عادي

تعرف إلى أول عربي يكتب عن الروس

18:09 مساء
قراءة 3 دقائق
الشارقة: «الخليج»
«وأقمنا بالجرجانية أياماً وجمد نهر جيحون، من أوله إلى آخره، وكان سمك الجمد سبعة عشر شبراً، وكانت الخيل والبغال والحمير والعجول تجتاز عليه كما تجتاز على الطرق وهو ثابت لا يتخلخل فأقام على ذلك ثلاثة أشهر، ورأينا بلداً ما ظننا إلا بابا من الزمهرير قد فتح علينا منه ولا يسقط فيه الثلج إلا ومعه ريح عاصف»، هكذا يصف الرحالة أحمد بن فضلان بلدة الجرجانية ونهر جيحون، ومناخاً شديد البرودة لم يألفه ذلك الرحالة القادم من بغداد في بدايات القرن الرابع الهجري، ويعد أول عربي يكتب عن الروس وعاداتهم وتقاليدهم.
بدأت رحلة ابن فضلان في عام 309 هـ بتكليف من الخليفة العباسي المقتدر بالله، وذلك عندما طلب منه ملك الصقالبة أن يرسل إليه بعثة تعرفه إلى الإسلام، وتبني له مسجداً، فضلاً عن حصن يتحصن فيه من الملوك المخالفين له، فأرسل له الخليفة وفداً يتكون من أربعة رجال أساسيين، منهم أحمد بن فضلان ذلك الذي ستتحول رحلته إلى رواية شهيرة بعنوان «أكلة الموتى» لمايكل كرايتون، وفيلم «المقاتل الثالث عشر».
المعلومات عن صاحب الرحلة شحيحة للغاية، وهناك خلاف حول اسمه هل هو أحمد أم محمد، وخلفيته الثقافية أو حتى مركزه ودرجة قربه من البلاط العباسي، وظل الاعتقاد لفترة طويلة أن ياقوت الحموي الوحيد الذي أشار إليه في «معجم البلدان» بالقول: «وقرأت رسالة عملها أحمد بن فضلان بن راشد بن حماد مولى محمد بن سليمان رسول المقتدر بالله إلى ملك الصقالبة، ذكر فيها ما شاهده منذ انفصل من بغداد إلى أن عاد إليها»، وقام ياقوت أيضاً بنشر عشرين صفحة من الرسالة في مواضع مختلفة تحدث فيها عن «خوارزم، باشغرد، بلغار، روس وخزر»، وظل هناك اعتقاد آخر أن الإصطخري والمسعودي قد قرأوا رسالة ابن فضلان ونقلوا عنه ما أورده عن الروس والخزر والبلغار، ولكن لا يوجد ما يؤكد ذلك، إلى أن انتشر كتاب القزويني «آثار البلاد وأخبار العباد» حيث يقول فيه: «قال ابن فضلان في رسالته «رأيت جيحون وقد جمد سبعة عشر شبرا»».
لقد ظلت رحلة ابن فضلان إشكالية على المستويات كافة، فعندما تقرأ لبعض من يكتب عن سبب هذه الرحلة ستجد رؤى تشتط في قراءاتها الفكرية الخاصة، فمثلاً يذهب بعضهم إلى أن سبب الرحلة إجابة عن سؤال وجهه ملك الصقالبة إلى الخليفة المقتدر يستفهم فيه عن سر جاذبية الإسلام وانتشاره بهذه السرعة في معظم أنحاء الأرض، ولكن أحمد بن فضلان يقول في بداية الرسالة:«لما وصل كتاب أمش بن يلطوار ملك الصقالبة إلى أمير المؤمنين المقتدر يسأله فيه البعثة إليه ممن يفقهه في الدين ويعرفه شرائع الإسلام ويبني له مسجداً، وينصب له منبراً ليقيم عليه الدعوة له في بلده، وجميع مملكته، ويسأله بناء حصن يتحصن فيه من الملوك المخالفين له، فأجيب إلى ما سأل من ذلك».
تكون وفد الرحلة من ابن فضلان وعبد الله بن باشتو الخزري، رسول ملك الصقالبة إلى المقتدر، والرسول من جهة هذا الأخير سوسن الرسي، وتكين التركي وبارس الصقلابي وقصدت بلاد الصقالبة، وهم سكان شمال القارة الأوروبية وكانوا يسكنون على أطراف نهر الفولغا وتقع عاصمتهم بالقرب من مدينة قازان اليوم في خط يوازي موسكو. وتجاوزت الرحلة في رواية مايكل كرايتون نهر الفولغا ووصلت إلى البلدان الاسكندنافية وخاصة السويد.
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"