الإيجابية والجدية

00:00 صباحا
قراءة دقيقتين

لطالما سمعنا عن أثر الإيجابية في حياتنا، ومنها التفكير الإيجابي، وأن تنظر للعقبات والصعوبات ومختلف ما يواجهك في الحياة بحيوية وتفاؤل، وهذا من حيث المبدأ يعد صحيحاً، فالتسبب بالضغوط النفسية والتوتر والقلق، لا طائل منه، ولن يدفع بك نحو الأمام، ومع هذا فإن التفكير الإيجابي بشكل دائم وعام غير صحيح، وهذا القول قد يجده البعض مبعثاً للاستغراب، لننظر للموضوع من زاوية مختلفة قليلاً؛ وذلك عندما توصف الإيجابية بالاعتقاد بأن ما تسعى إليه قد حصلت عليه، أو من السهولة تحقيقه، عندما تكون الإيجابية سبباً في النظر للمهام والواجبات باستهانة، وتبسيطها وعدم الاستعداد لها، عندما تكون الإيجابية مبعثاً على التسويف والتأجيل لكل ما هو مهم في حياتنا، لأننا نعتقد أن إنجازها سيتحقق في أي مرحلة نريدها.
وهذا الجانب توصلت له أستاذة علم النفس في جامعة نيويورك، الدكتورة غابرييل اويتينجر، في بحث علمي استغرق إنجازه نحو عشرين عاماً، استنتجت خلاله أنه من المفيد أن يكون الإنسان إيجابياً، لكن إذا كان يأتي مع نظرة واقعية لأمور الحياة. 
دون شك أن هناك من سيجد صعوبة في فهم هذا السياق المحذر من المبالغة في الإيجابية أو الإفراط في جرعاتها، خاصة مع السيل الجارف الذي يحث عليها، وأنا شخصياً كتبت عدة مرات عن أثر الإيجابية في حياتنا، وقوتها في صمودنا أمام التحديات والصعوبات، ولكن كما لكل قاعدة شواذ، وكما أنه لكل جانب مفيد محاذير، فإن الإفراط في الإيجابية دون شك له آثار مدوية وقد لا تحمد عقباها عندما يتعلق الأمر تحديداً بالمستقبل والاستعداد له.
لذا أعود للقول إن التفكير بطريقة إيجابية، مفيد ورائع، لكن يجب ألا يتم مزجه مع تزييف الحقائق، أو تخيل الأمور الخطأ على أنها صحيحة، عندما تعرف بأن الاختبار الذي ستقوم بحضوره في الغد سيكون لمقرر صعب، وتحتاج إلى بذل جهد كبير، واستذكار جاد، هنا قد يفيد أن تؤمن بقدراتك وأنك ستؤدي أداء جيداً فيه، وتفكر بشكل إيجابي، لكن هذا غير كافٍ، يجب أن تدرس بجد واجتهاد، الأمر نفسه ينطبق على جميع جوانب الحياة والمواقف المختلفة التي ستعيشها. نعم صحيح التفكير الإيجابي، له تأثير كبير في الصحة النفسية، كما أنه يؤثر بشكل مباشر في الإنتاجية وطريقة التعامل مع مواقف الحياة، وهذا أيضاً صحيح، لكن يجب التنبه لنقطة الموازنة، كن إيجابياً وفي اللحظة نفسها كن جاداً وواقعياً.
[email protected]
 www.shaimaalmarzooqi.com

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتبة وناشرة إماراتية ومؤلفة لقصص الأطفال وروائية. حصلت على بكالوريوس تربية في الطفولة المبكرة ومرحلة ما قبل المدرسة والمرحلة الابتدائية، في عام 2011 من جامعة زايد بدبي. قدمت لمكتبة الطفل أكثر من 37 قصة، ومتخصصة في أدب اليافعين

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"