مخاوف «كوفيد- 19» تُلقي بظلالها على السلع الأساسية

20:02 مساء
قراءة 4 دقائق

أولي هانسن *

انخفضت تداولات قطاع السلع الأساسية للأسبوع السادس على التوالي مع تسجيل خسائر إضافية في الطاقة والمعادن، الثمينة منها والصناعية على حد سواء، بينما قوبلت هذه الخسائر بأسبوع جديد من المكاسب التي حققها القطاع الزراعي.

وإلى جانب الزيادة الأخيرة في قيمة الدولار وتجدد تدابير الإغلاق بسبب «كوفيد- 19» في أوروبا ومخاطر تباطؤ الاقتصاد الصيني، أضخم مستهلك للمواد الخام في العالم، فوجئت الأسواق يوم الجمعة باكتشاف متحور جديد لفيروس كورونا.

وكان المتحور الجديد الذي يحمل الرمز العلمي B.1.1.529، دون اختيار أي اسم مُحدد بعد، قد اكتُشف في جنوب إفريقيا، مما أثار مخاوف المراقبين الذي يعتقدون بأن اللقاحات الحالية لن تكون فعالة ضد التحورات الكبيرة فيه، ما قد يُسفر عن ضغوط جديدة على أنظمة الرعاية الصحية ويُعقد من الجهود المبذولة لإعادة فتح الاقتصادات والحدود.

موجة من الحذر

وأسفرت هذه المخاوف، عن ظهور موجة من الحذر في الأسواق العالمية يوم الجمعة مع تراجع أسواق الأسهم في جميع أنحاء العالم وانعكاس مسار عائدات سندات الخزينة الأمريكية بعد ارتفاعها في وقت سابق من الأسبوع في ضوء زيادة المخاطر بشأن توجه البنوك المركزية إلى تسريع مساعيها لتسريع عودة الاقتصاد إلى طبيعته، لمواجهة مستويات التضخم المتزايدة. وأما في أسواق تداولات العملات، تحسّن أداء الين الياباني بالتزامن مع انعكاس المسار التصاعدي للدولار الأمريكي، الذي سجّل أعلى مستوياته منذ 16 شهراً في وقت سابق من الأسبوع، في خطوة وضعت قدراً من الضغوط على المراكز الحيازية الطويلة المتخذة مؤخراً.

ومن جانبه، تعافى الذهب بعد ما سجّله من هبوط بقيمة 70 دولاراً خلال أسبوع واحد عندما حفّز الهبوط لما دون المستوى الفني عند 1830 دولاراً للأونصة عمليات البيع في أسهم صناديق التحوّط التي أنشأت مؤخراً. وتراجع النفط الخام بعد أسبوع حافل شهدته سوق الطاقة بدءاً من السحب المنسّق أمريكياً للنفط من المخزونات الاستراتيجية، في حركة أثارت المخاوف من طبيعة رد مجموعة أوبك بلس، التي من المقرر أن تجتمع في الثاني من ديسمبر لتحديد أهداف الإنتاج لشهر يناير وما بعده، بحسب التوقعات.

السوق الزراعية

وحافظت السوق الزراعية على حيادها في ضوء هذه التطورات، مع تسجيل مؤشر بلومبيرج الزراعي لأعلى مستوياته منذ سبعة أعوام متأثراً بالمكاسب المستمرة في القهوة والمحاصيل الأساسية، مثل القمح والذرة وفول الصويا. وتُعزى المكاسب الكبيرة المحققة مؤخراً لمجموعة من الأسباب المتفرقة، والتي ترتبط بالطقس المضطرب الذي شهدناه خلال العام، واحتمالية تأثر الإنتاج لموسم جديد بسبب التطورات المرافقة لظاهرة لا نينيا المناخية، وما يُمكن لزيادة الطلب بعد الأزمة الصحية العالمية أن تُسفر عنه اضطرابات واسعة النطاق في سلاسل التوريد ونقص في اليد العاملة، ويُضاف إليها ارتفاع تكاليف الإنتاج مؤخراً بسبب زيادة أسعار الأسمدة والوقود، مثل الديزل. تعتزم منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة إصدار تقرير «مؤشر أسعار الغذاء» الشهري في الثاني من ديسمبر المقبل، ومن المتوقع أن يصل المؤشر إلى أعلى مستوياته منذ عقد كامل، في أعقاب المكاسب الأخيرة التي حققها خلال شهر نوفمبر.

