روائع نسبيّات الخمسين

00:12 صباحا
الصورة
صحيفة الخليج

كم يساوي نصف قرن في مقاييس الشعوب؟ الجواب نسبيّ لأنه «على قدر أهل العزم تأتي العزائمُ». ثمة دول قطعت العقود وهي تراوح مكانها، فكأن الزمن توقف لديها، وكأنها ولدت عجوزاً مترهّلة متداعية. وثمّة فئة نادرة تولد وهي في عنفوان الشباب، فلا تنتظر أن يشتدّ عودها، ويتجلى كدحها التنموي العظيم في كل الميادين بلا هوادة منذ لحظة نشوئها، بل يتسارع الإيقاع في كل آن فكأن لها في كل يوم أيّاماً. هكذا تمرّ الخمسون عاماً، وكأن فيها خمسينات، فلا حصر للإنجازات وسرعة النموّ الشامل. هكذا كانت الخمسون الأولى من عمر دولة الإمارات.
النسبيّة الأخرى للزمن في الإمارات، هي أنّ مرور السنين كان طوال نصف قرن، يزيدها شباباً ونضارة في كل عام. عد إلى يوم إعلان دولة الاتحاد، وتدرّج عاماً فعاماً، سترى قول العباس بن الأحنف: «يزيدك وجهها حسناً..إذا ما زدته نظراً». اليوم هو الثاني من ديسمبر، اليوم الأول من الخمسين الثانية، سيظل الزمن يمرّ ويتقدّم، أمّا سنّ الإمارات فسوف يبقى عنفوانها وشبابها ونضرتها في ازدياد. إن أروع ما تتغذى عليه الدولة المتألقة، التنمية الشاملة المتوازنة، أي تلك التي ترتقي بجميع جوانب الحياة العامة معاً، فلا يتقدم فيها جانب على حساب آخر. كل شيء يُهمل في المسيرة يصير عائقاً معرقلاً. وكل طاقة تهمّش تؤثر سلباً في سير الحركة العامّة.
من أهمّ ما تجدر ملاحظته أن التنمية المتسارعة التي حققتها الإمارات منذ إعلان الاتحاد، تلوح اليوم وكأنها كانت طوال نصف قرن استعداداً وتمهيداً لخمسين مختلفة في مضامين التنمية. يمكن الاستدلال على ذلك من خلال بنية تحتية ماديّة لا مثيل لها عالمياً تتمناها دول عظمى كثيرة، إلى جانب بنية تحتيّة افتراضيّة، متمثلة في القدرة على استيعاب كل جديد. ولا ننس أن أهمّ بنية تحتيّة وفوقيّة للدولة المتقدمة المتحضرة، هي المجتمع القائم على الانفتاح الذهني، والتوازن النفسي، والسلامة البدنية، والانفراج الاجتماعي بفضل التسامح والتعايش السلمي، وفوق كل ذلك عدالة استقلال القضاء ووضوح التشريعات وقوّة القوانين.
لزوم ما يلزم: النتيجة النجومية: عليك أن تتخيّل مطامح الإدارة الفائقة لقيادات الإمارات، حين تدرك أن نصف القرن الذي مضى، كان استعداداً لمشروع ريادة عالمية، صدر فيه تشريع قاطع.
abuzzabaed@gmail.com

عن الكاتب: