عادي
حط رحاله في الإمارات عام 1965 ليبدأ رحلة الألف ميل

بوطافش: سلسلة المطاعم بدأت بكشك

22:50 مساء
قراءة 6 دقائق
1

أبو ظبي: مهند داغر

من «كشك» صغير في إمارة أبوظبي، مروراً بسلسلة فروع في أماكن مختلفة من الدولة، إلى خطة توسع عربية وعالمية.. إنها مراحل ومحطات في قصة حياة رجل الأعمال الأردني من أصل فلسطيني رضوان التميمي، صاحب أشهر مطعم أسماك في الدولة والمعروف ب «بوطافش»، وهو اللقب الذي أطلقه عليه عام 1968، المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه.

بعد النجاحات التي حققها «بوطافش» على الصعيد المحلي، وما حظي به من دعم وتشجيع وتسهيلات من دولة الإمارات وقيادتها الرشيدة، حرص على نقل خبراته لأبنائه الثلاثة الذين امتهنوا المهنة عن والدهم، ويعكفوا على فتح فروع جديدة لمطعمه الشهير في كل من السعودية ومصر وبريطانيا، وذلك بعد أن شهدت فروعه الأربعة الكائنة في أبو ظبي والعين ودبي نجاحاً منقطع النظير، الأمر الذي ألهمه رفقة أبنائه نحو المزيد من خطط التوسع في دول عديدة.

1

بات مطعم «بوطافش» بفرعيه في مدينة أبو ظبي (مدينة خلفية أ، ومرسى البطين) وكذلك في بوادي مول في العين، والفرع الرابع بمنطقة الجميرا في دبي، يستقبل العديد من الشخصيات والمشاهير والسياسيين والفنانين، والذي ما يزال يعلق هو وأبناؤه العديد من الصور التذكارية لبعض هؤلاء على جدران المطعم.

يعزو رضوان التميمي «بوطافش»، في حديثه ل «الخليج»، سر هذا النجاح إلى التوفيق من الله أولاً، ثم إلى رحلة الكفاح والصبر على مدار عشرات السنوات الماضية، والدعم الذي حظي به من المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه، ليصبح واحداً من أكبر أصحاب مطاعم الأسماك في الدولة، بما يقدمه من مذاق رائع، فيما تضم فروعه أماكن يعرض فيها السمك حياً.

بدأت رحلة «بوطافش» عندما انتقل من فلسطين إلى الأردن وسوريا ولبنان ثم العراق، قبل أن تطأ قدماه أرض دولة الإمارات في عام 1965، فبعد رحلة مدتها خمسة أيام في البحر على متن باخرة، نجح «بوطافش» في الوصول إلى دبي، ثم استقر في إمارة أبو ظبي حاطاً الرحال عند أخيه الأكبر الذي سبقه في المجيء إلى أبو ظبي للعمل في مجال الصباغة والدهان آن ذاك.

1

ويعود بوطافش بالذاكرة ليحكي كيف دخل بتأشيرة كانت تعرف بال«بروة» من دبي إلى أبوظبي بطريقة قانونية للعمل بمطعم كان يسمى القدس بمهنة «جرسون» وكان يحصل على «دينار بحريني» أجرة يومية نجح عن طريق عمله في المطعم من توفير المال للعمل في إحدى شركات المشروبات الغازية والتي تقع بمقرها الحالي بشارع المطار في أبوظبي في مهنة محاسب، حيث كان مسؤولاً ومشرفاً على سيارة برفقة سائق واثنان من العمال لتوزيع الثلج للخيم والصيادين وبائعي الأسماك.

أوقات الفراغ

ويؤكد أنه بدأ بالتعرف أكثر على معالم أبو ظبي مستغلاً أوقات فراغه للتوجه إلى منطقة الكورنيش على مدخل كاسر الأمواج حالياً، ليتدارك بعدم وجود أي مكان لبيع المياه والمثلجات للمارة على الكورنيش، ليقوم بإنشاء كشك في منطقة الكورنيش لبيع القهوة والشاي والمشروبات الغازية والمياه بدون تصريح رسمي من الجهات المعنية معتبراً ذلك بأنه محل «على البركة».

ويقول «بوطافش»: «بدأت حياتي العملية في مطعم في الإمارة حتى أستطيع إعالة أسرتي، وذلك قبل أن يتبادر إلى ذهني فتح ما يسمى بال«كشك»لبيع المرطبات، على كورنيش أبوظبي علماً بأنه لم يكن يتوقع أن يتحول مصدر الرزق البسيط هذا إلى نجاح باهر، ليتوج الآن في سلسلة من المطاعم تحت اسم مطعم«أبوطافش».

سبب التسمية

ويضيف بأن سبب تسميته ب«بو طافش» يعود إلى المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، سنة 1968، وذلك بسبب رحلة التنقل الطويلة والشاقة التي سلكها في عدة دول عربية مروراً بدبي قبل أن يستقر في إمارة أبو ظبي.

