات الطيبة، أكثر من أن تحصى، ففي بلاد «زايد الخير» نسج الكثير من المقيمين خيوط حياتهم، قدموا إليها إما مستثمرين صغاراً، أو موظفين بعقود محددة، فأحسنوا إدارة أموالهم وأفكارهم، فحلقوا بمشاريعهم ونجاحاتهم في سماء العالمية.

في هذا «الملف» الذي يُنشر على حلقات تفتح «الخليج» قلبها وتصغي بشغف إلى حكايات وافدين، اختاروا الإمارات وجهة لكي يحققوا ذواتهم، ويحلقوا بأحلامهم، فوجدوا وطناً دافئاً ديدنه التسامح والتعايش، يستقبلهم بابتسامة مرحبة، ويهديهم الأمل ويمنحهم السعادة، وأحاطهم بالأمن والعدل وسيادة القانون، ووفر لهم البيئة الخصبة والفرص والمزايا للجميع دون استثناء، فأسسوا مشاريعهم وتمددت نشاطاتهم في مختلف أرجاء العالم، ولكن الأهم أنهم عثروا على كنزهم الخاص: الإمارات.

في كل حلقة سنسرد قصة نجاح، ونرحل مع صاحبها منذ أن وجّه بوصلته إلى بلادنا الغالية، حيث جميعهم بلا استثناء يردّون الفضل فيما وصلوا إليه، إلى هذا الوطن المعطاء، وقيادته التي فتحت أذرعها، واحتضنتهم، ملف يروي قصص ناجحين، لكننا في الحقيقة نروي حكاية وطن لا يعرف إلاّ النجاح.

كان حلمه العمل والإقامة في أمريكا، لكنه بعد أن أنهى دراسة الطب، حضر إلى الإمارات بعد حصوله على تأشيرة من مكتب سياحي في بلده، في رحلة سياحية لمدة 10 أيام. وبعد أن شاهد التطور الذي تنعم به الإمارات والأمان والاستقرار والازدهار الذي يشمل جميع القطاعات، قرر أن تكون وجهته للعمل والإقامة، وبعد انتهاء دراسة التخصص. عاد مرة ثانية إلى الإمارات لإتمام مراسم الزواج. وفي عام 2004 وبعد أن حصل على الماجستير في طب الأشعة، التحق بأول وظيفة في «مستشفى الجزيرة» سابقاً، وتحديداً في قسم الأشعة.

إنه رجل الأعمال الدكتور شامشير فاياليل، المؤسس والعضو المنتدب في «في بي إس» للرعاية الصحية، الذي قدم إلى الإمارات منذ 17 عاماً بتأشيرة زيارة كطبيب أشعة، ويساهم الآن ب 149 مستشفى ومركزاً طبياً.

عمل لمدة سنة واحدة فقط، وانتقل للاستثمار في القطاع الطبي الخاص، بعد أن وجد أن القطاع الطبي الخاص بحاجة إلى مزيد من الاستثمارات، وأن الحكومة تشجع مثل هذه الاستثمارات، ووفرت بنية تحتية قوية للجادين والمتميزين. وبالفعل اشترى صيدلية وأشرف على إدارتها. وبعدها بسنتين كانت الانطلاقة، بافتتاح مستشفى سعته 20 سريراً في أبوطبي. ثم أنشأ بشراكات مجموعة تمتلك حالياً 24 مستشفى، بسعة 2700 سرير، و125 مركزاً طبياً وشبكة صيدليات، وأكبر شركة إنتاج أدوية في الدولة. ويعمل في المجموعة 13 ألف طبيب وفني وإداري وموظف.

ويؤكد الدكتور شامشير أن النجاح الذي حققه ما كان ليتحقق، لولا سياسة الإمارات المشجعة للقطاع الخاص.. وهذه تفاصيل اللقاء.

دراسة الطب

بداية تحدث الدكتور شامشير، قائلاً: أنا من مواليد مدينة كيرالا في الهند، عام 1977، وتلقيت تعليمي الدراسي في مدارسها. وكانت رغبتي دراسة الطب. ودرست الطب في الهند، وتخرجت في كلية الطب عام 1999، وأمضيت سنة الامتياز في مستشفى بنجلور، المتخصص في أمراض وجراحات الدماغ. وخلال سنة الامتياز والتدريب في أقسام عدة في المستشفى، قررت التخصص في طب الأشعة. وبعد الانتهاء من سنة الامتياز، بدأت دراسة الماجستير في الأشعة وتخرجت في الجامعة عام 2003.

