عادي
163 دقيقة يختتم بها أسطورة الجاسوسية 59 عاماً من النجاح

«لا وقت للموت».. حركة وتشويق بلا ملل أو خلل

00:41 صباحا
قراءة 5 دقائق
مطاردات لا تنتهي
مالك الشخصية الأبرز بعد كريج على ملصق الفيلم
«أكشن» عال ولياقة معهودة
رامي مالك بوجه مشوه وملامح حادة
  • * دانيال كريج يودّع الجمهور بتحية تليق بجيمس بوند
  • * رامي مالك عالمي بأدائه واثق من نفسه ومخيف
  • * المنطق يغيب أحياناً وتشعر بأن الحل النهائي مقحم

مارلين سلوم

جيمس بوند «007»، من لا يعرف هذا الاسم أو يجهل هوية أشهر جاسوس في السينما العالمية؟ ومن كان يتخيل أو يصدق أننا سنشهد فعلياً نهايتها بكل بساطة وهي المعروف عنها أنها شخصية بطل لا يموت ولا يغرق ولا ينكسر أو يمكن خداعه؟ قالوا إن جيمس بوند سيقدم الفيلم الخامس والعشرين ليودع جمهوره وتتوقف السلسلة، لكننا لم نصدق واعتبرناها دعاية ذكية لجذب الجمهور للمشاهدة، وشاهدنا الفيلم الذي طال انتظاره وتأخر بسبب «كوفيد 19» وحقق في بداية انطلاقه في الصالات عالمياً وخلال أول يومين فقط 115 مليون دولار. وأصبنا بالذهول وخرجنا مصدومين لجرأة القرار في إنهاء شخصية سينمائية لطالما ارتبط بها الجمهور لنحو 59 عاماً وصارت رمزاً وأسطورة وعنواناً للجاسوسية وأجمل أفلام «الأكشن»

«لا وقت للموت» فيلم ناجح يجدد ارتباط الجمهور بالأسطورة جيمس بوند على الرغم من قرار الرحيل.

من كلاسيكيات السينما العالمية والتي عشقها الجمهور منذ ظهورها ( في روايات عام 1953 ومن ثم تحولت إلى أفلام سينمائية منذ 1962) وحتى اليوم، سلسلة أفلام جيمس بوند المعروفة ب «007». هي من أنجح أفلام الجاسوسية والتي تم استنساخ روحها وتركيبة بطلها ومهامه الجاسوسية السرية البريطانية وأناقته المعروفة ووسامته ولياقته والابتكارات المبهرة في تقنيات الأدوات التي يستخدمها للتجسس وللدفاع عن نفسه، وسياراته، فظهرت شخصيات كثيرة تشبهه وأبرزها إيثان هانت النسخة الأمريكية من جيمس بوند، والتي لعب دوره طوم كروز في سلسلة أفلام «المهمة المستحيلة» والتي انطلقت عام 1996. وعلى عكس ارتباط شخصية إيثان بالنجم توم كروز فقط، فقد تناوب على أداء دور بوند أكثر من نجم، أولهم شون كونري وأحدثهم دانيال كريج الذي اختار بملء إرادته التوقف عن أداء هذه الشخصية على الرغم من أنه شريك في إنتاج «لا وقت للموت». وللعلم فإن هذه الشخصية هي من ابتكار المؤلف البريطاني والضابط السابق في الاستخبارات البحرية إيان فيلمينج، كتبها في روايات حملت اسم جيمس بوند منذ عام 1953، وبعد رحيله واصل مجموعة من المؤلفين كتابة السلسلة في أعمال سينمائية عدة.

وجيمس بوند هو ضابط كبير في مكتب (00) وحدة «بلاك أوبس» السرية التابعة للمخابرات البريطانية، يحمل الرمز 007 وهو قائد في البحرية الملكية البريطانية.

تكريم وحزن

إنه فيلم الوداع، ملحمي يمتد إلى 163 دقيقة يقدم فيها 007 إحدى أصعب مهامه، ويستعرض كل قوته، في «أكشن» عالٍ، وتشويق لا ملل ولا خلل فيه. نهاية تكرِّم الشخصية الأسطورية وتليق بها على الرغم من أنها تُحزن الجمهور. يأتي هذا الفيلم تكملة للفيلم السابق «سبيكتر» 2015، (إخراج سام مينديز) والذي يعد أقل نجاحاً؛ بل رآه البعض مخيباً للآمال. هذه المرة أراد المخرج كاري جوجي فوكوناجا والذي اشترك في كتابة القصة مع نيل بورفيس وروبرت وايد، أن يكون الختام مسكاً، مع تكرار بعض اللقطات الكلاسيكية والتي التصقت بشخصية جيمس بوند، مثل الطريقة التي يحمل فيها مسدسه وكيف يصوّب على العدو، ومشهد وقوفه بالسلاح وسط دائرة معظمها مظلم ويتسرب من أحد جانبيها ضوء خفيف.

من الأفضل أن تشاهد فيلم «سبيكتر» أو تعيد مشاهدته لتتذكر تفاصيله لأنها مرتبطة بشكل مباشر بالفيلم الحالي، وهو ما كان يجب لفت الجمهور إليه لأن العمل الحالي هو تكملة لما سبقه، كما تكمل بعض الشخصيات أدوارها إلى جانب بوند (دانيال كريج)، حبيبته مادلين سوان (ليا سيدو)، رئيسه إم (رالف فينيس) وعدوه بلوفيلد (كريستوف ولتز) إضافة إلى فريق العمل في جهاز المخابرات كيو (بن ويشو)، ماني بيني (نعومي هاريس) وتانر (روري كينير).

قبل أن نبدأ بتفاصيل الفيلم، لا بد من التوقف عند الشخصية الأبرز في هذا العمل والتي تعد الثانية مباشرة بعد جيمس بوند، شخصية لوتيسيفر سافن التي أداها ببراعة شديدة الممثل المصري الأمريكي رامي مالك، والذي ظهر بعدد مشاهد أقل من مشاهد دانيال كريج لكنه المنافس المباشر والقوي له، وهو «الشرير» الذي لا بد من وجوده في مثل هذه الأفلام. رامي مالك عالمي بأدائه، موهبة تفرض نفسها، ملامح حادة وبارزة، واثق من نفسه، مخيف، حاد النظرات مقنع يجعلك تكرهه بشدة وهذا أكبر دليل على نجاحه.

البداية قوية، تدخلك مباشرة في أجواء التشويق والخوف والمطاردات والخيانة. التصوير من فوق، مشهد في الطبيعة وسط الثلوج، رجل يمشي باتجاه بيت منعزل؛ حيث تقوم الطفلة مادلين بخدمة أمها المخمورة. يدخل الرجل الغريب والمقنّع البيت فيقتل الأم وتهرب الطفلة بعد محاولة قتله، لكنه ينجح في الإمساك بها. هذه المقدمة ضرورية لارتباطها بكل خيوط الفيلم والأحداث الآتية. ثم ننتقل إلى إيطاليا؛ حيث يلتقي جيمس بوند بحبيبته الشقراء مادلين، ثم يتعرض لمحاولة اغتيال بتفجير، فيأخذ مادلين ويحاول الهروب في مطاردات الشوارع التي اشتهر بها 007. يشكك في مادلين؛ بل يتملكه إحساس بأنها خانته وهي التي أبلغت عن مكان وجودهما. الانفجار رسالة تهديد واضحة ومباشرة، من وراءها؟ يقرر الاختفاء مجدداً إلى أن يعلم بسرقة فيروس مسلح يمكن أن يستهدف الحمض النووي لشخص معين، وهذا الشخص يتسبب بقتل كل من يلمسه؛ لذلك يقرر جيمس العودة إلى العمل لاغياً قرار اعتزاله، ومن أقنعه بالعودة هو صديقه فيليكس ليتر (جيفري رايت الذي مر سريعاً إلا أن أداءه كان سلساً إلى جانب حضوره المحبب). فيليكس يصطحب معه وجهاً جديداً اسمه لوجان آش (بيلي ماجنوسن) والذي لا يرتاح لوجوده بوند، ويتبين لاحقاً أنه يخفي أكثر مما يُظهر.

يفاجأ بوند بأنه تم الاستعاضة عنه في وحدته «إم 16» بجاسوسة جديدة نومي (لاشانا لينش) وأعطوها رمزه 007، لكن المشكلة الأهم أن بوند بدأ يشك برئيسه «إم» لأنه يعرف الكثير من المعلومات عن الفيروس وعلاقته بسبيكتر وبلوفيلد الذي وضعه بوند في السجن.

زحام وأزمة

يزدحم هذا الفيلم بجواسيس وأجهزة مخابرات بريطانية وأمريكية، مع تدخل جهات سياسية وحصول أزمة دبلوماسية بين بريطانيا وأمريكا وروسيا واليابان. يذهب جيمس بوند إلى كوبا؛ حيث يوجد «الفيروس» القاتل، هناك يلتقي بالجاسوسة بالوما والتي تؤديها أنا دي أرماس باقتدار. الشخصية ديناميكية، تمنح الفيلم وعلى الرغم من مرورها القصير، الكثير من الحيوية وخفة الظل وتشكل ثنائياً جيداً ومتناغماً مع 007.

شخصية لوتيسيفر سافن تظهر مجدداً، ما علاقته ببلوفيلد وبمادلين وبجيمس بوند؟ وما الفيروس ومشروع هيراكلس الذي يهدد البشرية كلها؟

المخرج فوكوناجا قدم عملاً مميزاً ومشاهد خارجية جميلة، لاسيما أول مشهد؛ حيث التصوير بالطائرة وسط الثلوج في غابة واسعة ورجل يمشي وحده. طبعاً يغيب المنطق في كثير من الأحيان، وتشعر بأن الحل النهائي مقحم وغير مبرر؛ بل تمت فبركته بهذه الطريقة كي يكون ختاماً إجبارياً لوجود هذا الممثل في هذه السلسلة..

لن نتطرق للنهاية وتفاصيلها كي لا نحرق الفيلم، كما أن هناك تفاصيل كثيرة يطيب الحديث عنها لكنها ستكشف أسراراً يجب أن تبقى مفاجأة للجمهور. إنما يمكن القول إن كريج ودّع الجمهور بتحية تليق بجيمس بوند.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"