يشير «بوطافش» بأن المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان في ذلك الوقت وضمن جولاته الميدانية، كان يرتاد منطقة الكورنيش يومياً بهدف الاطلاع على حياة الناس ويتفقد احتياجاتهم ويلبي رغبات الشباب الطموح منهم، حتى لمح الكشك الذي أقامه بوطافش وذهب لطلب مشروب بارد منه.

ويوضح بأن المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، تساءل وقتها عن عدم كون المشروب بارداً، فقال رضوان التميمي أنه لا يملك كهرباءً أو ترخيصاً للكشك، وليستمع وقتها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه، إلى رحلة السفر التي قام بها«بوطافش» في العديد من الدول، ويأمر بعدها باستخراج رخصة رسمية للكشك وإمداده بالماء والكهرباء والمال وكافة الاحتياجات اللازمة التي تمكنه من الاستمرار في مشروعه وتطويره.

ويضيف «بوطافش»، لم أكن أعرف أنه المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان،طيب الله ثراه، عندما جاء إلى«كشك المرطبات»، إلا عن طريق من تواجدوا في المكان، والذين أكدوا بأنها سيارته، وهو من بداخلها، وجاء بهدف الاطلاع على المكان والتعرف إلى أوضاع الناس هناك، وسرعان ما حدث الازدحام وقام جميع من كانوا بالمكان بإلقاء السلام عليه، ليرد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، السلام على الجميع بتواضع وطيبة.

ويسهب «بو طافش» في الحديث عن الحوار الذي دار بينه وبين المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، عندما سأله من أين أنت؟!، ليجيبه بأنه فلسطيني من الأردن وجئت إلى أبو ظبي من أجل كسب الرزق، وكان رد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان عليه بأن هذه بلاد العرب والمسلمين.

بداية التوسع

ويقول في حديثه عن قصة نجاحه:«بأن المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، أعطاه بعضاً من الأموال التي كانت عبارة عن «روبيات» في ذلك الوقت، طالباً منه توسيع محله في سفينة (مطعم عائم) ليتلقى متابعة شبه يومية من قبل المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، حتى بات العديد من الشخصيات الرسمية التي كانت تزور أبو ظبي تحضر إلى مطعم السفينة التابع ل «بوطافش».

ويضيف بوطافش:«فتحت مطعمي مقابل منطقة مدخل كاسر ألأمواج في أبو ظبي، وكان يسمى في ذلك الوقت»مطعم وكازينو السندباد البحري«قبل أن يتم نقل المطعم إلى المنطقة المقابلة في مكان أبراج الاتحاد حالياً، ومن ثم بعد التغييرات والتوسع العمراني وإعادة تخطيط المنطقة انتقلت إلى أماكن أخرى.

ويعتبر»بو طافش«، المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، بأنه قدوة في العطاء والتواضع والإلهام، وأنه السبب الرئيسي فيما وصل إليه الآن من نجاحات عملية، موصياً أولاده بأن يدفن في أرض الإمارات لأنها حياته التي لم ير فيها سوى الخير والعطاء والمحبة.

ويضيف أن سر النجاح الذي حققه هو الدعم اللامحدود من قبل الإمارات التي تشجع الجميع وتوفر بنية تحتية قوية، تشكل انطلاقة مهمة للمستثمرين والمجتهدين، فالفرص في الإمارات عديدة وفي شتى المجالات ومتواصلة، وبالتالي المجتهد والمتميز والمتفاني في عمله سيحقق أهدافه.

صبر وتواضع

يقول وائل أحد أبناء«بوطافش» الذي يدير سلسة مطاعم والده حالياً: ورثنا مهنة مطعم الأسماك عن والدنا كونه ملهمنا في ريادة الأعمال، بما يتمتع به خبرة من تواضع وصبر، كونه كان يخدم الناس بيديه بالرغم من أن لديه عشرات الموظفين، إلا أنه كان يرد بضرورة أن يبقى قريباً من الناس ولا يعتمد فقط على الموظفين لخدمة الزبائن.

ويؤكد وائل بأن الإمارات سباقة في ريادة الأعمال وبما تقدمه من دعم وتسهيلات لرواد الأعمال وهذا أحد الأسرار الرئيسية لنجاحنا ورغبة في المضي على خطى الوالد ليصبح مطعم«بوطافش»علامة تجارية عالمية تجوب كل أنحاء العالم، وهذا ما نسعى إليه في الأيام القادمة، لاسيما أن الجائحة أجلت لدينا العديد من مشاريع التوسع، غير أنه مع السرعة الهائلة في إعطاء الدولة اللقاحات للمواطنين والوافدين، يحفزنا ذلك بشكل أكبر على تنفيذ خطط التمدد محلياً وإقليماً وعالمياً.

وعن الصور المعروضة لزبائن وشخصيات زاروا المطعم على مدار أكثر من 56 عاماً يقول نجل«بوطافش»، إنها تمثل عراقة وأصالة المكان بالرغم من تغير مكانه الحالي وتمدده إلى مناطق أخرى.

 

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"