وتعود به الذاكرة إلى عام 1999، فيقول: بعد تخرجي قررت القيام برحلة سياحية، وأن تكون وجهتي الإمارات، حيث أن هناك عدداً من أفراد الأسرة يقيمون فيها. وقد راجعت أحد المكاتب السياحية في الهند الذي رتب لي رحلة بتأشيرة سياحية لمدة 10 أيام. ومنذ خرجت من المطار أذهلتني النظافة الشديدة في مختلف الشوارع والأحياء، والترتيب والتنظيم الجيد، ثم النهضة العمرانية من أبراج سكنية وشوارع واسعة وأنفاق وجسور. وكنت أشاهد ذلك عبر شاشة التلفاز وأنا أدرس الطب في الهند، إلا أن المشهد على أرض الواقع مختلف تماماً، فوجدت كل شيء فيها يفوق الخيال في هذه الدولة المتطورة.

وأكثر ما شدني، الأمن والاستقرار والنظافة والنظام، لذلك قررت أن تكون محطتي للعمل والاستقرار في الإمارات، بعد أن كان حلمي السفر إلى أمريكا. وقد أمضيت 10 أيام خلال زيارتي الأولى للإمارات، ثم عدت إلى الهند لاستكمال التخصص في طب الأشعة، وعدت ثانية إلى الإمارات عام 2001، خلال دراستي تخصص طب الأشعة، لإتمام مراسم الزواج التي تمت في الإمارات، ثم رجعت لاستكمال دراستي في الهند.

طبيب أشعة

ويضيف: بعد أن أنهيت دراسة التخصص، حضرت إلى الإمارات عام 2004 للعمل، وحصلت على وظيفة طبيب أشعة في «مستشفى الجزيرة». وكان أول يوم عمل لي بتاريخ 11 11 2004. وفي ذلك الوقت كانت الإمارات في حالة حداد على رحيل فقيد الأمة مؤسس الدولة، المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه الذي انتقل إلى جوار ربه في 2 نوفمبر 2004، الذي صادف 19 رمضان.

ويوضح أنه عمل لنحو سنة في قسم الأشعة في مستشفى الجزيرة الذي دمج في مدينة الشيخ خليفة الطبية، وكان يتقاضى راتباً شهرياً قدره 7 آلاف و800 درهم. وخلال عمله لمس أن غالبية المرضى يتوجهون إلى المستشفيات الحكومية للعلاج أو السفر للخارج، لذلك قرر الاستثمار في القطاع الطبي الخاص، وكان يحلم بإنشاء مدينة طبية نموذجية تضم مختلف التخصصات.

القطاع الخاص

ويقول: بعد أن أكملت نحو عام كطبيب أشعة في «مستشفى الجزيرة»، قررت الاستثمار في القطاع الطبي الخاص، وكانت البداية شراء صيدلية في مدينة زايد، كنت أشرف عليها إلى جانب صيدلي ومساعد صيدلي. وفي الوقت نفسه كانت عيني على بناية تقع في الزاوية على تقاطع شارع المرور مع شارع إلكترا، وقررت افتتاح مستشفى خاص في ذلك المبنى، حيث استأجرت أول خمس طوابق. وافتتحنا المستشفى عام 2007 بسعة 50 سريراً، وأطلقت عليه مستشفى «لايف لاين»، وتزامن ذلك مع تطبيق التأمين الصحي في إمارة أبوظبي في ذلك العام. ولاحظت أن أغلبية مراجعي المستشفى من العمال، لذلك فكرت في إنشاء مستشفى 7 نجوم لاستقطاب المرضى والمراجعين المواطنين ومن مختلف الجنسيات.

ويضيف: في ذلك الوقت كان والد زوجتي رجل الأعمال يوسف علي، يجهز لافتتاح «مركز تسوّق» جديد، وهو مبنى مستقل يتكون من طوابق عدة في شارع فاطمة بنت مبارك، «النجدة» سابقاً، واقترحت عليه تحويل المبنى إلى مستشفى خاص. وتقبل الفكرة وبدأت في تحويل المبنى إلى مستشفى، الذي أصبح مستشفى «برجيل» وافتتحناه عام 2012، بسعة 150 سريراً ويضمّ تخصصات عدة.

مدينة طبية

وعن توسعه في القطاع الطبي الخاص، يقول: اهتمام القيادة الرشيدة بالقطاع الخاص، عزّز تحقيق مزيد من النجاحات في القطاع الطبي الخاص، ضاعف من ذلك تطبيق التأمين الصحي، فاتجهت إلى إنشاء المزيد من المستشفيات، منها مستشفى «برجيل» في دبي وآخر في الشارقة وفي العين، وعدد من المراكز الصحية، وإنشاء 3 مستشفيات في سلطنة عُمان.

