الفن رسالة أم ترفيه؟

00:38 صباحا
قراءة دقيقتين

مارلين سلوم 

هاجت صفحات التواصل الاجتماعي وماجت، واحتد النقاش حول الفن، كأننا نطرح السؤال بعد طول المشوار الإبداعي في العالم العربي، وتحديداً في مصر، الأرض التي ولد فيها الفن العربي واتسع ليشمل باقي الدول، ونحتاج إلى أطروحات ومبررات لنفهم ما هو الفن وما الهدف منه؟ هل الفن رسالة، أم مجرد وسيلة للترفيه والاستمتاع؟ وهل الرسالة تنفي عن الفن صفة الترفيه، أم في كلمة ترفيه تقليل من شأن العمل الفني والعاملين فيه؟ 

من حسنات «السوشيال ميديا» أنه يعرض أمامك كل شيء، وأي شيء، ويتيح لك مشاهدة مقاطع من حوارات ومقابلات وتصريحات سبق أن أجراها مذيع أو مذيعة مع فنان كبير غادرنا. ومن حسن الحظ أن يخرج إلى الضوء مقطع من مقابلة أجريت في ماسبيرو مع الفنان الراحل المبدع أحمد زكي، في نقاش مباشر بين بطل فيلم «شادر السمك» (1986)، ومجموعة من صيادي السمك الذين حضروا إلى الاستوديو ليتحاوروا مع الفنان، معترضين على ما رأوا فيه صورة سلبية عن تجار السمك، وما يحصل من تحايل وتلاعب من قبل البعض. 

كلام أحمد زكي لا يخرج من فمه، بل من كل جوارحه وملامحه وتعبيراته وانفعالاته وحركة يديه وعينيه.. صادق في كل كلمة يدافع بها عن الفيلم الذي شاركته بطولته نبيلة عبيد، ومعهما محمد رضا، أخرجه علي عبدالخالق، وكان من تأليف نبيل نصار وسيناريو وحوار عبدالجواد يوسف. يحكي كيف تكبد المنتج الكثير من المال والجهد لبناء شادر السمك تماماً كما هو على أرض الواقع، وكيف كان يشتري كل يوم السمك الطازج ليأتي به إلى التصوير، وكيف عمل الطاقم كله لتقديم صورة حقيقية عما يحصل في الأسواق، بينما يحاول أحد هؤلاء التجار الواقفين أمام الفنان نفي أي تهمة عن زملاء المهنة، قبل أن يعود ليعترف بأن هناك بعض النماذج السيئة التي يتم طردها من السوق. 

دفاع أحمد زكي قبل سنوات بعيدة اختصر الجدل القائم حالياً حول طبيعة الفن، بل تحديداً التمثيل (المسرح والسينما والتلفزيون)، والهدف منه، وبكلمات بسيطة عبّر عن دوره كفنان ودور صناع الفيلم في تسليط الضوء على نماذج موجودة في الحياة وتقديمها في قالب درامي؛ وهنا نسأل: ما قيمة أي عمل فني إن لم ينطلق من أسُس واضحة ليقول شيئاً مفيداً؟ حتى الكوميديا التي تسعى إلى الترفيه عن الناس، تكون فاشلة ومرفوضة إن لم يكن لها هدف، وتحمل فكرة واضحة، عليها أن تقول للمشاهد الذي تتوجه إليه ما يفيده، وإلا صارت تفاهة وسذاجة لا يتقبلها عقل إنسان واع ومثقف ومدرك لقيمة الكلمة والفن والإبداع. 

ما من فن حقيقي بلا إبداع، وما من إبداع بلا فكرة واضحة وهدف و«رسالة»، وما من رسالة إلا وتصل إلى قلب الجمهور وعقله فيصفق لها، أو يرفضها.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتبة وناقدة سينمائية. حاصلة على إجازة في الإعلام من كلية الإعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية. ساهمت في إصدار ملحق "دنيا" لجريدة الاتحاد ومن ثم توليت مسؤولية إصدار ملحق "فضائيات وفنون" لصحيفة الخليج عام 2002 فضلا عن كتابتها النقدية الاجتماعية والثقافية والفنية. وشاركت كعضو لجنة تحكيم في مهرجان العين السينمائي في دورته الأولى عام ٢٠١٩

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"