مــا نعرفـــه عن أنفسنا متواضع

00:07 صباحا
قراءة دقيقتين

إنه لمن المدهش بحق، أن ما نعرفه عن الإنسان متواضع جداً، على الرغم من أنه حقق منجزات واختراقات علمية عدة في مختلف المجالات من البيئة والطبيعة والعلوم والفضاء، وإن كانت تلك المنجزات والابتكارات ذات مستويات مختلفة، بعضها منجزات هائلة وأخرى متدنية، إلا أنها جميعاً لا تقارن بما تحقق على مستوى الإنسان نفسه.
فما نعرفه عن أنفسنا متواضع بكل ما تعني الكلمة، ما نعرفه عن طبيعتنا وتكويننا، سطحي وعام، وليس عميقاً ودقيقاً من الناحية العلمية.
يوجد تواضع معرفي وعلمي من الناحية الطبية والعلاجية، فما زالت الأمراض تفتك بالإنسان وتسقطه، وبعضها أمراض مميتة، وما زال بإمكان حشرات متواضعة وشديدة الصغر أن تقضي على الإنسان، وتنهي حياته بمجرد لسعة خاطفة سريعة وبسيطة، وما زلنا لا نفهم آلية عمل المخ البشري، ولا نستطيع الاقتراب منه، وكل ما يحدث هو محاولات في كثير من الأحيان تنتهي بالفشل، وكما هو واضح فإننا لم نحدث أي اختراق طبي فعلي، مع التقدير والاحترام لكل المنجزات التي تمت والتي بسببها حدث تطور وتقدم، وأسهمت في حماية البشرية، وبسببها تقدم العمر وزادت معدلات الشيخوخة والكهولة، إلاّ أن هذا جميعه لا يمنحنا المعدل الكامل ولا المتوسط في النجاح في فهم الإنسان.
الجانب الثاني هو: النفسي الشعوري؛ حيث إننا حتى اليوم نعتمد على نظريات عامة وقليلة، ونجعلها حقائق في مجال علم النفس العلاجي والسلوكي للإنسان؛ بل إن طرق العلاج مختلفة ونظرياتها متنوعة، وبالتالي فإن المدارس متعددة، فضلاً عن الإرث الاجتماعي الذي تملكه كل أمة من أمم الأرض ومن خلاله تفسر الظواهر والأفعال والتصرفات الصادرة من الأفراد وفق عرفها وإرثها، وهذا أيضاً يؤثر في فهم واضح وعميق ومحدد للنفس البشرية. نحن أمام تحديات حقيقية تتعلق بكل واحد منا، الإنسان الذي ذهب بعيداً ويستعد لتصنيع مركبات تمكنه من سبر أغوار الكون، يتوجه نحو المجهول وهو يجهل آلية التفكير في مخه، وهو يجهل أثر الشعور في قراراته. ولقد كان الدكتور عبدالستار إبراهيم، في كتابه الذي حمل عنوان «الإنسان وعلم النفس»، واضحاً وهو يشير إلى هذه النقطة تحديداً عندما قال: ما نعرفه اليوم عن الإنسان محدود، مقارنة بما نعرفه عن عناصر البيئة الأخرى والعالم المادي والطبيعي. حتى هذا القليل المحدود من المعرفة العلمية بالإنسان غير معروف إلا للقلة القليلة المتخصصة. دون أدنى شك، نحن نحتاج إلى العودة لدراسة الإنسان بشكل أعمق وأكثر دقة وأكثر اهتماماً.
[email protected]
 www.shaimaalmarzooqi.com

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتبة وناشرة إماراتية ومؤلفة لقصص الأطفال وروائية. حصلت على بكالوريوس تربية في الطفولة المبكرة ومرحلة ما قبل المدرسة والمرحلة الابتدائية، في عام 2011 من جامعة زايد بدبي. قدمت لمكتبة الطفل أكثر من 37 قصة، ومتخصصة في أدب اليافعين

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"