عادي
على هامش الحكاية

تعرف إلى أشهر مقولة سياسية

21:18 مساء
قراءة دقيقتين

الشارقة – عثمان حسن

أن تعيش بعض المقولات الفكرية أو الفلسفية لأجيال وقرون وتستمر في التداول على الألسنة، فهذا يستدعي التمعن والتوقف، فما الذي يجعل مثل هذه المقولات حية وخالدة في وجدان الناس، وما هي مصادر قوة وتأثير هذه المقولات؟ هل هو المعنى أو الحكمة، أم غير ذلك؟ كما هو حال المقولة الشهيرة «الغاية تبرر الوسيلة» التي وردت على لسان المفكر والفيلسوف الإيطالي ميكافيلي صاحب كتاب «الأمير» الذي صدر في 1513.

عاش ميكافيلي بين عامي (1469 و1527) وولد في فلورنسا / إيطاليا، ويعد من أبرز كتاب عصر النهضة، ويطلق عليه «أب العلوم السياسية الحديثة».

ألّف ميكافيلي كتابه «الأمير» هادفاً من ورائه إلى كتابة تعليمات للحكام، بعد موته، وأيّد فيه كل ما هو ضروري لاستمرار آلية الحكم وهو ما عرف بالواقعية السياسية.

بحسب كثير من المفكرين، فقد كان لميكافيلي دور مهم في تطور الفكر السياسي، وأنه أسس منهجاً جديداً في السياسة، وبشر بأفكار تتجاوز المفاهيم السائدة المتمثلة في النموذج السائد في القرون الوسطى، وهي الفترة التي بشرت بولادة مفكرين آخرين، يحسبون على عصر التنوير مثل: (فولتير، ومونتسكيو، وجون لوك، وجان جاك روسو، وغيرهم) وهكذا كان ميكافيلي نقطة تحول أساسية في تاريخ الفكر السياسي.

لقد أثارت تلك الجملة جدلاً كبيراً منذ وردت على لسان ميكافيلي إلى اليوم، فهي ترتبط بعلاقة طردية مع المبادئ والغايات، وهي تشكل معضلة في حال تم تبنّيها بغرض البطش أو الظلم وما هو نفعي وآنيّ، ولا يرتبط بالمصلحة العامة.

والمقولة بحسب بعض الآراء النقدية، تنطوي على مفارقة لجهة تبرير ما هو غريب ومستهجن في بعض الأحيان لتحقيق هدف ما.

وهذه الجملة، رغم أن قائلها كان مع وحدة الشعب الإيطالي، حين أصدر كتابه «الأمير»، تظل عسيرة المعالجة، بل هي جملة تتعذر ليس لأنها قاعدة، بل هي في حاجة إلى قواعد أخرى للتحليل، هي في نظر التحليل المنهجي، مقولة غارقة في المجاز، ولا يمكن بناء استنتاج منطقي حولها، ويظل أنها قاعدة مرتبطة بسلطة الأمير الإيطالي في حينه، ما يعني أنها ليست قاعدة أخلاقية أو عامة يمكن تبنيها.

استوقفت هذه الجملة الفيلسوف الألماني «هيغل» فرأى أن لها أهدافاً تربوية، وبعضهم يرى أنها كانت سبباً في كل مظاهر الانهيار الأخلاقي في تدبير العلاقات الدولية.

ومن المثير حقاً، أن يتم تداول هذه الجملة على ألسنة مفكرين خاضوا صراعات فكرية في عصور مختلفة، ومما يمكن الوقوف عنده، أن لها تبريراً كما قلنا «مجازياً» يحمل من الغموض الكثير، والخطورة هو إخراجها من حيز المجاز إلى الواقع، لتصبح قاعدة عامة، وسلوكاً اجتماعياً ينسف المبادئ والقيم الإنسانية.

بقي أن نشير إلى ميكافيلي نفسه، قد تحدث عن كون الناس ينظرون إلى أهداف القائد لا إلى أفعاله التي يقوم بها في ذلك السبيل، وتبعاً لذلك، فهذه المقولة ليست بالسوء الذي يتم تصويرها فيه، كما لو أنها سبيل لتبرير أية تصرفات وسلوكات مستهجنة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"