عام العلوم الأساسيّة

00:04 صباحا
قراءة دقيقتين

ماذا وراءك من بحوث علميّة يا 2022؟ المناسبات عادة لها يوم عالمي في السنة. أمّا 2022، فهو «العام العالمي للعلوم الأساسية من أجل التنمية المستدامة». العلوم لا تخلو من الدعابة غير المقصودة، فالتسميات والمسمّيات شتى متداخلة، تُدخل على الذهن الاضطراب، وتشبه أحياناً مفارقات الأسماء والصفات في المرادفات العربية.
 هذا عام عالمي للعلوم الأساسية، وتسمّى العلوم البحتة، ويقصد بها: الفيزياء، الكيمياء، البيولوجيا، الفيزياء الفلكية. تسمى أيضاً العلوم الصحيحة، وهذه تشمل العلوم الطبيعية المذكورة، ومعها العلوم الشكلية: الرياضيات، المعلوماتية، الهندسة (جيومتري) والمنطق.
الطريف هو أن مصطلح «العلوم الصحيحة» فيه مغالطة بريئة، فكأن العلوم الأخرى، أي الإنسانية والاجتماعية، غير صحيحة. لكن، لا خبث ولا مكر، فالرياضيات مثلما يقول أينشتاين «تتفوق على كل العلوم بأنها لا جدل فيها»، بينما في الفيزياء والكيمياء والأحياء، قد تأتي نظرية فتنسف ما قبلها. أمّا في العلوم الإنسانية والاجتماعية فالدقة العلمية نسبية، في علم النفس مثلاً، لا أرقام ولا معادلات ولا حقائق ثابتة.
أبشروا، فمستقبل العلوم زاهر لكل البشرية. العدالة العلمية آتية، لا ريب فيها. الدليل، لم يعرف التاريخ نظير المصطلح «العلوم المفتوحة»، الذي ينتشر عاماً فعاماً، وهو مثل البرمجيات التي تسمى «المصدر المفتوح» (أوبن سورس). ستكون العلوم المفتوحة متاحة للجميع من دون قيود تسجيل البراءات وقوانين الملكية الفكرية. منظمة «اليونيسكو» تشجّع هذا التيار، فالسين في الحروف اللاتينية تعني العلوم، وهي ترعى هذا العام العالمي.
الحديث عن العلوم الأساسية يعني في نهاية المطاف «البحث الأساسي»، ومعناه البحوث العلمية التي لا تحدّد لها غاية إنتاجية أو صناعية، مثل البحوث التي تجريها الشركات والمصانع، أو تطلبها بمقابل من مراكز البحث العلمي في الجامعات أو خارجها. البحث الأساسي يكون للعلم في سبيل العلم. مثلاً: سنة 1915 اكتشف أينشتاين نظرية النسبية العامّة، في الحقيقة هو عمل عليها منذ 1907، لكنه لم يكن يتصور أن تصير بعد عشرات السنين أساس «جي.بي.اس»، نظام التموضع العالمي. عام 1928 اكتشف الفيزيائي بول ديراك المادة المضادّة، لكن اكتشافه صار بعد عقود مطبّقاً في كاميرات البوزيترون في المستشفيات. بوزون هيجز تحقق إثباته بعد أربعين سنة، سنة 2012. هل كان فينمان القائل سنة خمسين بإمكان وضع موسوعة «بريتانيكا» على رأس دبوس، يتخيّل أن البيتابايت (ألف تيرابايت) أضحت اليوم في متناول الأفراد؟
 لزوم ما يلزم: النتيجة التكميليّة: حرام ضغط موضوع كهذا في عمود. فلعل المولى يأذن بالبقيّة.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"