عادي

الابتكار التكنولوجي وتنويع الأعمال جوهر مواجهة تداعيات الجائحة

22:20 مساء
قراءة 4 دقائق
دبي: «الخليج»

صاغت تأثيرات جائحة كورونا حول العالم، مشهداً جديداً للأعمال، وخرجت الحكومات والمؤسسات من الجائحة أكثر مرونة ومناعة وقدرة على مواجهة الاضطرابات والتحديات المستقبلية. وتشترك جميعها في سمة واحدة تجسدت في تعاملها مع الجائحة بصفتها فرصة لإعادة النظر في نماذج أعمالها، حيث سارعت إلى التنويع والابتكار بالاعتماد على التكنولوجيا لرقمنة عملياتها وخدماتها، مما مكنها من النجاة واستمرار النمو والازدهار.

فالتكنولوجيا كانت العنصر الجوهري في الاستراتيجية التي تبنتها الشركات لإعادة النظر في الطريقة التي تدير بها أعمالها، بالاستفادة من التقنيات والحلول الناشئة في مجالات الإنترنت والحوسبة السحابية، والذكاء الاصطناعي والبنية التحتية القوية للجيل الخامس. وفي دولة الإمارات العربية المتحدة، رسخت العديد من الشركات مكانتها خلال فترة الجائحة ووسعت أعمالها على مستوى الدولة والمنطقة والعالم، واستمرت في النمو على الرغم من التحديات. وشمل التوسّع تأسيس شركات ومنشآت جديدة بتخصصات جديدة، فضلًا عن بدء مشروعات جديدة وعمليات ضم وإعادة تشكيل لدخول مجالات عمل جديدة.

تبني استراتيجيات الرقمنة

وتم كل ذلك بفضل تبني استراتيجيات الرقمنة والاعتماد على التقنيات الحديثة. واجتمعت هذه الشركات على رأي موحد مفاده أن الجائحة شكّلت فرصة لإعادة النظر في نماذج أعمالها واستراتيجياتها وحفزتها على التركيز على الابتكار وإيجاد أساليب وآليات عمل جديدة، وإطلاق خدمات جديدة تتناسب مع طبيعة المرحلة الحالية والمستقبلية، مؤكدة أن بيئة الأعمال في دولة الإمارات حافظت على مرونتها على الرغم من حجم التحدي الذي أفرزته الجائحة على مستوى العالم، بفضل التعاون بين القطاعين العام والخاص والانفتاح على مختلف الموردين العالميين للتكنولوجيا، بغض النظر عن جنسياتهم.

عوائق في الطريق

لكن هناك عوائق تقف في طريق تبني استراتيجية التنوع والابتكار لمواجهة التحديات ومواكبة التطورات الجديدة التي تعتمد على التكنولوجيا لأداء الأعمال بطريقة مبتكرة، ألا وهو ما يشهده العالم حالياً من توجهات لتسييس للتكنولوجيا. وتمثل سياسة الولايات المتحدة الأمريكية تجاه شركات التكنولوجيا الصينية التي برزت كمنافس قوي في وجه القدرات التقنية الأمريكية والغربية، مثالاً واضحاً على ذلك. وقدا رأينا على مدار السنوات الماضية كيف وقع المارد الصيني هواوي، ضحية الحظر والقيود التي فرضتها الولايات المتحدة عليه، ورأى فيه العديد من الخبراء مجرد محاولة لإبطاء تسارع نمو التكنولوجيا الصينية التي غزت العالم. ولم يقتصر الأمر على هواوي، فقد فرضت أمريكا قيوداً تجارية على شركات تكنولوجيا في اليابان وباكستان وسنغافورة التي بدأ العديد منها في التفوق على نظيراتها الغربية في مجال الابتكار الرقمي.

كيف تعاملت «هواوي؟»

تعاملت هواوي مع إجراءات الحظر والقيود الأمريكية من منظور مختلف، فقد زادت استثماراتها في البحث والتطوير لإنتاج مزيد من الابتكارات المفيدة لمستقبل البشرية. وفي عام 2020 وحده، بلغ إجمالي استثماراتها في البحث والتطوير أكثر من 20 مليار دولار أمريكي، وتجاوزت 110 مليارات دولار خلال العقد الماضي، ما مكّنها من أن تكون في قائمة أفضل مقدمي براءات الاختراع في العالم، وريادة تقنية الجيل الخامس عالمياً بلا منافس. وكذلك برزت الشركة في سوق الخدمات السحابية في الشرق الأوسط وعالمياً خلال فترة الجائحة التي تسارع فيها الطلب على الاستفادة من قدرات السحابة. وأطلقت هواوي أعمالها للطاقة الرقمية من دبي إلى العالم، كما دخلت مجال تقنيات وحلول قطاع السيارات لمساعدة مصنعيها على صنع سيارات أكثر اتصالاً وذكاء، وذلك نموذج مهم في التركيز على نهج الابتكار وتنويع الأعمال ومصادر الدخل في مواجهة التحديات.

وبدلاً من فرض قيود على التجارة، سيكون من الجيد للحكومات والشركات أن تركز على التعاون في مجال الابتكار المشترك، والنظر في فرص تنويع الأعمال لتحقيق نجاحات متتالية في حقبة رقمية جديدة. ونظراً لتطلع العديد من الشركات إلى إحراز التطور والنمو والازدهار في عالم الاقتصاد الرقمي الذي بات سمة لعصر الأعمال في يومنا هذا، فإن تضافر جهود القطاعين العام والخاص، والتعاون المفتوح، سيثبت أنه الحل الأمثل لمواجهة التحديات المستقبلية.

الاتحاد الدولي للاتصالات قدّر مؤخراً أن زيادة الرقمنة بنسبة 10%، يمكن أن تؤدي إلى نمو مماثل في الناتج المحلي الإجمالي للفرد بنسبة 2.49% في الدول العربية. وبما أن المؤسسات في الإمارات تتمتع بمزايا الاستفادة من البنية التحتية المتطورة، وجملة واسعة من التسهيلات، يمكنها التركيز على إعادة النظر في تشكيل نماذج أعمالها والاستفادة من مزايا التقدم التكنولوجي العالمي لتكون أكثر جاهزية في وجه أي تحديات مستقبلية. ويمكن لرواد الأعمال والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة الناشئة تبني هذا النهج لضمان النجاح في المستقبل.

فسياسة التركيز على الابتكار وتنويع الأعمال في مواجهة الصعوبات بعيداً عن متاهات السياسة وشراسات التنافس التجاري غير العادل، أمر مهم يجب على قادة الأعمال النظر فيه بتمعن. وعلينا جميعاً رفع نداءات التعاون المنفتح في مجال البحث باستمرار عن فرص للتنويع والابتكار في مواجهة التحديات العالمية والارتقاء بمستقبل رفاهية البشرية.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"