فقدان الشغف تجاه العمل

00:01 صباحا
قراءة دقيقتين

نلتقي مع كثير من الأشخاص في العمل، ثم نفترق لنعاود اللقاء بهم مرة أخرى، فنجدهم ليسوا كما كانوا، نلاحظ أنهم أصبحوا باهتين تلاشت تلك اللمعة في أعينهم بحب الحياة، لا رغبة لهم في المزيد من الإنجاز أو تحقيق الأهداف، مستسلمين لروتين العمل الممل، دون أن يدركوا أن هذا الروتين يسرق منهم أجمل سنوات حياتهم، وعند تجاذب أطراف الحديث معهم نكتشف أنهم مروا بظروف صعبة جعلتهم يفقدون الطاقة والحماس للعمل والإنجاز، لدرجة وصلوا فيها إلى ما يعرف بمرحلة فقدان الشغف، وهي مرحلة طبيعية قد يمر بها كل إنسان في حياته نتيجة لظروف وضغوط تتراكم مع الوقت لتجعله غير مهتم بكل ما يحيط به، ولا يوجد لديه أي دافع أو رغبة في التحسين أو التطوير على المستوى الشخصي أو الوظيفي..
فما الأسباب التي تحوّل موظفاً شعلة من النشاط والحيوية وقمة في العطاء إلى شخص روتيني فاقد شغفه وغير قادر على الإنجاز والإبداع؟
هناك أسباب كثيرة لفقدان الشغف تجاه العمل، منها ما يتعلق ببيئة العمل نفسه، ومنها ما هو شخصي مثل الاختيار المهني الخاطئ، فالبعض يختار مهنة معينة بحكم أنها المتوفرة في ذاك الوقت، ليكتشف بمرور الزمن ومع الممارسة أنها صعبة جداً ولا يستطيع أن يكمل فيها، لكنه مستمر لحاجته إلى الراتب، متحملاً ضغوط العمل والوقت الطويل الذي يقضيه فيه، وعدم حصوله على ترقيات أو حوافز تشجيعية لسنوات طويلة، بالإضافة إلى المنافسة السلبية بين الزملاء، زد على ذلك الانتقادات السلبية المحبطة من بعض المديرين، التي تقلل من قيمة الإنجازات التي يحققها الموظف في العمل وتقتل روح الإبداع لديه.
وعند الوصول إلى هذه المرحلة من فقدان الشغف تجاه العمل، والملل المستمر الذي لا ينتهي مهما حاول الشخص التخلص منه يبدأ الشعور بالرغبة في تغيير العمل، أو البحث عن مكان عمل جديد، البعض يحالفه الحظ وينجح في ذلك، والبعض الآخر نسي نفسه فتقدم به العمر، وأصبحت فرصة حصوله على وظيفة جديدة صعبة جداً، فتجده يتهرب من عمله بتأدية الحد الأدنى المتوقع منه فقط، ولا يسعى إلى تحقيق إنجاز يفوق التوقعات، وينتظر التقاعد بفارغ الصبر، خاصة إذا كان يعمل في قطاع حكومي يضمن له راتباً تقاعدياً جيداً.
في مجال التعليم يجب ألا نسمح بوصول معلمينا إلى مرحلة فقدان الشغف تجاه العمل؛ لأنهم المحرك الرئيسي لعملية التعليم والتعلم، أداؤهم ينعكس على أداء طلبتهم وجودة مخرجاتهم التعليمية، هنا يأتي دور القائد الواعي القريب من موظفيه، والذي عليه أن يوفر لهم بيئة عمل تتسم بجودة حياة وظيفية داعمة للعمل والإنتاج والاستثمار في طاقاتهم الإبداعية، ويبقى الدور الأهم للموظف نفسه في إحداث التغيير الداخلي، والسعي إلى تطوير ذاته واستعادة شغفه تجاه الحياة والعمل.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

مسؤول تطوير جودة التعليم في وزارة التربية والتعليم

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"