باماكو المثقلة بالعقوبات

01:03 صباحا
قراءة دقيقتين

فيصل عابدون

يبدو واضحاً في أحداث نهاية الأسبوع الحالي، أن لهجة قادة بوركينا فاسو العسكريين الصريحة مع وفد «ايكواس» قد أثمرت في تعزيز ثقة التكتل الإفريقي الذي امتنع في اجتماع الخميس عن تشديد العقوبات على الجنرال سانداوغو داميبا الذي أظهر انفتاحاً إزاء العروض والاقتراحات التي قدمها الوفد الإفريقي حول أهمية وضع خارطة طريق معقولة لإعادة الحكم المدني في أسرع وقت ممكن. كما أبدى تعاوناً في ما يتعلق بخفض التدابير الأمنية المتعلقة بالانقلاب العسكري، وأصدر عشية القمة الطارئة للمجموعة قراراً بإنهاء حالة الطوارئ وإعادة العمل بالدستور. وهي مؤشرات اعتبرها زعماء «الايكواس» مشجعة باتجاه تفكيك الانقلاب على السلطة المدنية.

 وعلى العكس من ذلك، فإن قادة انقلاب مالي تنتظرهم عقوبات أشد وطأة من تلك التي يرزحون أصلاً تحتها منذ إعلان انقلابهم على الحكم المدني في مايو/أيار من العام الماضي. فقد عاقبت المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (ايكواس) الجنرال أسيمي غويتا بتعليق عضوية بلاده في المجموعة، وحاصرته بإغلاق حدود بلاده مع الدول الأخرى الأعضاء في التكتل، كما فرضت حظراً على التجارة والتعاملات المالية، إضافة إلى عقوبات استهدفت شخصيات معينة في المجلس العسكري الحاكم. وفاقمت العقوبات الأوضاع الاقتصادية في مالي، واشتكى قادتها العسكريون من أن الحصار الاقتصادي قد يؤدي إلى تعقيدات كبيرة بعد أن منعت القيود المفروضة باماكو من سداد قيمة سنداتها.

 لكن ذلك ليس نهاية الطريق بالنسبة للجنرال غويتا الذي تتهمه المجموعة الاقتصادية لغرب إفريقيا بالمماطلة والمراوغة وعدم الاستجابة لمطالب إعادة النظام الدستوري. فهناك عقوبات أشد قسوة في الطريق من القادة الأفارقة الذين استشعروا بالخطر على مستقبل الاستقرار والسلام في دولهم وفي دول القارة مع استشراء محاولات تقويض النظم الديمقراطية والزحف المستمر للعسكريين على مواقع السلطة السياسية.

 ويتهم قادة ال«ايكواس» قائد المجلس العسكري في مالي بالمسؤولية عن إطلاق موجة من الهجمات التي تستهدف الإطاحة بالحكومات الديمقراطية في دول المنطقة ويشمل ذلك انقلاب غينيا كوناكري وبوركينا فاسو والمحاولة الأخيرة الفاشلة التي شهدتها غينيا بيساو. وقال رئيس غانا نانا أكوفو-أدو في مستهل القمة إن «ازدياد الانقلابات في منطقتنا مصدر قلق بالغ»، داعياً التكتل إلى الحسم لإنهاء موجة الهجوم على الديمقراطية.

 وربما تشكل هزيمة انقلاب غينيا بيساو نقطة محورية يمكن أن تؤشر إلى بداية تراجع الموجة التي انطلقت في مالي، ودافعاً أقوى لزيادة الضغوط على الجنرال غويتا لإقناعه بتفكيك الوضع الاستثنائي الذي أنشأه، وذلك عبر عملية سياسية تتوسط فيها مجموعة «ايكواس» والشركاء الآخرون في الحرب ضد الإرهاب، ويتم خلالها الاتفاق على تسوية سياسية تعيد السلطة السياسية للمدنيين، مع ضمان قيام الجيش بمهامه الدستورية في حماية حدود الدولة ومواجهة التحديات الأمنية المتمثلة في تزايد نفوذ الجماعات الإرهابية وأنشطتها المدمرة.

 ولن ينجو الجنرال غويتا من موجات الحصار والعزلة الزاحفة، ليس فقط من قادة «ايكواس» ولكن أيضاً من قادة الاتحاد الإفريقي ومن الغرب والأمم المتحدة، إلا بالامتناع عن المراوغة وإبداء روح التعاون الشفاف.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"