وكان الحديد، إلى جانب القهوة، من أفضل السلع الأساسية أداء، والذي تمكّن، على الرغم من ضعف أدائه يوم الجمعة، من التعافي من الهبوط الأخيرة مدفوعاً ببوادر انتعاش قطاع الصلب في الصين من جديد، الأمر الذي حرّك الطلب على السلعة الأكثر تعلقاً بالصين من بين حزمة السلع الأساسية بأكملها. وأما في أوروبا، استمرت أزمة الطاقة مع إسهام الزيادة التي تتخذ طابعاً عقابياً في أسعار الغاز والكهرباء في رفع تكاليف العقود المستقبلية لوحدات مسموحات الانبعاثات بالاتحاد الأوروبي إلى مستويات قياسية، في خطوة لمحاولة دعم الطلب على أنواع الوقود الأكثر نظافة، مثل الغاز، الذي يُعاني شُح الإمدادات حالياً، ومن أجل التعويض عن زيادة الطلب على أنواع الوقود الأكثر تسبباً بالتلوث، مثل الفحم.

النفط الخام

كان النفط الخام في طريقه لتسجيل الأسبوع الخامس على التوالي من الخسائر مدفوعاً بشكل رئيسي من المخاوف بفرض الإغلاقات الجديدة والحد من القدرة على التنقل بسبب المتحور الجديد المكتشف مؤخراً في جنوب إفريقيا. وخسر مؤشر ستوكس 600 للسفر والترفيه 16% من قيمته خلال الأسابيع الثلاثة الماضية مع إمكانية اتساع نطاق حالات الإغلاق المتجددة في أوروبا إلى مناطق أخرى في جميع أنحاء القارة. وقبل ذلك، أدى السحب المنسّق في أمريكا للنفط من المخزونات الاستراتيجية إلى زيادة الأسعار تحسباً لأي إجراء مضاد من قبل مجموعة أوبك بلس.

تراجع الذهب

ومن جانب آخر، تراجع الذهب إلى ما دون مستوى الدعم عند 1830- 1835 دولاراً للأونصة في أعقاب إعادة ترشيح جيروم باول لرئاسة الاحتياطي الفيدرالي، إلى جانب توقعات بفرض البيت الأبيض لحدوث تغيير في نطاق التركيز ضمن الاحتياطي الفيدرالي. وقد يجد الرئيس بايدن وفريقه أنفسهم مضطرين لاتخاذ قرار بإبقاء باول في منصبه مع تحذيره ومطالبته بتغيير نطاق تركيزه، لاسيما في ضوء احتمالات بتأثر 200 مليون مُوظّف بسبب سياسة الاحتياطي الفيدرالي حيال التضخم الرامية إلى دعم ثمانية ملايين شخص من العاطلين عن العمل.

وكانت هذه التطورات، قد شهدت تراجعاً حاداً يوم الجمعة، عند انتشار أخبار المتحور الجديد للفيروس، ما أدى إلى تعافي قوي في مستوى الذهب لما فوق 1800 دولاراً للأونصة. وكان التعافي الأولي مدفوعاً بشكل واضح من الطلب على الملاذات الآمنة، مع تراجع العملات المشفرة بأكثر من 10%، ووجود الفضة والبلاتينوم في أسفل جدول الأداء لهذا الأسبوع بسبب انتمائها إلى قائمة المعادن الصناعية، ويضاف ذلك إلى ما أحدثته التصفية الطويلة من مساحة لظهور مراكز طويلة جديدة. وقد يسهم هذا التطور في زيادة مهمة الذهب بتحقيق أي تقدم جديد.

*رئيس استراتيجية السلع لدى ساكسو بنك

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

رئيس استراتيجية السلع لدى «ساكسو بنك»

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"