عدوى «أبو العروسة»

00:10 صباحا
قراءة دقيقتين

مارلين سلوم

لماذا كل هذا الحب والإحساس بالراحة والبهجة لمسلسل «أبو العروسة» منذ جزئه الأول عام 2017 حتى الجزء الثالث حالياً؟ هل بسبب الحضور الرائع والأداء المميز لسيد رجب وسوسن بدر وأحمد صيام وصفاء الطوخي إلى جانب كل الممثلين من أكبرهم لأصغرهم والذين لا تملك إلا أن تتعلق بهم وتبكي لبكائهم وتضحك لضحكهم؟ بلا شك حصلت ألفة بين الجمهور وتلك الشخصيات التي نشعر وكأنها باتت جزءاً من عائلة كل واحد منا، وبلا شك أن أداءهم السلس أسهم في نجاح العمل، لكن هناك خيط آخر عرف كيف يربطنا بالمسلسل، ويجبرنا على الجلوس أمام الشاشة كباراً وصغاراً ننتظر الأحداث، ونبحث عن القديم منها على الإنترنت، ونعيد مشاهدته ويستوحي البعض عبارات قالها «عبد الحميد» أو «عايدة» أو «داوود» أو «زينة» أو «طارق»، ويعيد كتابتها على صفحته على «تويتر» أو «إنستجرام».

هذا الخيط مصدره الأول التأليف أو القصة أو الكتابة أو الورق كما يسمونه، أي هو مرهون بما كتبه مؤلف المسلسل بكافة أجزائه هاني كمال، وقدرته على إعادتنا إلى زمن المسلسلات العائلية الجميلة؛ حيث القيم تسود، والأخلاق خط أحمر، والصداقة الحقيقية ما زالت بخير، والزمالة في العمل تدوم وتستمر مدى العمر.

«أبو العروسة» كأنه يأتي من عالم كان حقيقياً ولم يعد موجوداً؛ لذلك تجد بعض تعليقات المتابعين على وسائل التواصل مستغربة كل هذا الجمال في العمل، مؤكدة أنه غير واقعي، ولا يشبه «الأسرة المصرية». المؤكد أنه لا يشبه ما نعيشه اليوم من تفتت وتشويه للمبادئ الصحيحة والصحية، وللقيم التي نشأنا عليها ومازال البعض يتمسك بها ويربي أبناءه على أساسها حتى ولو أراد لهم أن يعيشوا وسط عالم منفتح متحضر ومتطور، فهذا لا ينفي ذاك، ولا يتعارض معه إذا عرفنا كيف نقيّم الأشياء، ونضع الأمور في مكانها الصحيح، ونتطور دون أن نتخلى عن الجوهر.

لا يشبهنا المسلسل؟ وهل مسلسلات محمد رمضان وكم البلطجة والدماء والبذاءة والشتائم في المسلسلات التي راجت وتنتشر كل عام من نفس النوعية هي الواقع الذي نريد له أن يشبهنا ونتشبه به، وتنشأ الأجيال الجديدة على شاكلتها، ونتبنى أفكارها وينطق الأطفال والشباب بلسان أبطالها؟ الهدف من المشاهدة أن نصاب بالعدوى، تنتقل حالة تلك العائلات إلينا، نقلدهم، نغار من جمالهم وأفكارهم وحكمتهم في حل مشاكلهم وقوة إيمانهم وتوكلهم على الله، ونتعلم من أخطائهم أيضاً.

حالة البهجة التي تصيبنا أثناء مشاهدة «أبو العروسة» تسعدنا، تجمع كل أفراد الأسرة، حتى الأبناء الذين يفضلون المسلسلات الأجنبية عادة يحبون «أبو العروسة» بكل أبطاله وينتظرونه بشوق، وهي نقطة مهمة وإيجابية تحسب له.

لا شك أن الإخراج لعب دوراً مهماً في المسلسل، المخرج كمال منصور الذي وضع الأسس الجميلة في الجزأين الأول والثاني ثم تولى إخراج الجزء الثالث هاني كمال، شريك في جمال الصورة ورقيّها وأماكن التصوير المنسجمة مع جمال العمل بكامله.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتبة وناقدة سينمائية. حاصلة على إجازة في الإعلام من كلية الإعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية. ساهمت في إصدار ملحق "دنيا" لجريدة الاتحاد ومن ثم توليت مسؤولية إصدار ملحق "فضائيات وفنون" لصحيفة الخليج عام 2002 فضلا عن كتابتها النقدية الاجتماعية والثقافية والفنية. وشاركت كعضو لجنة تحكيم في مهرجان العين السينمائي في دورته الأولى عام ٢٠١٩

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"