عادي

مخاوف من عدم تسامح «طالبان» مع المعارضين وبايدن غير متأكد من نتيجة الإجلاء

10:49 صباحا
قراءة 4 دقائق
كابول - أ ف ب
تزايدت المخاوف، الجمعة، حيال عدم تنفيذ حركة «طالبان»، وعودها بالتسامح، بعد نشر وثيقة سرّية للأمم المتحدة كشفت أنّ الحركة كثّفت ملاحقة الأفغان الذين عملوا مع القوات الأجنبية في بلدهم، في وقت أكد الرئيس الأمريكي جو بايدن، أنّه لا يستطيع ضمان «النتيجة النهائيّة» لعمليّة الإجلاء في كابول، معتبراً أنّها واحدة «من الأصعب في التاريخ».
وجاء في التقرير الذي وضعته مجموعة خبراء، لحساب الأمم المتحدة، أنّ «طالبان» وضعت «لوائح ذات أولويّة» للأفراد الذين تريد توقيفهم، رغم وعودها بعدم الانتقام. والأكثر عرضة للخطر هم مَن شغلوا مناصب مسؤوليّة في صفوف القوّات المسلّحة الأفغانيّة والشرطة والاستخبارات، وفق التقرير.
وجاء في التقرير، أنّ الحركة تُدقّق في الأشخاص الراغبين بالوصول إلى مطار كابول، وأقامت نقاط تفتيش في المدن الكبرى بما في ذلك العاصمة كابول وجلال آباد. وأوضح مدير المجموعة كريستيان نيلمان: «نتوقّع أن يتعرّض الأفراد الذين تعاملوا مع القوّات الأمريكيّة والأطلسيّة وحلفائها، وكذلك أفراد عائلاتهم، للتعذيب والإعدام». ولفت التقرير إلى أنّ الحركة تُجري «زيارات هادفة لمنازل» الذين تريد توقيفهم ولمنازل أفراد عائلاتهم.
وبحث عناصر من «طالبان» عن صحفي يعمل لحساب «دويتشه فيله»، ويقطن حالياً في ألمانيا، وقتلوا أحد أفراد عائلته بالرصاص الأربعاء في أفغانستان وأصابوا فرداً آخر بجروح بالغة، وفق ما ذكرت هذه الوسيلة الإعلامية.
وقال وزير الداخلية السابق مسعود أندرابي لإذاعة «تايمز» البريطانية: «إنّهم يقومون بمطاردات تشبه الانتقام، خاصة بحقّ ضباط الأمن والاستخبارات، هذا ما يَرِدني من أخبار». وتُردّد «طالبان» أنّها تمنع عناصرها من دخول المنازل بدون تلقّي أوامر بذلك. وأكد أحد كبار قادة الحركة نزار محمد مطمئن، أنّ هذه التعليمات لا تزال سارية. وكتب في تغريدة: «البعض ما زالوا يقومون بذلك، ربما بدافع الجهل»، مؤكّداً أنّ هذا «مخزٍ» للحركة.
ومنذ سيطرتها على الحكم، إثر هجوم عسكري خاطف، حاولت الحركة المتشدّدة إقناع العالم والأفغان بأنّها لا تسعى إلى الانتقام من أعدائها السابقين، وبأنّها تنوي العمل على مصالحة وطنيّة.
ووعدت بأنّه ستكون هناك «اختلافات كثيرة» في طريقة حكمها، مقارنة بحكمها السابق بين 1996 و2001، عندما منعت النساء من العمل والتعليم، وفرضت عقوبات فظيعة على اللصوص والقتلة.
ويأتي ذلك في وقتٍ أعلن بايدن، أنّه لا يستطيع ضمان «النتيجة النهائيّة» لعمليّة الإجلاء في كابول، معتبراً أنها واحدة «من الأصعب في التاريخ»، بعد 20 عاماً من التدخل العسكري الأمريكي.
وقال خلال مؤتمر صحفي في البيت الأبيض: «عمليّة الإجلاء هذه خطرة. إنّها تنطوي على أخطار بالنسبة إلى قوّاتنا المسلّحة وتنفّذ في ظروف صعبة». وأضاف: «لا أستطيع أن أعِد بما ستكون عليه النتيجة النهائية. لكن بصفتي قائداً للقوّات المسلّحة، أؤكّد لكم أنّني سألجأ إلى كلّ الوسائل الممكنة».
واستؤنفت، الجمعة، عمليّات إجلاء المدنيّين من مطار كابول، بعدما توقّفت لساعات عدّة، بحسب ما أعلنت وزارة الدفاع الأمريكيّة. وقال الجنرال هانك تايلور، من هيئة الأركان الأمريكيّة، إنّ «الرحلات استؤنفت، والرحلات العسكريّة الأمريكيّة المتّجهة لأماكن أخرى أقلعت»، مشيراً إلى أنّ تعليق الرحلات استمرّ من ستّ إلى سبع ساعات.
