الفلسفة في المدارس الإماراتية

00:02 صباحا
قراءة 3 دقائق

خرج مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة بمجموعة توصيات مهمّة أبرزها تدريس مادة الفلسفة في جميع مراحل التعليم في البلدان العربية، وضرورة إنشاء أقسام للفلسفة في الجامعات، ومدّ جسور الحوار مع الفكر الفلسفي العالمي، لكن قبل التعليق على هذه التوصية البالغة الأهمية المتصلة بالفلسفة والمناهج المدرسية أحببت أن أشير سريعاً إلى وقفات أراها مهمّة في الخطاب الفلسفي للمؤتمر الأول من نوعه في الإمارات ودول الخليج العربي.
ركّز د. أحمد برقاوي عميد بيت الفلسفة في الفجيرة على مشكلة السؤال في الفلسفة «.. السؤال الفلسفي تعّينٌ هو انطلاق من المجهول إلى المعلوم، ومن المعلوم إلى المجهول»، والسؤال هو أرق وجودي كما رأى د. برقاوي، والسؤال هو أكثر من سؤال: سؤال علمي، سؤال أسطوري، سؤال ديني، وبذلك، فالفلسفة تطرح الأسئلة الحقيقية في الوجود والحياة، والفلسفة كما اعتبرها د. برقاوي هي الحب.. «إنها احتفال العقل بذاته، وتنير الكهوف المظلمة».
أسئلة الفلسفة أو أن الفلسفة هي حقل أسئلة لم تكن فقط محور مقاربة د. برقاوي وحده، بل، الكثير من المشاركين في المؤتمر أشاروا إلى هذه النقطة الجوهرية في الثقافة الفلسفية التي تؤدي إلى التفكير المنطقي. قال أحد المشاركين «.. لا يمكن أن نتصوّر عقلاً بلا منهج تفكير» و«.. ليس بمقدور اللاّهوتي أن يجيب عن أسئلة الفيلسوف، لأن أسئلة اللاّهوتي ليست أسئلة فلسفية. وهناك من رأى أن بلداننا تحتاج إلى الفلسفة أكثر من أي زمن آخر، و«يكذب من يقول إنه يفكّر وحده». وطرح د. قاسم محبشي الكثير من المشكلات التي على الفلسفة أن تجيب عن أسئلتها وقال: «الفلسفة تطهّر العقل من الأوهام».
هذه موجزات سريعة جداً لأفكار فلسفية إنسانية نبيلة، ولكن إن كان من تعليق سريع أيضاً حول هذه الأفكار المهمّة، ومن بينها فكرة الهوية، فيمكن القول إن الفيلسوف لا يمكن أن يحلّ مشاكل الوجود والهوية والأسئلة الكونية وحده، بل هناك من يتوازى مع الفيلسوف في مواجهة أسئلة وقضايا عديدة هي من اختصاص المفكر، وبعض القضايا يمكن إرجاعها إلى عالم الاجتماع، وبعضها تتعلق بتخصص عالم النفس، وهكذا، فالفلسفة وحدها لا تكفي لحل مشكلات مركبة معقّدة في زمن مركب ومعقد أيضاً.
على صعيد تدريس الفلسفة، فقد أعلنت وزارة التربية والتعليم في الإمارات في يوليو/ تموز 2020 أن الفلسفة ستنضم إلى حزمة المواد الدراسية بداية من العام الدراسي 2020/ 2021، وسبق هذا الإعلان تنظيم برنامج للمعلمين يتصل بتمكينهم من تدريس الفلسفة، وقالت الوزارة «إن تدريس الفلسفة حدث ثقافي فكري يُعبّر عن تحوّل في الرؤية الاستراتيجية الرسمية لاستكمال بناء المواطن الإماراتي، المستقل في تفكيره والمتوازن في شخصيته».
بذلك، تكون الإمارات سبّاقة في تدريس الفلسفة في مناهجها التعليمية، وعلى أية حال فهي ليست المرة الأولى التي تعرف فيها المؤسسات التعليمية الإماراتية مادة أو ثقافة الفلسفة، فقبل سنوات كانت الفلسفة مقرّرة في مساقات جامعية في الإمارات، أما على مستوى ثقافي نخبوي أو لنقل «متخصص»، فإن العشرات من كتّاب الرواية والشعر والقصة القصيرة في الإمارات تشرّبوا الفلسفة، وتشبّعوا بها بقراءات مكثفة للفلسفات المعاصرة بشكل خاص، لا بل، إن كثيراً من النصوص الأدبية الشعرية تحديداً تقوم على رؤى فلسفية أساسها سؤال الحياة والوجود والحب والموت والمعرفة والإنسان بكل تفاعله الخلاّق مع قضايا جوهرية مثل الحاضر والماضي والمستقبل، والتراث، والحداثة، والمعرفة، والعقل، والمنطق، والجمال.
غداً أواصل.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"