تحقيق: راندا جرجس
على الرغم من المكاسب الصحية التي تعود على الجسم نتيجة الصيام، فإن هناك بعض المشكلات التي يمكن أن تتفاقم على مدار الشهر الكريم، بسبب العادات الخاطئة التي يتبعها الصائمون، وتؤثر سلباً في جودة الحياة. وفي السطور القادمة يسلط الخبراء والاستشاريون الضوء على هذه المشكلة وكيفية تفاديها.
تقول د. جوانا كويلو استشارية طب الأسرة: الصيام يؤثر بشكل إيجابي في جهاز المناعة، وتشير الدراسات إلى أنه يلعب دوراً مهماً في خفض معدل الالتهاب في الجسم، دون المساس بالاستجابة المناعية، إلا أن بعض العادات الخاطئة يمكن أن تتسبب في بعض المشكلات الصحية، مثل: استهلاك كميات كبيرة من الأطعمة، وخاصة التي تحتوي على نسبة عالية من السكر والدهون والمقليات وتضر بالصحة العامة، كما يؤدي الإفراط في تناول الوجبات المالحة والحارة إلى زيادة العطش والجفاف خلال النهار.
وتضيف: يتسبب إهمال العادات الصحية في إضعاف الجهاز المناعي، مثل: عدم ممارسة التمارين الرياضية بانتظام خلال شهر رمضان، وأنماط النوم المتقطعة، سواء بسبب انخفاض عدد الساعات الكافية أو النوم أثناء النهار، أو التواجد في التجمعات الاجتماعية بأماكن سيئة التهوية، ما يزيد من خطر انتقال العدوى.
وتؤكد أن التوصيات الصحية لشهر رمضان، تعتمد التخطيط الدقيق لمواعيد الصلاة والوجبات والنوم، ويعد تناول الطعام ببطء واختيار وجبات صحية ومتنوعة والترطيب الكافي بعد الإفطار أمراً بالغ الأهمية، فضلاً عن ضرورة تناول الأطعمة الغنية بالمياه مثل: حساء الخضار والطماطم والبطيخ وعصائر الفاكهة والخيار، واستبدال التمارين الشديدة بالخفيفة، وإعطاء الأولوية لروتين نوم ثابت للحفاظ على صحة المناعة.
- اضطرابات النوم
يوضح د. فابريزيو فاشيني استشاري أمراض الرئة، أن دورة النوم العادية يمكن أن تتأثر باللقاءات والأنشطة الاجتماعية التي تستمر في كثير من الأحيان حتى وقت متأخر من الليل، ما يؤثر سلباً في أنماط النوم والأكل، ويؤدي إلى الإصابة بالأرق وانقطاع النفس أثناء النوم، كما يتسبب تناول وجبة السحور قبل الرابعة صباحاً في تعطيل هذه الدورة الحيوية، ويكون له أثر سلبي في الصحة العقلية، كما يعمد بعض الأشخاص إلى البقاء مستيقظين طوال الليل وتناول وجبة كبيرة، ومن ثم النوم لمدة ست إلى ثماني ساعات، وهذا أيضاً لا يعتبر روتيناً صحياً، لذا يُفضل المحافظة قدر الإمكان على روتين النوم والاستيقاظ يومياً في نفس الوقت.
ويبين د. فاشيني أن الصائم يمكن أن يعاني آثاراً سلبية متعددة، نتيجة عدم الحصول على قسط كاف من النوم خلال شهر رمضان، ومنها الأرق وزيادة الارتباك والضبابية، المرتبط بالجوع الشديد والعطش خلال النهار.
إن أنماط النوم المتغيرة وزيادة احتمالية الإصابة باضطرابات النوم، يمكن أن تسبب تقلبات مزاجية ويقظة عقلية وارتباكاً وضبابية.
وينصح د. فاشيني بالنوم لمدة أربع ساعات على الأقل بعد الإفطار قبل الاستيقاظ لتناول وجبة السحور، وتليها غفوة قصيرة لمدة ساعتين للتحضير لليوم التالي، ويمثل أخذ قيلولة لمدة 20 دقيقة في فترة ما بعد الظهر أفضل فيتامين للنوم، كونها تتيح للإنسان استعادة الطاقة والانتباه، مع ضرورة الحرص على ضبط المنبه، لأن الإفراط في النوم يسبب الشعور بالمزيد من التعب، وتجدر الإشارة إلى أن قيلولة منتصف النهار تساهم في التخفيف من آثار قلة النوم خلال شهر رمضان.
