رسالة في زجاجة

00:04 صباحا
قراءة دقيقتين

ربما يكون الكثير منا قد شاهد فيلم «رسالة في زجاجة»، المنتج في العام 1999، من إخراج لويس ماندوكي وأدى دور البطولة فيه كيفن كوستنر، روبن رايت وبول نيومان، وهو مأخوذ عن رواية حملت الاسم نفسه، وتدور قصته حول صحفية تعثر على زجاجة داخلها رسالة على شاطئ البحر، وحين قرأت الرسالة وجدتها عبارة عن مذكرات كتبها شخص إلى زوجته المتوفاة، فنشأ لديها فضول للتعرف على الرجل، وسعت للوصول إليه، وحين أفلحت في ذلك حاولت مساعدته في الخروج مما كان يعانيه من كآبة وإحباط بسبب وفاة زوجته، وتنشأ بينهما، لاحقاً، قصة حب.
بعد حوالي ربع قرن على هذا الفيلم، سنكون إزاء قصة حقيقية هذه المرة، وغير متخيلة، عن العثور على زجاجة لعلها تشبه تلك التي كانت في الفيلم، وبداخلها رسالة أيضاً، والعاثرة على هذه الزجاجة امرأة أيضاً، لكنها ليست صحفية كبطلة الفيلم، كما أن كاتب الرسالة ليس عاشقاً فقد حبيبته، وإنما طفلة صغيرة، كانت في التاسعة من عمرها، حين كتبتها في العام 1996 أثناء مشاركتها في مشروع مدرسي وألقت بها في البحر، حتى عثرت تلك المرأة، واسمها ألينا أندرسن، على الزجاجة شمالي النرويج.
دونت الطفلة في تلك الرسالة عبارات عن حبها للحلوى ووصفاً لكلبها، ولمشروعات المدرسة التي شاركت فيها، وتفاصيل طفولية أخرى، ولم توجه الفتاة رسالتها إلى شخص بعينه، وإنما لمن يعثر عليها. وكالفضول، أو الشغف الذي هيمن على الصحفية في الفيلم، سعت المرأة التي عثرت على رسالة الطفلة التي أبحرت فيها الزجاجة طويلاً، إلى البحث عن الطفلة جوانا، أو التي كانت طفلة، مستعينة بوسائل التواصل الاجتماعي، التي لم تكن متاحة بالسلاسة نفسها للصحفية بطلة الفيلم.
وكما في الفيلم، استطاعت المرأة أن تصل لجوانا، والتي باتت اليوم امرأة تبلغ من العمر 34 سنة، وتقيم في نيو ساوث ويلز، لتكتشف أن المرأة بالكاد تتذكر أمر هذه الرسالة، حيث قالت: «أستطيع أن أتذكر بصعوبة بالغة أنني كتبت رسالة في زجاجة أثناء دراستي في مدرسة بيترهيد المركزية، والتي ألقينا بها في المياه في بيترهيد عام 1996»، معبرة عن دهشتها حين رأت الرسالة، وتساءلت بينها وبين نفسها: «هل كان خط يدي وأنا طفلة هكذا؟»، مضيفة: «كدت أموت من الضحك عندما قرأت الرسالة».
لعل الكثيرين يحتفظون في منازلهم بكراريس قديمة وأوراق تتضمن أشياء كتبوها وهم أطفال، ويعودون إليها، هم وأطفالهم وربما أحفادهم بحبور، لكن ما يميز رسالة الفتاة جوانا التي كانت في الزجاجة هو أنها «قضت وقتها في بحر الشمال».
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتب من البحرين من مواليد 1956 عمل في دائرة الثقافية بالشارقة، وهيئة البحرين للثقافة والتراث الوطني. وشغل منصب مدير تحرير عدد من الدوريات الثقافية بينها "الرافد" و"البحرين الثقافية". وأصدر عدة مؤلفات منها: "ترميم الذاكرة" و"خارج السرب" و"الكتابة بحبر أسود".

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"