عادي
تجارب مميزة لـ 7 فنانات في الزخارف

«التذهيب» يأسر البصر في مهرجان الفنون الإسلامية

22:29 مساء
قراءة 4 دقائق

الشارقة: عثمان حسن
حضر فن التذهيب في مهرجان الفنون الإسلامية في دورته الرابعة والعشرين من خلال مشاركة لافتة ل7 فنانات إيرانيات، عكسن في أعمالهن أبرز ملامح هذا الفن الإسلامي العريق، من خلال إبداعات جاذبة لتقنيات التذهيب على الورق. ومعروف أن فن التذهيب يتم خلال مراحل عدة، تبدأ بتحضير الطلاء الذهبي على شكل أوراق رقيقة بالماء والصمغ العربي، يليها تحضير عجينة تقطع إلى أجزاء صغيرة باستخدام الأصابع أو بآلة خاصة، ثم تبدأ مرحلة الزخرفة باستخدام الألوان. ومعروف أن فن التذهيب استخدم في المصاحف، وهو فن معروف في عدة بلدان إسلامية.

قدمت الفنانة آرزو شالي، مشاركتين للتذهيب على ورق يدوي، برزت فيهما تشكيلات جمالية آسرة عكست مستوى الوعي البصري عند الفنانة شالي، التي سبق وأقامت العديد من الورش في فن الزخرفة والتذهيب، وقد سبق وحازت المركز الأول في مسابقة القرآن الكريم التي شارك فيها طلاب من جميع أنحاء إيران.

أما الفنانة بروانة لطيفي التي بدأ نشاطها في فن التذهيب عام 2017 تحت إشراف علي رضا قاضي، وزهرة دوستي، فقدمتا تجربتين في فن التذهيب جسدتا من خلالهما فهمهما لشعار المهرجات (تدرجات) بوعي بصري وجمالي تجلى في الألوان والزخارف البصرية التي توزعت من خلالها رقائق الذهب على سطح الورق اليدوي بجمالية خاصة، أخلصت لروح الفن الإسلامي في بعده الروحي، بطريقة مزجت بين الشكل التقليدي والمعاصر، وهنا يظهر اللون على سطح اللوحة المذهبة بوصفه وحدة بصرية تتجلى فيها معاني التوحيد، وهو المعنى الذي ينسجم مع شعار «تدرجات»، ويبرز المعمار الزخرفي الإسلامي بوصفه حاضنة إبداعية وجمالية ذات أثر بالغ عند الفنان المسلم.

تصاميم هندسية

في التجربة الثالثة عند الفنانة بوران آذركمان التي قدمت 3 لوحات، أبرزت فيها تدرجات اللون البني الممزوج برقائق الذهب على ورق يدوي، برزت حرفة الفنانة في هذا الفن الإسلامي من خلال تشكيلات هندسية طورت من خلالها النمط الزخرفي الهندسي عبر تكرار المربعات والدوائر، وهو قريب من فن الأرابيسك. وكان لتداخل هذه التصميمات على شكل الورق ما أضاف بعداً جمالياً آسراً.

بدرها تعلمت بورن آذركمان فن التذهيب والتصاميم الهندسية عام 2018، ومنذ ذلك الحين أتقنت هذا الفن تحت إشراف معلمها سعيد شكوري. وقد شاركت بعد ذلك في العديد من معارض الخط والرسم، وتقوم منذ عام 2019 بتدريس هذا الفن.

أما الفنانة ستارة قنبري فكان لتصميماتها الزخرفية المذهبة المستمدة من عناصر الطبيعة، والتزامها الدقيق بقواعد هذا الفن، دوره في تقديم وعي بصري جاذب بمعانيه الروحية.

وما هو مهم في تجربة قنبري، هو تركيزها على النجمة الثمانية في معمارها الزخرفي المذهب، ومعروف أن النجمة الثمانية في الزخرفة الإسلامية، تمتاز بهندسة متفردة.

ومن ينظر إلى الفضاء المعماري في تجربة قنبري، يرى تداخل اللون مع آلاف النجوم الساطعة في شكلها الهندسي والجمالي، الذي يتناغم مع الزخرفة الإسلامية.

قنبري التي تشارك للمرة الأولى في مهرجان الفنون الإسلامية في الشارقة، لها مشاركات في العديد من المعارض الفنية داخل إيران وحازت جوائز عديدة.

أما الفنانة فاطمة دوستي، فقدمت نموذجين من رقائق الذهب على ورق يدوي صقلته بخلفية سوداء، وقد استفادت دوستي من الزخرفة النباتية الطبيعية في تقديم نموذج جمالي استخدمت فيه رقائق الذهب في طلاء أوراق رفيعة من التصاميم النباتية، التي اعتمدت على أشكال هندسية منقطة، ومعروف أن الزخرفة النباتية تستخدم أنواعاً كثيرة من الورود والنباتات والأزهار وتتكون في العادة من الأوراق والسيقان والأغصان، ويطلق عليها أحياناً «فن التوريق»، كما استخدمت هذه الزخرفة في مجالات عدة كالقباب والجدران والأسقف، وهي مستوحاة من الطبيعة التي تشكّل أكبر مصدر إلهام للفنانين المتخصصين في رسم الزخرفة.

مارست فاطمة دوستي فن التذهيب قبل 10 سنوات على يد أستاذة فن الخط والزخرفة زهرا دوستي، وقامت بتذهيب أعمال خطاطين بارزين ولها العديد من المشاركات الدولية.

قوة الشكل الدائري

اعتمدت زهرا دوستي عضو لجنة تحكيم مهرجان شباب العالم الحاصلة على جوائز عدة في بيناليات دولية مثل بينالي المخطوطات القرآنية المذهبة على قوة الشكل الدائري وأثره في الجماليات الإسلامية، فقامت بتصميم زخرفي مذهب يعتمد الدائرة كمفهوم معروف ومتبع في معظم التشكيلات الهندسية التي تنتمي للفن الإسلامي، واعتمدت الزخرفة النباتية كإطار يبرز تجليات الدائرة عند الفنان المسلم، وهو وعي يدرك أبعاد الدائرة، لما لها من دلالات ورموز في الفن الإسلامي تعكس معنى الوحدة والوجود.

أما الفنانة منيرة كلهر فقدمت نموذجين مذهبين الأول بعنوان «أول صفحة»، والثاني بعنوان «شمسة»، وقد أخلصت كلهر، كما هو حال معظم الفنانات المشاركات، لمفهوم التذهيب كتصميم زخرفي إسلامي عريق. وفي النموذج الأول بدا واضحاً اشتغالها على الزخرفة الهندسية، كشكل هندسي، حيث توسط الشكل المستطيل اللوحة، فظهرت الزوايا والأضلاع المتساوية لتكون دعامة لفن إسلامي راقٍ تتمثل وظيفته في صنع الجمال شكلاً ومضموناً.

أما بروانة لطيفي فقدمت مشاركتين اعتمدت فيهما مفهوم الدائرة منطلقاً لفن التذهيب، وكانت الزخرفة النباتية حاضرة بقوة في إحدى هاتين التجربتين، في حين مالت إلى الدمج بين الدائرة والنجمة الثمانية في التجربة الثانية. وفي كلتا المحاولتين قدمت لطيفي تجربة ثرية في مضامينها الجمالية والروحية تقارب مفهوم «تدرجات» لمهرجان الفنون الإسلامية.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"