رحيلٌ ووفاءٌ

00:08 صباحا
قراءة دقيقتين

نقول: اللهم اجمعنا بمن رحلوا عنا في جنانك، اللهم رؤية وجهك الكريم وجوار نبيك محمد صلى الله عليه وسلم، وجنات الفردوس، ولا نقول إلا ما يرضيك، والحمد لله على كل ما يصيبنا.
حين يرحل من نحب، فإن القلب يبكي دونما استئذان، تعود تلك الوخزة والضيقة في نفوسنا، وتضيق الدنيا بما رحبت بنا، وبمن حولنا، وحين يرحل بعد من نحب قريباً أو بعيداً تعود الذاكرة ويعود المشهد والألم فلا نقول غير «اللهم أجرنا في مصيبتنا». الفقد صعب، ولا أحد ينكر ألمه، فحبيبنا المصطفى صلى الله عليه وسلم بكى حين فقد ابنه، ونحن بشر.. كتلة من مشاعر تتجسد في روحنا كل الصفات التي تعطينا صفتنا الإنسانية، فرسولنا حزن لأنه يعلمنا أننا بشر ولا يجب أن نكتم أحزاننا، وأن الحياة فيها المد والجزر، ولا ينبغي أن ننكر ما نمر به أو نتهرب منه، حرصنا يبقى على أنفسنا بأن لا ندخل مرحلة الشرك أو المرض أو حتى الاكتئاب.
من رحل يبقى في القلب مكانه، ولا تمحو ذكراه حتى مشاغل الحياة، رحل وانقطع عن هذه الدنيا، وفي رحيله يبقى درس الوفاء، أن ننفذه ونحرص على أن نتجرد من انشغالاتنا أحياناً، ونعطيه بعضاً من وقتنا، في الدعاء، الصدقة، وكل وسائل الخير وأبوابه المفتوحة، التي تجعل منا بحق أوفياء، والدعاء والتعلق بالله وذكره أجمل ما قد نهديه، أن نكون عند حسن الظن بالله، وبرحمته، ومغفرته، أن ندعوه ونلح في الطلب.. أن نعود ونطلب وندعو ونسأل الله، فربنا الرحمن الرحيم يحب أن يتقرب إليه عبده بالدعاء، فلا نحرم أنفسنا ومن أحبنا وأحببناه بالكلمات التي هي يقيناً من قلب محب.
رحيل ووفاء، صدق وامتنان، حب واشتياق، قرب وافتقاد، كل ما قد كتبته المعاجم في معاني الحب والفقد أطلبه الآن حتى أصف حالنا ونحن نشتاق لمن نحب، ندرك أن «كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام».. ويبقى هو الله الحبيب الذي يدرك حالنا واحتياجنا، فقرنا ورجوعنا إليه، فاللهم ونحن نكتب بأقلامنا اجعلها لنا ولمن رحل عنا صدقة، كل علم نافع عنهم صدقة، واجزهم بأفضل الجزاء بما علمونا، وربونا عليه، بكل القيم التي نمارسها اليوم في حياتنا، أخلاقنا وحسن صفاتنا، هي ثمرة تعبهم واجتهادهم لإرضائك، اللهم اجعلهم في الفردوس منعمين، وجوههم «ضاحكة مستبشرة»، ولا تحرمنا جوارهم في ظل عرشك، يا رب هذه الحياة أنت تملكها، فاجعلنا في الأرض وبعد الرحيل خير خلقك، لنا بصمتنا وتأثيرنا في غيرنا، يا الله إنا نحبك..!
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

مؤلفة إماراتية وكاتبة عمود أسبوعي في جريدة الخليج، وهي أول إماراتية وعربية تمتهن هندسة البيئة في الطيران المدني منذ عام 2006، ومؤسس التخصص في الدولة، ورئيس مفاوضي ملف تغير المناخ لقطاع الطيران منذ عام 2011

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"