تحقيق- راندا جرجس
تنتمي الغدد الكظرية إلى جهاز الغدد الصماء في الجسم، وهي صغيرة الحجم وتتموضع فوق الكلى من الجانبين، وتتكون من قسمين وهما: النخاع الذي يقع في الداخل وهو المسؤول عن إنتاج هرموني الأدرينالين والنورأدرينالين اللذين يؤثران في القلب وضغط الدم والأيض، أما القسم الثاني فهو القشرة الخارجية التي تحيط بالنخاع، وتشكل نحو 90% من حجم الغدة، وتقوم بإفراز الهرمونات القشرية السكرية مثل الكورتيزول الذي يتحكم في ضغط الدم وجهاز المناعة والقلب، وكذلك الهرمونات القشرية المعدنية كالألدوستيرون الذي يلعب دوراً حيوياً في توازن الماء والأملاح في الجسم، كما أنها المسؤولة عن إفراز هرمونات الذكورة، وفي بعض الحالات يمكن أن يتعرض بعض الأشخاص إلى ارتفاع أو انخفاض معدل الإنتاج الطبيعي للهرمونات بسبب اضطرابات الغدة الكظرية، ما يسبب أمراضاً ومضاعفات ومشكلات صحية تؤثر في جودة الحياة، ويحدثنا عنها في السطور القادمة مجموعة من الخبراء والاختصاصيين.
يقول الدكتور فايبهاف جورد أخصائي المسالك البولية: إن اضطرابات الغدة الكظرية تتسبب بشكل عام في الشعور بآلام في البطن، والضعف والإرهاق، وفقدان الوزن أو زيادته غير المبررة، وتختلف العلامات الأخرى بحسب نوع الهرمون المسبب لهذا الاختلال، كالآتي:-
- أعراض اختلال الهرمونات تشمل خللاً في وزن الجسم وخاصة في الجذع والوجه المستدير، وهشاشة الجلد وضعف التئام الجروح وارتفاع ضغط الدم، إلى جانب خلل نسبة السكر في الدم، والتعرق والصداع وخفقان القلب في ورم القواتم.
- يرافق ارتفاع مستويات الكورتيزون (داء كوشينغ) السمنة في الجزء العلوي من الجسم، بينما تبقى الذراعان والساقان أرق، وعلامات خط أرجوانية واسعة على جلد البطن.
- يصاحب ارتفاع مستويات الألدوستيرون انخفاض مستويات البوتاسيوم، وآلام العضلات وتشنجاتها.
أنواع الإصابة
يوضح د. فايبهاف أن تشخيص اضطرابات الغدة الكظرية بشكل عام يتم عن طريق إجراء فحوص واختبارات لتحديد نسبة انخفاض مستويات الهرمونات في اللعاب والدم والبول، أو الكشف عن حالات الاشتباه في وجود أورام، ويمكن أن يطلب الطبيب اختبارات التصوير كالأشعة المقطعية أو الرنين المغناطيسي أو اختبارات التصوير النووي، وتجدر الإشارة إلى أن بعض الأمراض يمكن أن تزيد من فرص الإصابة باضطرابات الغدة الكظرية، كالعوامل الوراثية والجينية، أو بسبب مشكلات الغدد الأخرى كالغدة الفتاكة، كما تتحكم زيادة أو نقص إنتاج الهرمونات أو تطور السرطان في حدوث هذه الاضطرابات، وتنقسم إلى عدة أنواع، ومنها:-
- المشاكل الهرمونية أو قصور إنتاج الغدة الكظرية أو مرض أديسون.
- زيادة إفراز هرمون الكورتيزول أو داء كوشينغ.
- الاضطرابات الناجمة عن بعض أنواع الأدوية، أو الظروف الجينية أو استجابة المناعية الذاتية.
أسباب متعددة
تذكر الدكتورة هالة يوسف أخصائية أمراض الغدد الصماء أن اضطرابات الغدة الكظرية تحدث نتيجة خلل في إفراز الهرمونات التي تنتجها القشرة، الجلوكورتيكويدات والقشرانيات المعدنية والأندروجينات، وكذلك الكاتيكولامينات التي يفرزها النخاع الكظري، وبعض العوامل الأخرى، مثل:-
- فرط إفراز هرمون الألدوستيرون الزائد الذي تنجم عنه البداية المبكرة في الإصابة بارتفاع ضغط الدم المقاوم في المرحلة العمرية من 30 إلى 40 سنة، ما يحتاج إلى وصف أدوية متعددة للمريض، ويتم تشخيص فرط إفراز الهرمون عن طريق فحص الدم بنسبة الألدوستيرون أو الرينين.
- تضخم الغدة الكظرية الخلقي الذي تعانيه السيدات المصابات بعدم انتظام الدورة الشهرية، الشعرانية، واللواتي تظهر لديهن علامات البلوغ المبكرة، وقصر الطول النهائي عن المتوسط، ويتم التشخيص من خلال إجراء فحص الدم وارتفاع نسبة الأندروجينات في الدم.