من جهته، أوضح المتحدّث باسم وزارة الدفاع جون كيربي، أنّ «المرافق المخصّصة للاستقبال في قواعد بالمنطقة، كانت ببساطة بلغت كامل طاقتها. لم تكُن هناك أماكن إضافيّة لإرسال مزيد من الناس إلى هناك».
وحصلت واشنطن على ضوء أخضر من برلين، لإرسال بعض ممّن تمّ إجلاؤهم، إلى ألمانيا حيث تمتلك واشنطن قواعد عسكريّة. وأعلن مسؤول أمريكي، الجمعة، أنّ الجيش الأمريكي في أفغانستان نشر ثلاث طائرات هليكوبتر، لإجلاء 169 أمريكياً لم يتمكّنوا من الوصول إلى مطار كابول.
وقال كيربي، إنّ ثلاث طائرات من طراز «شينوك» غادرت المحيط الآمن في المطار، ووصلت إلى فندق قريب، هو فندق البارون، ونقلت الرعايا الأمريكيّين. وهذه أوّل مرّة منذ بداية الأزمة يستعرض الجيش الأمريكي قدرته على مغادرة المحيط الآمن للمطار، لمساعدة الراغبين في مغادرة البلاد.
والمجموعة التي أجليت على متن المروحيّات كانت تعتزم السّير إلى المطار. لكنّ وجود حشود أعاق الوصول إليه، ما أثار قلق المسؤولين الأمريكيّين. وكان الجنود الأمريكيّون الموجودون حالياً في المطار لتسهيل الإجلاء، تجنّبوا مغادرة محيطه الآمن، منعاً لأيّ صدام مع «طالبان».
ونشرت دول حلف شمال الأطلسي طائرات لنقل الرعايا الأجانب وزملائهم الأفغان من كابول، لكنّ الوصول إلى المطار يشكّل «تحدّياً كبيراً»، حسب ما حذّر الأمين العام للحلف الجمعة.
وفي كابول، يستمر آلاف الأشخاص في التهافت على المطار منذ أن سيطرت الحركة على العاصمة. وهم عالقون بين حواجز تفتيش تابعة لـ«طالبان»، وأسلاك شائكة نصبها الجيش الأمريكي في المطار الذي يشكّل المخرج الوحيد لآلاف المدنيّين الأفغان الراغبين بالصعود إلى طائرة للفرار.
ويوجد كثير من الأفغان بجوار السفارات سعياً إلى الحصول على إذن بالإجلاء.
وطلبت «طالبان» من الأئمّة التحدّث عن الوحدة، ودعوة المتعلّمين لعدم مغادرة البلاد في خطبهم أثناء صلاة الجمعة.
وطالبت مجموعة «السبع» ووكالات أممية، «طالبان» بالسماح بمرور الأفغان بأمان، فضلاً عن الأجانب الراغبين بالرحيل.
وتجري كثير من الدول الأخرى، ولا سيّما الأوروبية منها، عمليات إجلاء.
وبدأت تظهر مؤشّرات متفرّقة حول تشكّل مقاومة ضدّ «طالبان». ففي أسد آباد، وفي مناطق مختلفة من كابول، تحدّى متظاهرون «طالبان»، الخميس، رافعين العلم الوطني في ذكرى الاستقلال.
وقال متظاهر: «طلبي إلى المجتمع الدولي. هو أن يوجّه اهتمامه نحو أفغانستان، وألا يسمح بأن تذهب الإنجازات التي تحقّقت خلال 20 عاماً، سدى». ويعوّل الاقتصاد الأفغاني المنكوب على المساعدات الدوليّة، ولا بد لـ«طالبان» من أخذ ذلك بالاعتبار. وأعلن برنامج الأغذية العالمي، أنّ «شخصاً من كلّ ثلاثة» يعاني انعدام الأمن الغذائي في البلاد، بسبب عوامل عدّة مرتبطة بالحرب، وتداعيات الاحترار المناخي.
وحذّرت ممثلة البرنامج في أفغانستان ماري-إيلين ماكغرورتي، من أنّ «الوضع كارثيّ. تشير التحليلات الأخيرة إلى أنّ 14 مليون شخص يواجهون خطر الجوع الشديد أو الحادّ».
وتؤكد طالبان أنّها تعتزم إقامة «علاقات دبلوماسية جيدة» مع كل الدول، لكنّها حذّرت من أنّها لن تساوم على مبادئها. وأظهرت الصين وروسيا مؤشرات انفتاح على «طالبان»، فيما تنتظر الدول الغربية أن تحكم «على أفعالها».
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"