ويلفت د. فاشيني إلى أن تنظيم نمط النوم يعتمد على تنظيم الساعة البيولوجية للجسم، وتُعد فترات النوم الطويلة أكثر فائدة من العديد من القيلولات القصيرة للحصول على قسط كاف من الراحة، بحيث لا تقل عن 4-5 ساعات بعد الإفطار قبل النهوض لتناول وجبة السحور.
وكقاعدة عامة، يجب الحرص على ترك مدة تتراوح ما بين ساعتين إلى ثلاث ساعات بين آخر وجبة وموعد النوم، لإتاحة المجال للمعدة للهضم.
ويتابع: من الأفضل تجنب تناول الأطباق الثقيلة أو السكرية أو الحارة في الإفطار، لأنها تؤثر بشكل سلبي في جودة النوم، وتؤدي في بعض الأحيان إلى الإصابة بالارتجاع أو عسر الهضم، كما أن استهلاك الكافيين قبل النوم بفترة قصيرة قد يسبب الأرق، وتجدر الإشارة إلى أن زيادة تناول الفواكه والخضروات والبروتينات النباتية من العوامل المهمة التي يمكن أن تساعد في تحسين النوم الصحي.
ويضيف: يؤدي الحد من استخدام الأجهزة الإلكترونية إلى الحصول على النوم الجيد، حيث يتسبب الضوء الأزرق المنبعث من الهاتف إلى تعطيل دورات الاستيقاظ والنوم المنتظمة في الجسم، ويجب الحرص على ممارسة الرياضة قبل موعد النوم بوقت طويل.
- عناية البشرة
تشير د. إيمان عبدالله، أخصائية الطب التجميلي، إلى أن هناك العديد من المشاكل التي تؤثر في الجلد والبشرة خلال الصيام نتيجة نقص المياه في الجسم والجفاف، ومن أبرزها الأكزيما، تقشر الجلد، ظهور التجاعيد الدقيقة، والحكة والاحمرار والتحسس المفرط، بالإضافة إلى تضرر الشعر، وزيادة تساقطه، وفقدان لمعانه وحيويته، ولذلك فإن الاهتمام بالروتين اليومي للبشرة من الضروريات الصحية.
- النشاط البدني لياقة للجسم والعضلات
ترى د. صفاء بازهري، أخصائية الطب الباطني، أن صيام رمضان له تأثيرات إيجابية مختلفة في الجسم، ويتسبب عدم أداء التمارين أو النشاط البدني في حدوث بعض الآثار السلبية، وفقدان العضلات نتيجة عدم النشاط خلال ساعات الصيام الطويلة، وخاصة عندما يكون تناول البروتين غير كاف، كما تؤدي قلة الحركة إلى انخفاض لياقة القلب والأوعية الدموية ومعدل الأيض وصعوبة الحفاظ على الوزن، ويتسبب الجلوس المستمر إلى تصلب المفاصل وألمها، خاصة عند كبار السن أو أولئك الذين يعانون مشكلات في المفاصل، ويساهم عدم ممارسة تمارين رفع الأثقال في زيادة خطر الإصابة بهشاشة العظام.
وتضيف: وتشمل الحالات الصحية التي تتطلب النشاط البدني خلال شهر رمضان للوقاية من المضاعفات، مرضى داء السكري الذين يواجهون صعوبات في التحكم في مستويات السكر في الدم أثناء الصيام، نتيجة عدم ممارسة التمارين الرياضية بانتظام، وكذلك أصحاب السمنة والوزن الزائد، ومشكلات القلب والشرايين.
وتشير د. صفاء بازهري، إلى أنه يجب اختيار نوع الرياضة المناسبة بين المتوسط إلى عالي الشدة، على مستوى اللياقة البدنية، ويكون تحديد أفضل وقت لممارسة الرياضة في شهر رمضان، بحسب التفضيلات والجداول الزمنية للشخص، حيث يساهم النشاط البدني قبل السحور في الترطيب والتزود بالوقود قبل بدء الصيام، بينما توفر التمارين بعد الإفطار فرصة لتجديد مخزون الطاقة وترطيب الجسم بعد ساعات الصيام، وتكون الفوائد كالآتي:
• شرب الكثير من الماء لمنع الجفاف أثناء ساعات الصيام، وتناول وجبة متوازنة تحتوي على الكربوهيدرات والبروتين والدهون الصحية لتوفير الطاقة اللازمة.