ويضيف: تحول حلمي إلى حقيقة ببناء «مدينة برجيل الطبية»، في مدينة محمد بن زايد في أبوظبي بسعة 408 أسرة، وبكلفة إجمالية وصلت إلى 1.2 مليار درهم، وتضم مختلف التخصصات، منها 40 سريراً للعناية المركزة، و10 غرف عمليات، وغرفة عمليات مخصصة لعمليات نقل وزراعة الأعضاء البشرية. وتمتاز بأنها رائدة في العالم في أبحاث الجينوميات السرطانية وترجمتها إلى اختبارات سريرية قابلة للتنفيذ ولتطوير الأدوية التي تعتمد على المؤشرات الحيوية، وقد روعي في إنشاء المدينة بأن تكون مركزاً لعلاج الأورام من الدرجة الثالثة والرابعة للبالغين والأطفال، والرعاية الطويلة الأمد، وتضم أجهزة علاج إشعاعي وجراحي متطورة، وجهاز «جاما نايف» لعلاج الأورام، وغيرها من الأجهزة المتطورة. وستركز على تطوير برامج البحوث السريرية، وتطوير أدوية العلاج المناعي، وشغّلنا المرحلة الأولى من المدينة.

24 مستشفى

ويوضح أن مجموعة «في بي إس» التي أنشئت عام 2007، وتمتلك المستشفيات والمراكز الصحية التي تديرها أصبحت واحدة من كبرى مجموعات الرعاية الصحية، حيث تمتلك 24 مستشفى بسعة 2700 سرير، و125 مركزاً طبياً وشبكة صيدليات، وأكبر شركة إنتاج أدوية في الدولة. ويعمل في المجموعة نحو 13 ألف طبيب وفني وإداري وموظف، وأصبحت معترفاً بها شريكاً صناعياً من المنتدى الاقتصادي العالمي «منتدى دافوس».

ويضيف أنه حرص على تسهيل وصول مراجعي الخدمات الصحية، فاتجه إلى إنشاء مراكز وعيادات صحية في عدد من المراكز التجارية ومراكز التسوق، إلى جانب بناء شراكات مع «أدنوك» بإدارة وتشغيل عدد من العيادات والمراكز الصحية في بعض منشآت المجموعة.

ويوضح أن خطته المستقبلية الاستثمار في بلده في مشاريع عدة، منها القطاع الصحي بما قيمته مليار درهم، إلى جانب الاستثمار في دول منطقة الخليج بما قيمته 500 مليون درهم.

الكوادر المواطنة

وعن اهتمام المجموعة بالكوادر المواطنة، يوضح أنها تستقطب الكوادر المواطنة في مختلف التخصصات الطبية والفنية والإدارية، وتتعاون مع جمعية «البيت متوحد» ومع كلية فاطمة للعلوم الصحية لتدريب الكوادر المواطنة واستقطابها للعمل في منشآت المجموعة، فجميعها ترحب بالكوادر المواطنة في مختلف التخصصات الطبية.

الأمن والاستقرار

وعن تشجيع القطاع الخاص، يقول: سياسة الإمارات المنفتحة والمشجعة للاستثمار في القطاع الخاص، خلقت فرصاً كبيرة للمجتهدين والمثابرين. وقيادة الإمارات تولي اهتماماً كبيراً للاستثمار في القطاع الخاص وجذب الاستثمارات. وتوفر بنى تحتية لا مثيل لها في العالم تشكل أرضية صلبة لانطلاقة المستثمرين، فمثل حكومة أبوظبي تخصص أراضي للمستثمرين الجادين الراغبين في إنشاء مستشفيات، كما توفر دراسات دقيقة تحدد الاحتياجات الفعلية التي تساعد المستثمرين على توجيه استثماراتهم، إلى جانب توفير الأمن والاستقرار، وهما عنصران مهمان لأي مستثمر، إلى جانب وجود التشريعات التي تسهل عمل المستثمرين.

رسالة

وعن الرسالة التي يوجهها للأجيال المقبلة وللشباب، يقول، باختصار بدأت عملي طبيب أشعة، وخلال بضع سنوات، بدأت الاستثمار في القطاع الخاص، هذا يؤكد أن الفرص موجودة وبكثرة لمن يعمل بجد واجتهاد ويحرص على التميز في العمل والصدق والإخلاص في التعامل، ومساعدة الآخرين، سواء بتوفير آلاف الوظائف لمختلف التخصصات، أو تقديم خدمات صحية متطورة للمرضى، وفي كلتا الحالتين نحرص على الجوانب الإنسانية في الدرجة الأولى.

ويضيف: أنصح جيل الشباب ولاسيما المواطنين، بالتوجه للاستثمار في القطاع الخاص، فالفرص المتاحة كثيرة، وتحتاج إلى من يعمل بجد ويحرص على التميز والابتكار.