إدلب وتحديث التفاهمات

00:45 صباحا
قراءة دقيقتين

يونس السيد

من اللافت أن قمة الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب أردوغان، التي عقدت قبل يومين في سوتشي، ركزت كثيراً على الملف السوري، وعلى وجه التحديد الوضع في إدلب شمال غربي البلاد، من بين الكثير من الملفات الإقليمية والدولية إلى جانب العلاقات الثنائية؛ وذلك سعياً للتوصل إلى تفاهمات جديدة حول تلك المنطقة التي بلغ التوتر والتصعيد فيها حداً يُنذر بتدهور كبير في العلاقات بين الجانبين.

هذه القمة التي عقدت، بعد نحو ثلاث سنوات من «اتفاق سوتشي» حول إدلب، وبعد نحو عام ونصف العام على آخر لقاء عقد بين الزعيمين في منتجع سوتشي ذاته، كانت أكثر من ضرورية للطرفين، بعد أن وصل التصعيد العسكري والسياسي والتراشق الكلامي بينهما حول العديد من الملفات، وعلى رأسها سوريا والقرم حداً غير مسبوق، وبات ينذر بإمكانية وقوع صدام مباشر بين الطرفين. ففي سوريا ارتفعت حدة الاتهامات الروسية لتركيا بعدم تنفيذ تعهداتها لاتفاق سوتشي وفصل الجماعات الإرهابية عمّا يُسمى «المعارضة المعتدلة»، وإقامة المنطقة العازلة المتفق عليها وإخراج السلاح والمسلحين منها. بيد أن الإلحاح الروسي على تنفيذ أنقرة لتعهداتها ترافق مع تصعيد عسكري لافت في الشهور الأخيرة، وصل عشية القمة إلى استهداف مسلحين في بلدة عفرين شمالي البلاد والتي تدخل ضمن منطقة عملية ما يُسمى «نبع السلام» التي تشرف عليها القوات التركية. وهذه المنطقة، في الواقع، تدخل أيضاً ضمن منطقة السيطرة الجوية الأمريكية، ما يعني أن القصف الروسي لها لا يتم من دون تنسيق روسي أمريكي، ولعل هذا بحد ذاته إشارة أو رسالة مهمة لأنقرة التي تتجه علاقاتها مع واشنطن الى مزيد من التوتر والتعقيد.

وفي الجانب الدبلوماسي، ظهرت التناقضات واضحة بين الجانبين، خصوصاً في حديث الرئيس التركي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة عن عدم اعتراف تركيا بتبعية القرم لروسيا، وفي اتهامات تركية لروسيا بأنها هي من ينتهك اتفاق سوتشي، ومطالبتها بوقف التصعيد، في حين ردت روسيا بأنها تحارب الجماعات الإرهابية في سوريا وفق قرارات الأمم المتحدة وتوصيات مسار «أستانا» الذي يضم إلى جانبهما إيران، وهو الأمر الذي فشلت تركيا في القيام به حتى الآن، كما ردت موسكو بإعلان رفضها تزويد أوكرانيا بالسلاح التركي الذي بات يستخدم ضد منطقة دونباس.

بهذا المعنى، فإن القمة كانت أكثر من ضرورية لبحث كيفية التعاون في إنهاء التوترات بينهما إزاء مختلف الملفات بدءاً من سوريا وليبيا وحتى أذربيجان وأوكرانيا، في ظل حاجة أنقرة إلى موسكو إثر التدهور المتزايد في علاقاتها مع واشنطن حول العديد من القضايا الخلافية، مع إعطاء أولية قصوى لنزع فتيل الوضع المتفجر في إدلب السورية، وفق تفاهمات جديدة، أو تحديث التفاهمات السابقة، والدفع باتجاه تطبيع العلاقات التركية السورية، تمهيداً لإطلاق عملية تسوية شاملة وفق القرار الأممي 2254، وعلى نحو يُمكن الدولة السورية من التقدم خطوات جديدة على طريق استعادة سيطرتها على كل البلاد.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"