- ورم القواتم الناجم عن زيادة في نسبة الأدرينالين أو النورأدرينالين، الذي يستهدف على الأكثر المرضى الذين يعانون نوبات الهلع أو الخفقان أو فقدان الوزن أو ارتفاع أو انخفاض ضغط الدم، وتم التشخيص عن طريق فحص الدم من الكاتيكولامينات أو في البول.
متلازمة كوشينغ
توضح د.هالة أن متلازمة كوشينغ تنجم عن زيادة هرمون الكورتيكوستيرويدات، وتحدث بسبب الأورام الحميدة أو العقيدات الدقيقة الثنائية، أما تضخم الكظرية فيستهدف على الأكثر الأشخاص المصابين بالسمنة المركزية، الكدمات الخفيفة، ومن يعانون السلالة الأرجوانية والاعتلال العضلي القريب، وارتفاع ضغط الدم، وزيادة نسبة السكر في الدم، وتقلب المزاج والاكتئاب، ويتم التشخيص عن طريق اختبار البول الخالي من الكورتيزول لمدة 24 ساعة، وقياس مدى ارتفاع نفس الهرمون في منتصف الليل، أو فشل تثبيط الكورتيزول عن طريق تناول ديكساميثازون.
قصور الغدة الكظرية
تبين د.هالة أن نقص هرمون الجلوكورتيكويد يحدث بسبب قصور الغدة الكظرية الأولي أو الثانوي، أو نتيجة مشكلات الغدة النخامية أو تحت المهاد، وتتمثل أعراضها في التعب، وفقدان الوزن، والدوخة، وانخفاض ضغط الدم أو زيادة تصبغات الجلد، ويتم التشخيص من خلال اختبار تحفيز الهرمون الموجه لقشر الكظر؛ حيث يتم إعطاء هذا الهرمون عن طريق الوريد وقياس نسبة هرمون الكورتيزول في الدم.
طرق التداوي
يشير الدكتور محمد نبيل أخصائي الغدد الصماء إلى أن الخيارات العلاجية لاضطرابات الغدة الكظرية تعتمد على نوع المشكلة والمضاعفات الناجمة عن الإصابة، كالآتي:-
- تستخدم الأدوية والهرمونات في معالجة داء أديسون، لتصحيح مستويات هرمونات الستيرويدات التي لا ينتجها الجسم مثل: هيدروكورتيزون أو بريدنيزولون لاستبدال الكورتيزول.
- إذا كانت متلازمة كوشينغ ناجمة عن وجود أورام، فربما يوصي الطبيب المختص بالتدخل الجراحي وإزالته بالكامل، وعادة ما يستأصل جراح الأعصاب أورام الغدة النخامية، ويمكن أيضاً أن يتم الاستئصال من خلال الأنف، أما في حال كان الورم في الغدة الكظرية أو الرئتين أو البنكرياس، فيمكن للجراح إزالته من خلال عملية جراحية تقليدية.
- يتم علاج مرض القواتم عن طريق عملية جراحية.
- يعد الاستئصال الجراحي للغدة الكظرية أفضل الخيارات في حال وجود سرطان الغدة الدرقية، ثم استخدام العلاج الإشعاعي والأدوية الكيميائية.
معالجة التضخم
يلفت د.محمد إلى أن معالجة تضخم الغدة الكظرية الخلقي يتم عن طريق أكثر من خيار طبي؛ حيث يمكن أن تكون الحالة بحاجة إلى استخدام هرمون الكورتيكوستيرويدات لتعويض الكورتيزول، أو القشرانيات المعدنية لتعويض الألدوستيرون، كما تساهم المكملات الغذائية في الاحتفاظ بالملح والتخلص من نسبة البوتاسيوم الزائد في الجسم، ويمكن أن ينصح الطبيب المعالج بإجراء الجراحات الترميمية للرضيعات اللاتي لديهن أعضاء تناسلية مبهمة نتيجة فرط تنسج الكظر الخلقي.
متلازمة كون
تعد متلازمة كون من المشكلات المرضية التي تتسبب في اضطرابات الغدة الكظرية، وتحدث هذه الحالة بسبب زيادة إفراز هرمون «الألدوستيرون» على معدله الطبيعي، نتيجة لظهور ورم حميد بالغدة الكظرية، ويرافقها بعض الأعراض مثل: والصداع، والتعب العام والخمول، وارتفاع ضغط الدم، ونقص البوتاسيوم في الجسم، وضعف العضلات وتشنجها، والتبول المتكرر وخاصة في أثناء الليل، ويتم علاج متلازمة كون عن طريق أجراء استئصال الغدة الكظرية باستخدام المنظار الجراحي، وفي أغلب الحالات يمكن أن يعود مستوى ضغط الدم إلى الطبيعي خلال فترة تراوح من ثلاثة إلى ستة أشهر بعد الجراحة.
