ماكرون «الإطفائي» الأوروبي

00:58 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

وسط النفير والتوتر غير المسبوق، والغيوم الملبّدة التي تتجمع فوق أوروبا، وتنذر بصدام عسكري كارثي بين روسيا من جهة، وحلف الأطلسي والولايات المتحدة، من جهة ثانية، يتحرك الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، كرجل إطفاء أوروبي بصفته رئيساً للاتحاد، في مبادرة تستهدف نزع فتيل التوتر على الحدود الأوكرانية، والتوصل إلى حلول تزيل المخاوف الأمنية المشتركة، وتبعد عن القارة الأوروبية تجرّع الكأس المرة.

  وقبل وصوله إلى موسكو، أمس الأول، واجتماعه مع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، أجرى ماكرون اتصالاً بالرئيس الأمريكي، جو بايدن، وضعه في تفاصيل مهمته، وما يحمله من أفكار سيطرحها على بوتين، فيما كان المستشار الألماني أولاف شولتس يلتقي بالرئيس الأمريكي في البيت الأبيض للغرض نفسه،استعداداً لزيارة كييف وموسكو يومي 14 و15 الجاري.

 من الواضح أن هناك مبادرة فرنسية -ألمانية لإيجاد حل للأزمة الأوكرانية، وتجنّب السقوط في هاوية الصراع. ومن الواضح أيضاً أن لدى أوروبا مقاربة مختلفة عن المقاربة الأمريكية في ما يتعلق بالمخاوف الأمنية الروسية التي شرحتها موسكو في رسالتها إلى الدول الغربية، خصوصاً ما يتعلق بالضمانات التي تريدها حول عدم التوسع شرقاً، وعدم وجود قوات لحلف الأطلسي في أوروبا الشرقية. وقبيل وصوله إلى موسكو بعث الرئيس الفرنسي برسالة ضمنية إلى الكرملين عبر صحيفة «لوجورنال دو مانش»، أكد فيها أنه من المشروع «أن تطرح روسيا مسألة أمنها الخاص»، وهذا يعني أن هناك تفهماً لمطالب روسيا، لكن الأمر يتطلب وضع ذلك في إطار جماعي للأمن الأوروبي، إذ لا يجوز أن يتم ضمان أمن أية دولة على حساب أمن دولة أخرى.

  وبعد محادثاته في الكرملين مع بوتين على مدى خمس ساعات، أكد ماكرون أنه عرض «بناء ضمانات أمنية ملموسة لكل الدول المعنية بالأزمة الأوكرانية»، وأشار إلى أن الرئيس بوتين «أكد لي استعداده للالتزام بهذا المنطق، ورغبته في الحفاظ على الاستقرار وعلى وحدة أوكرانيا». وأضاف ماكرون «لا أمن للأوروبيين ما لم يكن هناك أمن لروسيا». وتعهد سيد الإليزيه «بتكثيف الإتصالات» مع كل شركائه من أجل «بناء حلول جديدة»، وأضح أنه تم» رسم بعض الخيوط خلال اللقاء.. وسنتواصل مجدداً خلال أيام». أما الرئيس بوتين فأكد من جانبه أنه «لا توجد نقطة واحدة غير قابلة للتنفيذ في مقترحات موسكو بشأن الضمانات الأمنية». واشتكى من أن أوكرانيا لم تمتثل لاتفاقيات مينسك.

  وبعد موسكو، انتقل الرئيس الفرنسي إلى كييف للاجتماع بالرئيس الأوكراني، فلودومير زيلينسكي، ليعرض عليه نتائج محادثاته في موسكو، وما يحمله من أفكار روسية، كما سيحثه على الامتثال لاتفاقيات مينسك.

 ألمانيا من جهتها، التي فضّلت عدم إرسال أسلحة إلى أوكرانيا، كما فعلت بعض الدول الأوروبية الأخرى، تريد استخدام الدبلوماسية كأداة لتخفيف التوتر، ولهذا تحرك المستشار شولتس، بالتناغم مع ماكرون، باتجاه واشنطن مقدمة لزيارة موسكو وكييف.

 أوروبا التي أُنهكت في حربين عالميتين لا تريد أن تكون ساحة لحرب أخرى.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"