مسلسل «تفصيل»

00:03 صباحا
الصورة
صحيفة الخليج

بعد النجاح الذي حققته ياسمين عبد العزيز في العامين الماضيين، وحرصها على الابتعاد عن الكوميديا لتقديم التراجيديا والرومانسية وشيء من الأجواء البوليسية والمغامرات، توقعنا أن تكمل على نفس الخط مع المزيد من النجاح، وهو ما حصل بالفعل إنما من حيث الخط الدرامي لا النجاح.
لم يكن موفقاً خيار ياسمين عبد العزيز لمسلسلها الأخير «اللي مالوش كبير»، وكأنها تنازلت عن الدور القوي والجيد والذي يبرز قدراتها من أجل عيون زوجها أحمد العوضي.
لم يكن يحتاج العوضي إلى ما يلمع صورته ويبرزه أمام الجمهور بعد نجاحه بدور عشماوي في «الاختيار» العام الماضي، لكن من يشاهد «اللي مالوش كبير» يستغرب هذه التركيبة اللامنطقية والفبركة الواضحة وكأن النص مكتوب بحسابات شخصية ضيقة لا بنظرة مؤلف يبحث عن الإبداع والفكرة الجديدة والحبكة القوية والحوار المبهر الذي يعيش في عقولنا طويلاً.
مؤسف أن يترك المؤلف عمرو محمود ياسين القضية الأهم تفلت من بين يديه لينشغل بالعضلات والمطاردات والعصابات وفكرة الكل يتآمر على البطلة غزل وحبيبها سيف الخديوي وكأنهما نعجتان وسط غابة كلها ذئاب! ألمح إلى ما تتعرض له بعض النساء والفتيات من إهانة وتعنيف وضرب من قبل الزوج أو الأب أو الأخ، وحسبنا أنه سينطلق منها إلى ما يحصل خلف الأبواب المغلقة؛ حيث لا يميز العنف بين سيدة ثرية وأخرى فقيرة؛ وحيث تخدعنا المظاهر البراقة التي تخفي بعض الإناث خلفها القهر والألم والاكتئاب الذي تعيشه في المنزل. لم ينشغل الكاتب بالتعمق في القضية الاجتماعية الحساسة، على الرغم من إتقان ياسمين لهذه المشاهد في بداية المسلسل؛ بل أفرد مساحات وحلقات للتقاتل والعصابات ونرجسية زوج البطلة عابد تيمور الذي أداه خالد الصاوي بتميز كعادته، وجعل من غزل حالة غير مفهومة، تافهة ساذجة ترقص على حبال الكوميديا والتراجيديا دون أن تفي أياً منهما حقه، ولا تفي موهبتها حقها.
إنها مسؤولية المخرج مصطفى فكري أيضاً، فأداء وحركات ياسمين لا تليق بالدور، وطريقة تفكيرها وثقتها العمياء بكل معنى الكلمة بصديقتها نادين (دنيا عبد العزيز) لا هما منطقيتان ولا مبررتان.
شخصية مستفزة لكثرة ما أرادها الكاتب طيبة ونقية، لم يكتبها بحرفة وذكاء ولم يمنحها لمحة الذكاء الضرورية والمنطقية، وكأن كل ما مرت به لم يعلمها أي شيء سوى ادعاء القوة والتشكيك بالشخص الوحيد الذي يحميها (الخديوي) في حين لا تشك ولو للحظة بكل من يطعنونها في صدرها وفي ظهرها.
أي كتابة يغيب عنها المنطق تصير خيالاً، والخيال في الدراما إما أن يرتبط بالخيال العلمي؛ حيث لا تحتاج إلى الصدق ولا المنطق أحياناً، وإما أن يسقط من حسابات الجمهور ويبقى تفصيلاً على مقاسات أفراد لا علاقة للفن والإبداع فيه.

marlynsalloum@gmail.com

عن الكاتب:
كاتبة وناقدة سينمائية. حاصلة على إجازة في الإعلام من كلية الإعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية. ساهمت في إصدار ملحق "دنيا" لجريدة الاتحاد ومن ثم توليت مسؤولية إصدار ملحق "فضائيات وفنون" لصحيفة الخليج عام 2002 فضلا عن كتابتها النقدية الاجتماعية والثقافية والفنية. وشاركت كعضو لجنة تحكيم في مهرجان العين السينمائي في دورته الأولى عام ٢٠١٩